نسرع ولا نتسرع

قولوا حسنا

نسرع ولا نتسرع

محجوب عروة
[email protected]

فى الخطاب التوجيهى للسيد رئيس جمهورية سوريا الشقيقة السيد بشار الأسد أمام الحكومة أمس تحدث عن أشياء كثيرة كالأصلاح الأقتصادى والشفافية والثقة مع المواطنين وعن أهمية العدل والكرامة وعن قانون الطوارئ والأحزاب وعن الفساد والرشاوى والبطالة وعن توسيع المشاركة وأهمية انجاز المشاريع ويمكن تلخيص كل ذلك تحت عنوان ( الحكم الراشد). وربما يكون ذلك مطلوبا ولكنى افتقدت حديثا أكثر الحاحا وصراحة طالما هتفت بها الجماهير الثائرة ألا وهى (الحريات العامة) ووضع ذلك فى دستور تشارك فيه جميع القوى الساسية فى سوريا واطلاق سراح سجناء الرأى والمخالفين السياسيين.
كنت أتمنى أن يعلن الرئيس صراحة عن عهد جديد لسوريا، عهد تضمن فيه الجراح وينتهى به احتكار حزب البعث للسلطة ويصدر فيه دستور جديد يحدد شكل الدولة الجديدة ونظام الحكم تكون فيه سوريا جمهورية مدنية ديمقراطية تتبادل فيها القوى السياسية السلطة سلميا من خلال انتخابات حرة و صادقة ونزيهة وشفافة ودورية و تضع كل القوانين بالتوافق وليس من جانب الحكومة فقط دون الآخرين فقوانين الأحزاب والحريات العامة وعدم ابتلاع جهاز الأمن لجهاز الدولة هى قوانين تهم كل السوريين وليس حزب البعث وحده.
فى تقديرى الشخصى كنت أتوقع خطابا ومنهجا سياسيا أفضل مما قيل فالأصلاح الأقتصادى لا ولن يتم من دون اصلاح سياسى وبناء وتكريس الثقة المفقودة أصلا بين الحكومة والشعب.
ان الأصلاح الأقتصادى والسياسى الحقيقى ومحاربة الفساد وتحقيق العدل والكرامة والمشاركة الحقيقية تتم من خلال دولة المؤسسات والفصل بين السلطات ودولة سيادة القانون وحرية الصحافة ومجتمع ديمقراطى حقيقى وليس عبر تكوين لجان حكومية من جانب واحد. لابد من حوار حقيقى وصادق وشفاف وعودة المعتقلين والمبعدين للعمل السياسى المكشوف، أما الحديث المكرر عن المؤآمرات فذلك حديث مكرور لم و لن يجدى، الذى يجدى هو الصدقية وفك احتكار السلطة بالمطرقة الأمنية.
القول بالسرعة لا بالتسرع ذكرنى قول الرئيس نميرى الثورة تراجع ولا تتراجع!! انه تلاعب بالألفاظ ليس الا يضعف الثقة المفقودة أصلا، ثم مامعنى أن تجهز الشرطة لتنظيم المظاهرات؟ أليس كافيا أربعين عاما من حكم النظام لتجهيز الشرطة؟ ان هذا لشئ عجاب! النصيحة التى يجب أن تقال قبل فوات الأوان هو المصارحة فالمصالحة فالشراكة الحقيقية الصادقة والشفافة فى عملية الأصلاح الأقتصادى والسياسى وليس التخندق والتستر خلف العبارات الفضفاضة وسياسة كسب الوقت.
وأخيرا وليس آخرا افتقدت حديثا من السيد الرئيس حديثا عن سياسة سوريا الخارجية القادمة ودور القوى السياسية الأخرى فيها، ورغم ذلك من الموضوعية تقتضينى أن أشيد بصراحة السيد الرئيس بشار وأتمنى من كل قلبى أن يكون خطابه هذا فاتحة لحوار واسع ومناخ جديد لسوريا حتى تتبوأ مكانها اللائق بها كدولة وشعب متحضر فلا ينفتح أمامها باب من جهنم بسبب الصراع الدامى كما حدث فى ليبيا واليمن بسبب الأصرار على الكنكشة وفرض الرأى الواحد بأى ثمن… أرجو ذلك.