قيادي في جماعة تونسية متشددة: حكومة العريض كافرة شرعا

تونس ـ وصف قيادي بارز في جماعة أنصار الشريعة المتشددة حكومة علي لعريض بأنها “كافرة شرعا” لأنها “أعطت الأوامر بـ”الاعتداء السافر على المصاحف في المساجد” وحذر من “ردة فعل الشباب المسلم” الذي يتعرض للهجمات والملاحقات الأمنية على حد قوله، فيما تحاول حركة النهضة انتهاج “سياسة اللجم الناعم” للجماعات السلفية الجهادية.
وقال الناطق الرسمي باسم جماعة أنصار الشريعة سيف الدين الرايس في تصريحات صحفية نشرت الاثنين إن حكومة علي لعريض القيادي في حركة النهضة الإسلامية الحاكمة تمارس “التعنت الأمني” مع السلفيين و”تعطي الأوامر لاقتحام المساجد واستباحتها”.
وشدد على أن “ما لا يغتفر ذلك الاعتداء السافر الذي وقع على المصاحف والتي ألقيت أرضا” مضيفا “من قام بإلقاء مصحف على الأرض عامدا متعمدا فهو كافر بالله تعالى في كل المذاهب وباتفاق العلماء”.
وجاءت تصريحات سيف الدين الرايس إثر اقتحام قوات الأمن خلال الأيام الأخيرة لجامع العذار بمدينة صفاقس، وسط تونس، بعد أن تحول عدد من المساجد التي تهيمن عليها الجماعات السلفية إلى مخابئ للأسلحة البيضاء والهراوات والعصي إضافة ملاذ يتحصن به مجرمي الحق العام.
وتعتبر جماعة أنصار الشريعة صوت وذراع القاعدة في تونس، إذ لم يتردد زعيمها سيف الله بن حسين الملقب بـ”أبو عياض” بإعلان ولائه للتنظيم الذي أسسه أسامة بن لادن في منتصف السبعينات من القرن العشرين.
ويوصف “أبو عياض” الذي قاتل في أفغانستان وفي الشيشان وفي العراق والملاحق من قبل الأجهزة الأمنية التونسية بأنه “رجل القاعدة في تونس”.
وحذر الناطق الرسمي باسم الجماعة المتشددة حكومة لعريض قائلا “نحن نحذرهم تحذيرا شديدا، لا يجب أن يأمنوا ما يقع في قادم الأيام، فشيوخنا وقياداتنا هم اليوم يوصون بضبط النفس وتحكيم العقل لكنهم لن يستطيعوا كبح جماح الشباب المغتاظ”، من استهداف الجماعة المباشر.
وأضاف “نحن نحذرهم من ردة فعل” لـ”أننا مستهدفون استهدافا كاملا من علي لعريض” متهما إياه بـ”شيطنة السلفيين” وبـ”إزهاق أرواح الناس” وبـ”قتل النساء”.
وحولت جماعة أنصار الشريعة “جامع الفتح” وسط تونس العاصمة الذي لا يبعد سوى بضع أمتار عن الكنيس اليهودي إلى معقلها الأساسي، يخطب فيه قياداتها ويصلي فيه أنصارها، بل وجعلت من ساحته الأمامية إلى مكتبة على الرصيف تباع فيها كتب تروج لأدبيات القاعدة.
ويقف أمام الجامع حيث تباع الكتب ملتحون هم عيون وآذان الجماعة.
واعترف سيف الدين الرايس بأن “بعض الإخوة يحتفظون ببعض الهراوات في بعض المساجد بهدف حماية صناديق التبرعات التي عادة ما نقوم بجمعها في المسجد وذلك لحمايتها من اللصوص والمخمورين”.
وهذه المرة الثانية التي تحذر فيها جماعة أنصار الشريعة حكومة النهضة إذ سبق لزعيمها “أبو عياض أن هدد بـ”حرب” ضد علي لعريض واصفا إياه بـ”المريض”.
وتحاول حكومة النهضة “انتهاج سياسة اللجم الناعم” للجماعات السلفية التي زادت سطوتها خلال العامين الماضيين حتى أنها باتت تهدد التونسيين في مكاسبهم بل في أمنهم بعد أن أصدر “أمراؤهم” فتاوى من على منابر المساجد بتكفير وهدر دماء سياسيين ومفكرين ومبدعين يقولون “إنهم علمانيون وأعداء للإسلام”.
وتسعى النهضة من خلال “اللجم الناعم” للسلفيين إلى طمأنة قوى دولية وفي مقدمتها واشنطن والاتحاد الأوروبي على أنها “حركة إسلامية معتدلة ملتزمة بتأمين عملية الانتقال الديمقراطي” بمشاركة العلمانيين وقادرة على وضع حد للخطر السلفي الذي يتذمر منه التونسيون.
كما تسعى حكومة النهضة إلى طمأنة مؤسسات مالية عالمية مثل البنك الدولي على أنها “تصغي جيدا” لشروط تلك المؤسسات بإجراء إصلاحات اقتصادية من أجل تنشيط الاقتصاد وتوفير مناخ ملائم للاستثمار قبل منحها أية قروض هي في أمس الحاجة إليها.
وتشهد تونس أزمة اقتصادية خانقة، إذ ارتفعت نسبة التضخم خلال شهر آذار/مارس بشكل غير مسبوق منذ خمسين عاما لتبلغ 6.5 في المائة مقابل 5.8 في المائة خلال شهر شباط/فبراير.
ويقول محللون إنه ليس بالصدفة أن تشن الحكومة خلال الأيام الماضية حملات أمنية ضد الجماعات السلفية بعد تحذيرات تبطن نوعا من التهديدات، صدرت عن القائد الأعلى للقوات الأميركية في إفريقيا (أفريكوم) الجنرال كارتر هام من ان تنظيم القاعدة يريد التموقع في تونس.
وأسفرت الحملات الأمنية عن اكتشاف مخابئ للأسلحة بعضها مضاد للطائرات المروحية في الأحياء الشعبية التي تمثل أحزمة حمراء لتونس العاصمة أعدها السلفيون للقيام بعمليات إرهابية في حال وصول العلمانيون للحكم خلال الانتخابات القادمة.
غير أن خصوم النهضة يقولون إن تلك الحملات الأمنية هي “ذر رماد على العيون”.
فقد اعتبر القيادي في حزب حركة نداء تونس خميس قسيلة في تصريح صحفي نشر الإثنين أن وزارة الداخلية “تتعرض لحملة تخريب ممنهجة تقودها حركة النهضة”، مشيرا إلى أنه “تم مؤخرا تعيين سيف الدين بن عبد اللطيف قريب أبو عياض على رأس التفقدية العامة للأمن (شرطة الشرطة).
وأضاف قسيلة ساخرا “يتحدثون عن حيادية وزارة الداخلية ويعينون أقرباء جهاديين في سلك الأمن”.
ويرى الأخصائيون في الإسلام السياسي أن علاقة النهضة بالجماعات السلفية تمر بـ”حالة تخمّر” ستؤدي إلى تحالف استراتيجي ضد العلمانيين بحكم وحدة المرجعية العقائدية خاصة بعد تأكيد راشد الغنوشي أن “النهضة لن تتفاوض ولن تتنازل عن مرجعيتها العقائدية” التي هي في العمق “مرجعية سلفية”.
وكالات