وقائع (جلسة استثنائية) ..!

نبض المجالس
بالامس قالت الحكومة انها ربما تلتقي اليوم الخميس بكل طاقمها الوزاري في جلسة استثنائية او بالاحرى (فوق العادة) للتفاكر والنقاش حول قضايا (معاش الناس) دونما اعتراف صريح منها بان الدولة مازومة في اقتصادها او انها تحت وطأة ضائقة اقتصادية قاسية تحكم قبضتها تماما على رقاب الناس بكلتا يديها ولكن وبلا ادنى شك فان هذه الحالة الاقتصادية التى تتلبسنا الان وترسم ملامح مصيرنا القادم بل وتشكل حتى مزاجنا العام لن تجدى معها مثل هذه الجلسات “الاستثنائية” لو انها انفضت بلا اجراءات عملية .
فقضينا ليست وليدة اليوم ولا الامس القريب ولكنها ظلت في ضمير هذا الشعب ثلاثة عقود من الزمان فقدت فيها بلادنا الكثير من قدراتها الاقتصادية .
كنا نظن ان هذه الحكومة ان تبادر باصلاح ذاتها اولا وتعيد هيكلة اجسامها ومكوناتها من جديد وفقا لما تقتضيه حالة التازم هذه التى تعانيها الدولة في فكرها الاقتصادي وفي سياساتها وبرامجها التي تدير بها قضايا ومعاش الناس .. كل المؤشرات وقرائن الاحوال تؤكد ان الحكومة اصابها الارق والاعياء وان احشائها تتمزق يوما بعد يوم ولذا كانما هى (معصوبة العينين) تبحث عن بوابة الخروج الامن من غرفة مظلمة فالمطلوب اذن وبشكل عاجل قرارات وسياسات بحجم الازمة وبحجم الضائقة المعيشية التي يعانيها كل سوداني .
فما الذي يضير الحكومة لو انها قلصت مثلا طاقمها الحاكم الى 50% او جمدت الحوافز والنثريات والبدلات واوقفت كذلك سفر الدستوريين الى الخارج وسحبت عرباتهم الفارهة على ان يتم توظيف اموال هذه العربات في توفير مخزون استراتيجي من القمح والدقيق والوقود والغاز والسلع الضرورية الاخرى .
ولذا فانه بامكان الحكومة ان تعيد برمجة منصرفاتها فيما يخدم معاش الناس ولكن بالضرورة ان تصاحب هذه الاجراءات حملة قانونية مكثفة لضبط الانفاق العام ومكافحة كل اشكال الفساد والهدر في المال العام وبارادة قوية وجادة لاصطياد كل القطط السمان داخل شباك العدالة والقانون .
ولكن وبكل اسف قد يبدو واضحا ان الحكومة ربما هى غائبة او مهادنة او “مسترخية” كثيرا في حماية الحق العام مما اغرى الكثيرين لاستغلال هذه الاوضاع لبناء ممالكهم الاقتصادية والاستثمارية الخاصة ومن ثم عملوا على حمايتها وتحصينها ضد القانون وضد عاتيات الزمان وتبدلات السلطة والحكومة مطالبة الان وعبر مجلسها الوزاري ان تقدم دفوعاتها ومرافعاتها لكل ما نحن فيه الان من تعقيدات واضطرابات اقتصادية اتسعت معها (الهوة) وتباعدت المسافات الفاصلة ما بين المواطن وحكومته ..فهل يمكن ان يبني المواطن رهانه على جلسة استثنائية للطاقم الحكومي مخصصة لمناقشة (معاش الناس) حتى تضع بين يديه كل الحلول وكل الخيارات التي يمكن ان تعيد التوازن الاقتصادي للاختلالات التي تعانيها الاسر السودانية ؟ ام ان الحال سيظل هكذا عصيا على كل الحلول الممكنة وفي انتظار الفرج من الله (وحلا باليد خير من حل بالسنون) .