انتخابات الكونغرس الأمريكي: هل تلهم نساء بوليفيا تغييرا في الولايات المتحدة؟

- توماس غراهام و كايلا أبستين
- بي بي سي

صدر الصورة، Sara Aliaga
الجمعية التشريعية
رغم المكاسب التاريخية في الجولتين الماضيتين من انتخابات الكونغرس في الولايات المتحدة الأمريكية، لا تشغل النساء إلا 27 في المئة من مقاعد المجلس.
والآن يستعد الأمريكيون لانتخابات التجديد النصفي للكونغرس في 8 نوفمبر/تشرين الثاني، فهل يمكن لبوليفيا أن تكون وراء تغيير جديد يتعلق بالمرأة؟
بوليفيا واحدة من البلدان القليلة في العالم التي تصل فيها نسبة المشرّعات إلى نحو 50 في المئة على كل مستويات الحكومة. وهذا ليس من قبيل الصدفة، بل هو نتيجة قانون انتخابي ينص على أن يكون نصف مرشحي أي حزب من الإناث.
طُبق نظام الكوتا عام 1997 عندما كانت النساء يشغلن 9 في المئة فقط من البرلمان الوطني في بوليفيا، ومن ثم أصبح ذاك النظام جزءا من الدستور.
تقول أدريانا سالفاتيرا، التي كانت عضوة في مجلس الشيوخ ما بين عامي 2015 و2019، وأصبحت أصغر رئيسة لمجلس الشيوخ في بوليفيا: “رأينا مؤخرا تراجعا في مجال حقوق المرأة في عدد من البلدان. إدراج (الكوتا) ضمن الدستور يصّعب التراجع عن هذا الموضوع، وهذا يضمن التغيير على المدى الطويل”.
وتقترب بوليفيا من القمة في هذه الناحية، على الصعيد العالمي أيضا، فوفقا للأرقام الصادرة عن الاتحاد البرلماني الدولي (IPU) ، تعد متقدّمة بعض الشيء على الولايات المتحدة.
النساء في الكونغرس يشغلن ربع المقاعد فقط؛ وتسعة ولايات أمريكية فقط – من بين الخمسين ولاية – تحكمها نساء. والحال ليست أفضل في المجالس التشريعية للولايات ومجالس المدن.
منتدى رجالي في الولايات المتحدة
استمر النقص في تمثيل المرأة في الحكومة منذ تأسيس الجمهورية، ويرجع سبب ذلك إلى مزيج من الإقصاء التاريخي للنساء من المشاركة السياسية، والقوالب الجندرية، وقلة عدد النساء اللواتي يترشحن للمناصب، وفشل الأحزاب السياسية الرئيسية في الاستثمار في المرشحات حتى فترة قريبة.
وخلال معظم التاريخ الأمريكي، كانت السياسة حكرا على الرجال؛ إذ لم تُمنح المرأة الحق الدستوري في التصويت حتى عام 1920، أما هذا الحق فلم يمنح لكل النساء بالكامل حتى الستينيات، عندما ألغت تشريعات حقوق مدنية قوانين التصويت التمييزية في بعض الولايات.
وحتى أولئك اللواتي انتخبن واجهن قواعد تمييزية ضدهنّ؛ فحتى عام 1993، لم يكن مسموحا للنساء ارتداء السراويل في مجلس الشيوخ الأمريكي.
وقالت كيلي ديتمار، مديرة الأبحاث في مركز المرأة الأمريكية والسياسة، إن واحدا من أكثر العوائق التي واجهتها المرشحات كان “التحيزات الثقافية والتصورات حول أدوار المرأة، وفكرة أن السياسة ليست مكانا مناسبا للمرأة”. وأضافت ديتمار أنه من غير المرجح أن يُنظر إلى النساء على أنهن يتمتعن بصفات ومؤهلات قيادية للفوز بالانتخابات مقارنة بالرجال، رغم أن الأبحاث أظهرت أنه عندما تترشح النساء للمناصب، فإنهن يفزن بمعدلات مساوية لنظرائهن الرجال.
يعتبر واقع المشاركة السياسية للمرأة في بوليفيا أمرا معقّدا.
وقالت إريكا بروكمان، التي ساعدت في إدخال الكوتا (المحاصصة) وخدمت في البرلمان منذ عام 1997 وحتى 2006: “التكافؤ بالأرقام هو بمثابة تعويض لظلم تاريخي. لكن هذا لا يعني أننا فككنا علاقات القوة الحقيقية القائمة”.
بالنسبة للنساء اللواتي يدخلن السياسة، لا يزال هناك العديد من الحواجز التي يجب عليهنّ تجاوزها كالتحرش والعنف والتوزيع غير المتكافئ لأعمال المنزل والرعاية. وعلى المستوى المحلي بشكل خاص، كانت هناك حالات ترهيب وتعنيف.
صدر الصورة، Getty Images
عام 2018 انتخب عدد تاريخي من النساء لعضوية الكونغرس الأمريكي
ولا تشمل زيادة المشاركة السياسية للمرأة الوصول إلى مناصب تنفيذية، فهذه لا تزال من نصيب الرجال. ويبدأ هذا الأمر من قمة الهرم السياسي؛ إذ لم يكن هناك سوى أربع مرشحات للرئاسة في تاريخ بوليفيا، ولم تكن هناك رئيسة منتخبة واحدة. ويستمر المنوال ذاته على كل المناصب الأقل؛ بدءا من قادة المقاطعات التسع – وكلهم رجال – مرورا برؤساء البلديات الـ 336، وهؤلاء كلهم رجال باستثناء 22 امرأة.
وإجمالا، تشغل النساء 9 في المئة من المناصب التنفيذية في السياسة البوليفية. وفي المجتمع البوليفي، كان هناك تقدم كبير بالنسبة للمرأة في العقود الأخيرة، في مجال التعليم وزيادة تمليك النساء للأراضي وبالتالي التمكين الاقتصادي الذي ينطوي عليه ذلك. لكن في الاقتصاد الأوسع غير الرسمي، يصعب تنفيذ حقوق العمل وبذلك تكون النساء عرضة لسوء المعاملة. كما أن فجوة الأجور بين الجنسين كبيرة.
تعتبر الحقوق الجنسية والإنجابية محدودة، مع وجود حالات قليلة فقط يمكن فيها الخضوع لعملية الإجهاض بشكل قانوني. وهناك العديد من حالات حمل المراهقات. ورغم التشريعات التقدمية، لا يزال العنف القائم على أساس الجندر مرتفعا.
وقالت بروكمان: “القوانين تساعد، لكنها وحدها ليست كافية. هناك حاجة إلى تحول ثقافي – وسيستغرق ذلك وقتا طويلا. لكن لم يعد من الممكن تصور السياسة من دون المرأة. أصبح هذا الأمر بديهيا الآن”.
ما التقدم الذي أحرزته الولايات المتحدة؟
عام 2018، ترشح عدد تاريخي من النساء، ومعظمهن عن الحزب الديمقراطي، وانتُخبن عضوات في الكونغرس.
حققت المرأة مكاسب كبيرة في التمثيل؛ إذ انتخبت أول عضوة كونغرس من السكان الأصليين وانتخبت مسلمات أيضا – وكانت كثيرات قد دفعن للترشح كرد فعل على انتخاب دونالد ترامب رئيسا للبلاد.
وعام 2020، حققت النساء من الحزب الجمهوري مكاسب في الكونغرس أكبر من ذي قبل؛ ببساطة أدى ترشح عدد أكبر من النساء إلى فوز عدد أكبر من النساء في المناصب.
ظهرت مجموعات مثل قائمة إيميلي (EMILY’s List)، التي تدعم النساء الديمقراطيات المؤيدات لحق اختيار الإجهاض، وقائمة (VIEW PAC)، التي تساعد النساء الجمهوريات في جمع التبرعات لدعم المرشحات بدفعات من الأموال التي يحتجنها.
ولدى الديموقراطيون جهاز أقدم بكثير وأكثر قوة لجمع التبرعات للمرشحات، ولا يزال الجمهوريون يعملون على إيجاد جهاز يماثله.
ينعكس هذا في الأرقام: إذ تشكل النساء الديمقراطيات نسبة (39 في المئة) في الكونغرس، وهي أعلى من نسبة الجمهوريات (15 في المئة).
لم تستطع ديتمار تصور نظام محاصصة على النمط البوليفي في الولايات المتحدة، وقالت: “سيتطلب الأمر إصلاحا كاملا للنظام الانتخابي”، وهو أمر من غير المرجح حدوثه.
وتضيف أن الولايات تمتلك السلطة لإدارة الانتخابات، ومن أجل تنفيذ نظام الكوتا على الصعيد الوطني، من المرجح أن تكون هناك حاجة لتعديل دستوري، ومن المحتمل أيضا أن يواجه ذلك بمعارضة من المحافظين الذين قد يرون أن مثل هذه المحاصصة تمييزية.
وقالت ديتمار إن الناخبين المحافظين وجهاز الحزب الجمهوري أقل احتمالا لأن يروا مشكلة في نقص وجود النساء في المناصب.
وربما لن يتحقق التكافؤ ما لم يبدأ الجمهوريون في دعم وتجنيد وانتخاب المرشحات بنفس الدرجة التي قام بها نظراؤهم الديمقراطيون. تقول ديتمار: “نحن بحاجة إلى أن نفهم بشكل جماعي وأن نتفق على أن وجود ثلث المنتخبين فقط من النساء، يعتبر مشكلة”.