في الولايات المتحدة لا يصوتون بسرور

القدس العربي

يوم الانتخابات في المجتمع الديمقراطي هو عيد. ذروة الاحداث التي تُمنح فيها للشعب فرصة لقول كلمته. ولكن يبدو أن الانتخابات القريبة في الولايات المتحدة تحولت منذ زمن إلى شيء مختلف. فبدل الخروج بسرور لتطبيق الحق الديمقراطي، سيخرج في الأسبوع القادم ملايين الأمريكيين بعدم رغبة واضحة من أجل القيام بواجبهم المدني.
ونتيجة ذلك، يبدو أن الانتخابات الحالية، أكثر من أي انتخابات اخرى في السابق، ستُحسم بناء على تصويت عاطفي، وليس عقلاني.
ويبدو أن معظم الأمريكيين سيصوتون هذه المرة ليس لمرشحهم، بل للمرشح الآخر. حتى لو لم يكن الكثير من الناخبين لا يريدون رؤية ترامب في السلطة، إلا أنهم سيصوتون له كتصويت احتجاجي ضد كلينتون التي تمثل المؤسسة الفاسدة.
لذلك لن يكون مفاجئا إذا استيقظنا في غداة يوم الانتخابات وعلى رأس القوة الاعظم في العالم، يقف ترامب.
في المقابل، فان البعض سيتغلبون على هذا الشعور ويصوتون لكلينتون فقط من اجل عدم وصول خصمها إلى البيت الابيض.
وعلى الرغم من القطبية والاغتراب وتجاوز كل الحدود، يبدو أن هناك خيطا يربط بين مصوتي كلينتون ومصوتي ترامب (تجدر الاشارة إلى أننا نقول مصوتون وليس مؤيدوين). هؤلاء واولئك يحركهم الخوف من انتصار المرشح الآخر. ما الغريب أن اعتبارات عقلانية مثل السياسة التي يطرحها المرشح أو التجربة المهنية، لم تعد امور ذات صلة؟.
ما الذي يدفع سكان القوة العظمى الكبرى في العالم إلى التصرف بشكل يائس وخائف كهذا؟ حسب رأيي، هم مثل الكثيرين في العالم الغربي، يشعرون بأطراف اصابعهم بأن النظام الاجتماعي الحالي، الذي قاد حياتنا منذ الحرب العالمية الثانية، بدأ باستنفاد نفسه، ولم تعد هذه الطريقة ناجعة. هذا الشعور يتعاظم حين نشاهد مرة تلو الاخرى القادة الذين لم يعودوا قادرين على «توفير البضاعة» والوفاء بوعودهم وتوقعات المواطنين الذين انتخبوهم. حين يصل النظام الاجتماعي القائم إلى حالة الاستنفاد وتظهر علامات الفوضى، فليس غريبا أن الجمهور سيهرب إلى العاطفة.
حسب شعوري، مصوتو ترامب وكلينتون يشعرون بالاستنفاد وضياع الطريق وهم متعطشون إلى «شيء مختلف». وبشكل طبيعي فان تلك الاجزاء من الجمهور التي شعرت أنها بقيت في الخلف، مستعدة لفعل كل شيء، بما في ذلك تنصيب شخص مستعد للي ذراع المباديء التي أقيمت عليها الأمة الأمريكية. في المقابل، اولئك الذين يستمتعون قليلا من ثمار النظام القائم، يخشون وهم مترددون أكثر.
في الانتخابات المتقاربة إلى هذا الحد، فان الاعلان الدراماتيكي لـ «اف.بي.آي» من شأنه توجيه الضربة القاضية لحملة كلينتون الانتخابية. ولكن بسبب مستوى العاطفة، يمكن أن يحدث العكس تماما. طالما أن طريق كلينتون إلى الانتصار تبدو مضمونة، فان هناك خوفا من أن قسما من المصوتين لها سيمتنعون عن التصويت، الامر الذي سيُمكن ترامب من القيام بخطف الانتصار. ولكن الآن، في حين أن كل شيء مفتوح فعليا، والخوف من انتصار المرشح الآخر كبير، فان قلة فقط من مصوتي كلينتون سيسمحون لأنفسهم بفعل ذلك. لهذا، «معكوس على معكوس»، يبدو أن الاعلان الدراماتيكي لرئيس «اف.بي.آي» سيحسم الانتخابات، لكن في صالح كلينتون.
حسب شروط اللعبة الديمقراطية من المفروض أن تنتهي القصة حين يتصل الخاسر بالفائز ويبارك له على الفوز. وبعد بضعة اشهر سيعرض المنتصر الكابنت أمام الشعب ويعد بعمل اشياء كبيرة وعظيمة، وسيفعل ما فعله أسلافه. ولكن يبدو أنه في هذه المرة، بغض النظر عن هوية المنتصر، المعركة لم تنته هناك. بل العكس، هي ستبدأ. وسيكون الامر ملفتا، ملفتا جدا.

الياف زكاي
اسرائيل اليوم 2/11/2016

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..