أخبار السودان

هم ظاهرة صوتية

جعفر عباس

«هم» في العنوان أعلاه ساستنا، وهم ظاهرة صوتية لأنهم ظلوا لا يمارسون شيئا سوى طق الحنك، ويقولون ما لا يفعلون، والقدرات الخطابية وقوة الحبال الصوتية، ولغة الجسد بالتلويح بالقبضات، ظلت أسلحة مخاطبة الجماهير، بهدف إقناعها بأن باكر أحلى، وباكر في باكر، دون أن يعرف الشعب طعم الحلاوة، جعلت الناس تنصرف عن الاحتشاد أمام تجار الكلام، ولم تعد ما كان يعرف بالليالي السياسية،تحظى بالزبائن الذين أصبحوا مقرمين ومكحلين بالشطة، بعد أن علمتهم التجارب أن البضاعة التي تُعرض عليهم عبر المنابر السياسية فاسدة
وهكذا صارت الخطب السياسية في التراث الشعبي، أقل موثوقية من كلام الجرايد، وكلام الجرايد سبة التصقت بالصحف، لأنها _ أو معظمها عوضا _ عن ممارسة التنوير والإعلام، صارت أبواقا للسياسيين وتمارس التجهيل والتضليل، ليس بالضرورة عن اقتناع، ولكن من باب التقية، أو بمنطق خادم الفكي مجبورة على الصلاة
نال يحيى الفضلي لقب دينمو الحزب الوطني الاتحادي، لسبب رئيس هو قدراته الخطابية العالية، التي كانت جماهير الحزب تطرب لها، ورحل الفضلي عن الدنيا، فصار كل نصيبه من المديح، ليس أنه أنجز شيئا ما عندما كان وزيرا وقائدا بارزا في صفوف حزب جماهير المدن والمتعلمين، ولكن لأنه كان نظيف اليد، وعاش ومات في بيت مستأجر من «الأوقاف، (وكل ما هناك هو أن الفضلي كان مستمسكا بقيم النزاهة والاستقامة، ولما صارت المناصب مطية للوجاهة طارت تلك القيم واستحق الرجل الذكر الحسن).
وانفرد إسماعيل الأزهري بأنه رفع علم الاستقلال، ولا شك في أنه استحق ذلك الشرف، بعد مسيرة نضالية مشرفة، ولكن رفع العلم ليس إنجازا شخصيا له، بل جاء الدور عليه في تلك المرحلة فقام بتلك المهمة، وكان الهتاف كلما ظهر هو أو كبار شخصيات حزبه في منبر عام «حررت الناس يا إسماعيل، الكانوا عبيد والكل بقى سيد»، وإلى يومنا هذا هناك من يتعامل مع إعلان الأزهري بأنه قدم للشعب استقلالا ليس فيه «شق أو طق»، كأنه حديث قدسي، رغم أن الوقائع تشهد بأن كل ما عاناه بلدنا عبر ستة عقود، نشأ عن استقلالٍ ولد كثير الشقوق والثقوب، لأن بلوغ الحكم بعد 1 يناير 1956، لم يكن صراعا بين الأفكار والبرامج بل بين السيدين الجليلين، ولأن الأزهري كان أمينا مع نفسه عندما أعلن أن الأمر يتعلق بالتحرير وليس بالتعمير، وحتى بعد مرور ستين سنة على الاستقلال، لا يهم الناس المأخوذين بسحر لحظة رفع العلم أن التحرير كان بروتوكوليا فقط، ولم يتحرر الشعب من أعدائه الحقيقيين: الفقر والجهل والمرض (واستحق الأزهري الإشادة عن جدارة، لأنه عاش ومات نظيف اليد طاهرها)
حزب الأمة أوكل أمر الخطابة في المدن لمحمد أحمد محجوب في بادئ الأمر، (جماهيره في الأرياف والأطراف كانت تدين له بالولاء الكامل، ولم تكن بها حاجة لخطب لحثها على الالتفاف حول قيادة الحزب)، ثم صعد الصادق المهدي على المسرح السياسي، وصار الصوت الأوحد للحزب، وأثبت منذ أيامه الأولى كقائد سياسي، قدرات هائلة على «الكلام المرتب»، والمسبك، ورغم أنه لم يكن غوغائيا قط في خطبه، فقد صارت جماهيره مقتنعة بأنه «امل الأمة»، وقبلها كان الحزب هو «أمل الأمة»، والرجل، وإلى يومنا هذا يميل إلى طرح الأفكار بلغة هادئة وجزلة، إلا ان التاريخ يشهد أن تلك الأفكار كانت تصبح كلما جلس على كرسي الحكم، في معظمها من قبيل كلام الليل يمحوه النهار.
والشاهد هو أن الرعيل الأول من أهل السياسة بعد الاستقلال هو من كرس التقليد الذي صار راسخا وإلى يومنا هذا، بأن الرك في السياسة والحكم، على قدرات اللسان وجميل البيان، وكم من حلو لسان قليل إحسان.

الصحافة

تعليق واحد

  1. (واستحق الأزهري الإشادة عن جدارة، لأنه عاش ومات نظيف اليد طاهرها)
    والجماعة مالك ماجبت سيرتهم

  2. مع احترامى ابو الجعافر …انت من الكتاب الساخريين ..وليس كساخر ليل اخونا الفاتح جبرا الذى يضرب على الوجع باسلوب راقى..انت عاوز تحاكم التاريخ كالذيين يريدون محاكمة الفتنة الكبرى كل وقت بظروفه ماسمعت الاغنية السودانية كل الناس حاكماه ظروف ..كما من هارب وقتل ومجده الناس بطل ..وهو ليس ببطل ..وكم من شريف ومناضل شنق بتهمة الخيانة الوطنية..الاسلام ظل الوحى يدعوا ويبشر للاسلام ومكارم الاخلاق ..عندما حان وقت القتال اظن الله لهم ..اكبر انجاز أن ورثوا الاجيال النزاهة واكل الحلال لاغلب اهل السودان ..الا المخلوعيين والفجوعيين ..رغم من الفقراء يبيت القوى ولا يمد يده لحق الناس ..علونا لو لقيت وقيعة لا تأخذها..
    ..بس ما قلت حلك شنو ..
    ولا تكلمت عن خط هثرو.. ولا عملت لفة ولا كسرة الذى تجاوب معه الرئيس.. ابو الجعافر…اكتب فى جريدة الوطن ..وفى البحريين العرب …يضحكوا..كلامك مع احترامى لك كلام الطير ..فى شجر البخ؟؟لانو اللبخ راح زى روحتك…اخير اخونا اسحاق الحلنقى..يكتب تلغراف فنى عذب ..بنقلك بين التاريخ والجغرافيا..وبين الحنايا والسرد …جيتك ما حجيتك

    انا ادعو الكتاب ان يقرأوا تعليق القراء ..هم كتاب بارعيين ..لا يحبون الاضواء..ومواهب زهدت عن اللمعان البراق
    لك احترامى ..اختلاف الرأى لا ……يجيب زعل

  3. بالله في ظاهرة صوتية اكتر من الحاكم السودان اسي ؟؟
    مالك ما جبتا سيرتو يا ابو الجعافر .. غايتو الفار بدا يلعب في عبي

  4. (واستحق الأزهري الإشادة عن جدارة، لأنه عاش ومات نظيف اليد طاهرها)
    والجماعة مالك ماجبت سيرتهم

  5. مع احترامى ابو الجعافر …انت من الكتاب الساخريين ..وليس كساخر ليل اخونا الفاتح جبرا الذى يضرب على الوجع باسلوب راقى..انت عاوز تحاكم التاريخ كالذيين يريدون محاكمة الفتنة الكبرى كل وقت بظروفه ماسمعت الاغنية السودانية كل الناس حاكماه ظروف ..كما من هارب وقتل ومجده الناس بطل ..وهو ليس ببطل ..وكم من شريف ومناضل شنق بتهمة الخيانة الوطنية..الاسلام ظل الوحى يدعوا ويبشر للاسلام ومكارم الاخلاق ..عندما حان وقت القتال اظن الله لهم ..اكبر انجاز أن ورثوا الاجيال النزاهة واكل الحلال لاغلب اهل السودان ..الا المخلوعيين والفجوعيين ..رغم من الفقراء يبيت القوى ولا يمد يده لحق الناس ..علونا لو لقيت وقيعة لا تأخذها..
    ..بس ما قلت حلك شنو ..
    ولا تكلمت عن خط هثرو.. ولا عملت لفة ولا كسرة الذى تجاوب معه الرئيس.. ابو الجعافر…اكتب فى جريدة الوطن ..وفى البحريين العرب …يضحكوا..كلامك مع احترامى لك كلام الطير ..فى شجر البخ؟؟لانو اللبخ راح زى روحتك…اخير اخونا اسحاق الحلنقى..يكتب تلغراف فنى عذب ..بنقلك بين التاريخ والجغرافيا..وبين الحنايا والسرد …جيتك ما حجيتك

    انا ادعو الكتاب ان يقرأوا تعليق القراء ..هم كتاب بارعيين ..لا يحبون الاضواء..ومواهب زهدت عن اللمعان البراق
    لك احترامى ..اختلاف الرأى لا ……يجيب زعل

  6. بالله في ظاهرة صوتية اكتر من الحاكم السودان اسي ؟؟
    مالك ما جبتا سيرتو يا ابو الجعافر .. غايتو الفار بدا يلعب في عبي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..