مقالات وآراء

الدين البديل : سجدة للتصوير وتكبيرة للتدوين

خالد فضل

 

الدين , محض دين , ظلّ منذ أن اخترعه البشر , مطيّة للطغاة , ووسيلة للمزورين , الطغاة يبررون به طغيانهم , فهم روح الإله , ووكلائه على البشر , والمزورون يستهدفون به رضا الحكام , يتزلفونهم بترويض الناس وابتزازهم عندما يفكرون ويتذمرون من الظلم .

وعندما جاءت رسالات السماء لهداية البشر , تلقفها نفس الحكام الطغاة , واستثمر فيها ذات عينة المزورين . فصار الدين سوط عذاب بيدهم أجمعين . تجربة أوربا مع الكنيسة في العصور الوسطى جعلت كارل ماركس يطلق عبارته التي صارت مطية أخرى للمزايدين باسم الإسلام (الدين أفيون الشعوب) .

وتاريخ المسلمين نفسه يفيض بوقائع الإستغلال للدين كمطية للحكام المستبدين , ووسيلة كسب العيش لطبقات من الفقهاء المتنطعين . فما انتقل النبي (ص) إلى الرفيق الأعلى , وجثمانه لم يوار الثرى , حتى نهضت عصبية القبيلة وحمية الدم , لوراثة الملك باسم الدين . وصاح صائح مخاطبا علي بن أبي طالب , والله لو شئت يا بن أخي لأملأنها عليهم خيلا ورجالا .. ولعله أكمل عبارة العصبية ب (الله أكبر) . ثم حدث ما حدث من وقائع الحروبات الأهلية بين جيوش ابن أبي طالب , وزوج النبي عائشة بنت أبي بكر . وعنها قال مظفر النواب: من أين سندري أنّ صحابيا سيقود الفتنة في الليل بإحدى زوجات محمد . ومما أذيع في إعلامها العسكري يومها؛ إنّ عمّار بن ياسر تقتله الفئة الباغية , وإلى جانب عليّ انحاز ؛ فقتل .

ولم يمض وقت طويل حتى دان الملك للأمويين باسم الدين , فقد كان حاكمهم يلقب بأمير المؤمنين , ولم يتوقف الناس ليتأملوا حال هؤلاء المؤمنين المساكين . ثمّ نهض من بينهم العبّاسيون , يعيدون أرومة الملك في آل النبي كما يزعمون , وتزهق أرواح , تستباح مدن , يشرّد مدنيون , ويعتلي السفاح الصدارة , أميرا للمؤمنين . وبين ملك وأمير يصيح من بينهم ممزقا المصحف , وينشد شعرا تتداوله الأجيال عبر القرون , والحاكم الطاغية يأمر المؤمنين ويحملهم على الطاعة بفضل فتاوى المزوربن الذين يزينون كل مرسوم أميري بآيات من القرآن لزوم التمويه .

تلك وقائع بشر عاشوا قبل عصرنا بقرون , لكنه التاريخ يعيد نفسه في شكل ملهاة .

فها هو أحدهم يسجد أمام كاميرات التصوير , وآخر يعبئ المدفع للتدوين , مصحوبا بالتكبير (الله أكبر) . الدين عندهم لقطة تلفزيونية أو مقطع فيديو

وبالنتيجة , يباد الناس , يشرّد المدنيون , تستباح المدن والأعراض والممتلكات باسم الله العلي القدير , تنزه وجهه الكريم عمّا يأتون وينافقون لكن أكثر الناس لا يعلمون .. وحسبي الله ونعم الوكيل .

 

[email protected]

‫5 تعليقات

  1. طبعا لا يدور في ذهن كاتب المقال سؤال مثل؛

    هل اصرار المسلم الشديد على إظهار انه يتعبد أو يمارس أي طقس آخر هو فعل حرص عليه المسلمين منذ انبثاق الإسلام؟

    او سؤال مثل؛

    هل الإسلام هو أيدلوجية سياسية اكثر مما هو عقيدة دينية ؟

  2. يا استاذ خالد، الدين اي دين هي كذبة كبرى للسيطرة على عقول البشر، فكل رجال الدين مجموعة من الابالسة في شكل بشر يقودون جماعات فقدت عقولها منذ الولادة والنشاة الاولى فلا تستغرب ان يقود صبي لم يبلغ السادسة وهو يقود جملا ضخما بحبل قصير، وكل القافلة تسير خلفة بطاعة وخضوع منقطع النظير، والاسلام خاصة منذ نشاته سار في كل ازمانه واوقاته خلف من يسمون بالعلماء والصالحين والاولياء، يضيفون ويحذفون ما يريدونه من اتباع طمست عقولهم وعميت بصيرتهم، فلا تستغرب ان طبيبا درس ستة سنوات وقدرها من الخبرات العملية وهو ما زال يصدق ان الاشجار تمشي والقرود تزغرد والبغال المجنحة تطير حتى تصل عرش الرحمن، فيا اخي لا تستغرب منهم القتل واكل الاكباد والسرقة والصلب والرجم وكل ما جاءت به شياطين الارض وابالستها، اعداءنا ليسو الكيزان وليس الاحزاب الطائفية فكلهم سيموتون في يوم من الايام ولكن بلاءنا في هذا الدين الفاشي اللعين والذي ياخذ بخناقنا ويوردنا المهالك بارادتنا وبرغبتنا،، اللهم لا تجعل مصيبتنا في ديننا وهكذا كان دعاء الحلاج الشهير

      1. تحياتي يا السوداني العزيز،

        نحن بحوجة شديدة لاعادة وعي الجماهير، فالوعي الانسان ياتيى في مقدمة المتطلبات البشرية، وانا شخصيا ليس لي اعتراض علي اي دين او مذهب او طائفة،اذا ابتعدت عن العنف والاقصاء فالعيش في سلام وامان هو اسمي متطلبات الانسانية، فالوعي الانساني هو الذي يساعد في نشر السلم والامان، فالاسلام الذي جاء الى السودان تم تقليم اظافره اولا، وغسله، ونشره من قبل وعي الانسان السوداني العريق فلم نسمع بالقطع والرجم والصلب طوال تاريخ السودان وصولا الى الهالك نميري، حتى المحرمات التي جاء بها الاسلام الصحراوي مثل الغناء والرقص، والرسم تحولت بسبب وعينا الجمعي الى اكثر من حلال،

  3. لو واصلت مقالك كما بدأته لكان افضل بكثير. الدين كله صناعة بشرية و لم ينزل شيء من السماء. لو نزلت هذه الرسالات من السماء لما و جدنا فيها و لما احدثت كل هذا الاختلاف. عقل الإنسان يكفيه لتعايش أفراده مع بعضهم و لإقامة حضارات عظيمة. حتى الاخلاق و التي كثيرا من تنسب للدين فهي ليس منه و بزرتها موجودة في الطبيعة البشرية. و مع هذا فهناك

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..