مقالات سياسية

ليست ربكة

لم تكن زيادة سعر الدواء بالأمر الهين على المواطن خاصة وإنها جاءت بعد سلسة من الزيادات غير المبررة لأهم السلع والتي على إثرها اشتعلت نار الأسعار لتشمل كل شيء ضروري وغير ضروري، و في الحقيقة هذه الزيادات لا يمكن تفسيرها بأي منطق سوى أن الحكومة أيقنت أن لديها بقرة ذلول حلوب لا يجف ضرعها، وكلما فرغت خزنتها ما عليها إلا أن تحلبها من خلال الزيادة، ولذلك الزيادة في أسعار الدواء لم تأتِ صدفة فهي حررت الدولار وفكرت في الأمر ملياً ، وحين وضعها المواطن في موقف صعب جاءت بمسرحية إقالة الأمين العام لمجلس الأدوية والسموم، ليس ككبش فداء كما يقول البعض ولكنها مسرحية يؤدي هو دور البطولة من أجل حكومته وسيجد المقابل.

قرار رفع أسعار الأدوية اقتنعت به الحكومة وكانت تريد تنفيذه مهما كانت عواقبه على المواطن، بدليل إنها قالت على لسان الوزيرة بوزارة الصحة أن لا تراجع عن الزيادات، أما التبرير الذي جاء به وزير الصحة أبوقردة وأن الأمر لا يخرج عن كونه (ربكة) وتمت إقالة المتسبب فيها وهو الأمين العام لمجلس الأدوية والسموم وعليه تم إلغاء قائمة الأسعار التي أصدرها الأمين المقال أشملت أصنافاً من الأدوية يفترض أن لا ترد في القائمة، ثم تراجع الوزير عن زيادة أسعار الأدوية المنقذة للحياة والتي تشمل أمراض الضغط، السكري، الشلل الرعاش، الأمراض النفسية والهيموفيليا، وإدخال أدوية أمراض القلب في ميزانية العام 2017 كل هذا من أجل تهدئة البقرة الذلول الحلوب التي بدأت تتوحش من الألم فقد التهب ضرعها ولم يعد يستحمل الضغط .

وزير الصحة مضى إلى أبعد من ذلك وأعلن عن تشكيل لجنة لإصدار قائمة جديدة لأسعار الأدوية ينتظر أن تنجز عملها في وقت (وجيز) وتم تعيين أمين عام جديد للمجلس فوراً وتوعد بأن تطال المحاسبة أي شخص تسبب في (الربكة) التي طالت أسعار الدواء، مع أن الأمر يستحق أن تقال له الحكومة بأكملها وليس الأمين العالم للمجلس فهو مجرد مردد لما تقوله الحكومة ومنفذ لسياستها .
وزير الصحة نفى أن تكون الدولة عاجزة عن دعم الأدوية، مشيراً إلى أنها لا تزال تدعم العلاج المجاني بمبلغ 113 مليون جنيه، سيرتفع إلى 150 مليون جنيه العام القادم، مبيناً “أن الدولة لا يمكن أن تدعم المستحق وغير المستحق،
وقطع بأن الدولة مستمرة في دعم أكثر من 40% من أدوية التأمين الطبي، كما أن الإمدادات الطبية ستدعم نحو 50% من الأدوية بمبالغ كبيرة، وأفاد أن الدولة تتكفل بتغطية التأمين الصحي لـ3.8 ملايين أسرة، وإدخال 750 ألف أسرة جديدة في الموازنة القادمة، ما تصدقوا هذا الكلام، السيد الوزير يخدعنا فأغلب الأدوية التي يشملها التأمين هي أدوية رخيصة القيمة ، في حين أن أغلب الأدوية غالية الثمن خارج التأمين أي أن ال 40% التي يتحدث عنها الوزير لا تكلف الحكومة إلا مبلغاً زهيداً جداً، أما فيما يتعلق بدعم ال 50% وإدخال أسر جديدة في الموازنة فهى ( ونسة ساكت ) .

أي إجراء س12:59:23قوم به الحكومة لمراجعة أسعار الدواء يعتبر مخدراً ليس إلا، وعليكم أن تعلموا أن أسعار الدواء لن تنخفض بعد اليوم لأن موضوع الدواء بصفة عامة له علاقة بانهيار القطاع الصحي بل وانهيار الدولة أيضاً، والحكومة عاجزة عن إحداث أية نقلة إيجابية في كل القطاعات والأمر برمته يحتاج إلى قرار المواطنين.

التيار

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..