الشارع ينتظر يا وزير التجارة

لايزال المواطن الذي يئنُ تحت وطأة الغلاء الطاحن والضائقة المعيشية التي لم يشهدها السودان قط، ينتظر الإجراءات الصارمة التي تعهد بها وزير التجارة حاتم السر لضبط الأسعار، ولايزال الشارع السوداني ينتظر بصبر كاد أن ينفد الحسم الذي توعد به الوزير السماسرة المتلاعبين بقوت الشعب حسب قوله… قلت قبل ثلاثة أعوام عندما تشكلت أول حكومة بعد انتخابات 2015م إن أبرز ما عرفه الناس من ملامح هذه حكومة 2015م أنها حكومة (معايش) بمعنى أن العنوان الأبرز فيها هو التركيز على توفير (قفة الملاح) أو هكذا ارتسمت الصورة في أذهان الناس يومذاك، وهذه الصورة الذهنية التي ارتسمت حول حكومة (المعايش) لم تلامس الأذهان إلا بكثرة التصريحات التي تواترت وتكررت من المسؤولين، فوزراء الحكومة الجدد بعد أدائهم اليمين الدستورية يومذاك أكدوا ــ ومعهم الولاة ـــ أن الرئيس البشير وجههم بالتركيز على معاش الناس و(قُفة الملاح)، والاهتمام بالشرائح الضعيفة والعمل على تخفيف أعباء المعيشة، والإصلاح الاقتصادي وزيادة الإنتاج الزراعي، بينما أعلن حزب المؤتمر الوطني أن الحكومة الجديدة) ستعطي قضايا تخفيف أعباء المعيشة، و(وقفة الملاح) والإصلاح الاقتصادي، وزيادة الإنتاج والتصنيع الزراعي أولوية قصوى خاصة مكافحة الفقر.. وكتبنا وقتها وقلنا إن هذه التصريحات من الناحية النظرية لا بأس بها ولا غبار، ولكن عندما نضعها في محك الاختبار ونُخضعها للواقع بكل تفاصيله وإسقاطاته المؤلمة، سنجدها واحدة من مسكنات الألم المزمن ولم تجد معه المسكنات فتيلاً.. كتبنا ذلك غداة استلام الوزراء الجدد مهامهم وكنا ندرك يقيناً أن الحكاية مجرد حنك، لم يلبث الناس إلا قليلاً حتى تفاجأوا بزيادة مذهلة في تعرفة الكهرباء، بينما بلغت زيادة تعرفة فاتورة المياه 100% والحكومة لم تخيب ظننا السيئ فقد زادت تعرفة الكهرباء والماء كما أسلفت، فهل من تخفيف معيشة أكثر من هذا؟؟!!! عندما سمعت الأستاذ علي عثمان محمد طه بعد مغادرة الكرسي يقول: (إن الحكومة لن تستطيع أن تؤمِّن للناس “قفة الملاح” خلال السنوات الخمس المقبلة ولا حتى الخمسين سنة المقبلة)… أدركت واقعية الرجل ولكني أدركت أكثر أن للواقعية “زمان” و”مكان”، فلن يستطيع السياسي أن يكون واقعياً في كل “الظروف”… كثيرة هي تلك التصريحات التي تبشرنا في كل مرحلة من المراحل بحسم الفوضى ومحاربة الغلاء والفقر ولا نقبض إلا الريح… ففي بداية كل مرحلة جديدة كنا نسمع بالإصلاح الاقتصادي والاهتمام بقضايا المعيشة ومكافحة الفقر والشرائح الضعيفة وما إلى ذلك من الأماني، وآخر كلام في هذا الصدد كان برنامج الحكومة الخاص بالاهتمام بمعاش الناس وانفلات السوق، والتي ترجمها وزير التجارة في شكل قرارات وضوابط وتدابير كشف عنها وتناقلتها الصحف، والمواطن مازال ينتظر على سطح صفيح الأسعار الساخن، وها هي تجارة العملة تعود مرة أخرى إلى “برندات” السوق العربي… اللهم هذا قسمي فيما أملك. .
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين.
الصيحة