أخبار السودان

عام سقوط البشير وتحديات الحكومة المدنية

في الثالث عشر من شهر كانون الأول/ديسمبر2018 خرجت أول تظاهرة ضد الرئيس السوداني عمر البشير وذلك في مدينة الدمازين بولاية النيل الأزرق وفي يوم 6 كانون الأول/ديسمبر 2019 صدر أول حكم ضد البشير بالحجز لمدة عامين في إصلاحية اجتماعية في قضية تتعلق بالمال العام، ولا يزال الرئيس السابق تنتظره (17) قضية أخرى تتراوح الأحكام فيها بين السجن المؤبد والإعدام.

توالت التظاهرات القوية رغم القمع الوحشي في يومي 19و20 في العديد من المدن، وفي 25 شهر كانون الأول/ديسمبر من العام الماضي أعلن تجمع المهنيين عن أول موكب مركزي في قلب الخرطوم، لتتحوَّل هذه الشرارة إلى ثورة عارمة عمّت جميع مدن السودان واستمرت زهاء أربعة أشهر.

استمرت الاحتجاجات طوال شهري كانون الثاني/يناير وشباط/ فبراير وفي 23 شباط/فبراير 2019 أعلن البشير حالة الطوارئ وحل الحكومة الاتحادية وحكومات الولايات وبعد ذلك بيوم واحد عيّن عوض بن عوف نائبا له ووزيرا للدفاع ومحمد طاهر إيلا رئيسا للوزراء. وفي يوم 27 شباط/فبراير دعا “تجمع المهنيين” للخروج في مواكب حاشدة في أنحاء السودان للمطالبة برحيل النظام.

استمرت التظاهرات طوال آذار /مارس، رغم القمع الوحشي وإعلان حالة الطوارئ في الثاني عشر من الشهر نفسه وتمت محاكمة العديد من السياسيين والناشطين.

تطورت الأحداث في السادس من نيسان/ابريل حيث تمكن مئات الآلاف من الوصول إلى مقر القيادة العامة للقوات المسلحة، ومقر إقامة البشير وذلك تزامنا مع ذكرى انتفاضة شعبية أطاحت بالرئيس الأسبق نميري.

في محاولة لتفريق المعتصمين قتل في العاشر من الشهر نفسه عشرة أشخاص من بينهم جنود دافعوا عن المتظاهرين، ليعلن وزير الدفاع والنائب الأول للبشير عوض بن عوف في اليوم التالي 11 نيسان/ابريل في بيان أن اللجنة الأمنية العليا قررت اقتلاع النظام، واعتقال رأسه، والتحفظ عليه وتشكيل مجلس عسكري انتقالي لمدة سنتين، وإعلان حالة الطوارئ لمدة 3 أشهر. وفي اليوم التالي تنحى ابن عوف تحت الضغط الشعبي وترأس المجلس العسكري عبد الفتاح البرهان.

لم يخل المعتصمون مواقعهم مطالبين بتكوين حكومة مدنية وعبّروا عن عدم ثقتهم بالعسكر وفي الثالث من حزيران/يونيو ارتكبت قوات أمنية مجزرة في مكان الاعتصام راح ضحيتها عشرات الأشخاص ومئات الجرحى والمفقودين. ليعلن تحالف المعارضة الرئيسي في السودان، المجلس العسكري “جهة انقلابية” وقال إنه سيسعى للإطاحة به عبر كل الوسائل السلمية. وسيّرت المعارضة مواكب هادرة في يوم30 حزيران/يونيو قلبت الموازين وأجبرت المجلس العسكري للانصياع لإرادة الشعب.

وأعلن الجيش السوداني الأربعاء 24 تموز/يوليو 2019 توقيف رئيس الأركان وعددا من كبار ضباط الجيش وجهاز الأمن والمخابرات وقيادات الحركة الإسلامية بتهمة التخطيط والمشاركة في محاولة انقلاب في 11 تموز/يوليو.
شهد شهر تموز/يوليو أحداثا مهمة في السودان بدأت بتظاهرات حاشدة في الثالث عشر منه تحت عنوان أربعينية شهداء فض الاعتصام. وفي السابع عشر تم التوقيع على الاتفاق السياسي بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير. لتنتهي بذلك أشهر من الشد والجذب وعدم الثقة بين الطرفين وفي الثالث من آب/أغسطس تم التوقيع بالأحرف الأولى على الاتفاق النهائي بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى الحرية والتغيير وأسس الاتفاق للشراكة بين المجلس العسكري وقوى الحرية ووضّح هيئات الحكم في الفترة الانتقالية ومستوياتها ومهامها.

أول حكومة

وبذلت الوساطة الافريقية والأثيوبية جهدا كبيرا توّج في السابع عشر من آب/أغسطس بالتوقيع النهائي على وثيقة الإعلان الدستوري وهي الوثيقة التي تحوي تفصيلا قانونيا للعلاقة بين الطرفين طوال الفترة الانتقالية. وقد أقيمت مراسم توقيع رسمية بحضور رؤساء دول وحكومات وشخصيات من دول عدة.

وأدى الخبير في الأمم المتحدة عبد الله آدم حمدوك، في 21آب/أغسطس اليمين الدستورية رئيساً للوزراء خلال الفترة الانتقالية المحددة بثلاث سنوات وثلاثة أشهر، ليكون أول رئيس وزراء بعد نجاح الثورة.

وبعد تأجيل لعدة أيام أعلن عبد الله حمدوك رئيس الوزراء، حكومته التي ضمت 18 وزارة من بينها أربع نساء تقلدن وزارات الخارجية، التعليم العالي، العمل والتنمية الاجتماعية، والشباب والرياضة.

وفي آب/أغسطس 2019 سبّبت الأمطار الغزيرة والفيضانات التي حدثت في جميع أنحاء السودان الضرر لأكثر من 190.000 شخص في 15 ولاية مختلفة من ولايات البلاد، بما فيها الخرطوم. حيث لقي 60 شخصًا حتفهم في المناطق المتضرّرة، بمن فيهم طفلان، وذلك في ولاية كسلا.

وفي تشرين الأول/اكتوبر تم تعيين كل من القاضية نعمات عبد الله محمد خير رئيسة للقضاء في السودان، وتاج السر علي الحبر في منصب النائب العام. وتعد نعمات خير المولودة في العام (1957) أول امرأة تتولى هذا المنصب في تاريخ البلاد الحديث.

وقد عمل رئيس الوزراء عبد الله حمدوك على تحسين علاقات السودان الخارجية وقام بجولات بدأها بدولة جنوب السودان في الثاني عشر من أيلول/سبتمبر الماضي، وزار القاهرة وأثيوبيا وتشاد، لكن الزيارة الأكثر أهمية، حسب مراقبين بدأت في أيلول/سبتمبر في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث شهدت اجتماعات الأمم المتحدة بنيويورك أول زيارة لرئيس سوداني بعد قطيعة استمرت لسنوات طويلة.

وعاد حمدوك ليزور واشنطن في مطلع هذا الشهر بدعوة من الإدارة الأمريكية، وشهدت الزيارة التي استغرقت ستة أيام، تحقيق تقدم كبير في الملفات المشتركة بين البلدين أبرزها عودة السفير الأمريكي للخرطوم بعد سنوات طويلة كان القائم بالأعمال هو أعلى موظف بسفارة واشنطن في الخرطوم.

وفي الرابع عشر من هذا الشهر سمحت الحكومة لأنصار البشير بتظاهرة جاءت تحت اسم الزحف الأخضر ولم يتجاوز عدد المشاركين فيها 5 آلاف متظاهر ورددوا شعارات مناوئة لحكومة حمدوك واعدين بإسقاطها.

وفي الأسبوع الماضي، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية، رفع اسم السودان من لائحتها السوداء حول الحرية الدينية، التي تضم الدول التي تشكل مصدر قلق خاص في مجال الحريات الدينية وتم وضعه في قائمة أفضل، حسب الخارجية الأمريكية وذلك بعد الخطوات الكبيرة والمهمة التي قامت بها حكومة عبد الله حمدوك بإزالة الممارسات الممنهجة والمستمرة في اضطهاد وقمع الحريات الدينية التي كان يمارسها النظام السابق.

 

القدس العربي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..