مقالات وآراء

عن حماية الانتقال الديمقراطي

 

نقوش

لؤي قور

“الثورة هي شكل الحرب الوحيد الذي لا يأتي النصر فيه إلا عبر سلسلة من الهزائم”.
-روزا لوكسمبورغ-

تواترت رسائل الدعم للاتفاق الإطاري، والتشجيع على إيصال الحل السياسي إلى غاياته في إنهاء الانقلاب، وخروج الجيش من العملية السياسية، وتكوين حكومة مدنية تتولى أمر الفترة الانتقالية.
جاءت هذه الرسائل من الداخل والخارج، كان آخرها بيان دول الترويكا، وتصريحات وزير الخارجية الأمريكي، والتي أصدرها من القاهرة الأسبوع الماضي، أو تلك التي أعقبت زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي إلى البلاد. مما يشي بقرب إمكانية التوصل لاتفاق نهائي بين العسكر وقوى الانتقال، على أساس الاتفاق الإطاري الموقع بينهما.
وبالتالي، بدء أولى خطوات مشوار التحول الديمقراطي والذي لا ينتهي -بحسب دراسات بحثية- إلا بإصلاح المؤسسات القديمة، وإقامة مؤسسات جديدة فاعلة، وزوال خطر قيام التهديد بالسلاح أو الحرب الأهلية، ووجود إطار دستوري حاكم، وأن يكون الجيش تحت قيادة مدنية، انتهاءً بظهور نظام تنافسي، وحدوث عملية تداول سلمي للسلطة، واستقرار النظام، واستمرار النظام الديمقراطي بعد إجراء انتخابات للمرة الثانية.
وهو مشوار طويل، تكتنفه عقبات كثيرة، تجعل من حماية الانتقال، وتحصينه من الارتداد للديكتاتورية، أو الانزلاق إلى الحرب الأهلية أولوية قصوى، خلال فترة الانتقال.
كان إعلان السلطة المدنية من داخل ميدان الاعتصام بعد نجاح الثورة في الإطاحة بديكتاتورية الإنقاذ، واقعاً تحت تهديد سلاح (عسكر النظام القديم) حال إعلانه، الشيء الذي دفع القوى المدنية الممثلة للثوار حينها، للتفاوض معهم، من أجل إقرار انتقال ديمقراطي متوافق حوله.
ظل هذا التفاوض يُراوح مكانه حتى جاءت مذبحة (فض اعتصام القيادة)، لتُنهي الفصل الأول من فصول ثورة ديسمبر، بإعلان (عسكر النظام القديم) استيلاءهم على كامل السلطة في البلاد، بعد المذبحة.
أما الفصل الثاني، فبدأ بعد اعتراف العسكر بالهزيمة أمام جحافل الجماهير الرافضة للانقلاب، والتي ناهضته منذ الإعلان عنه في الخامس والعشرين من أكتوبر، فأعلن العسكر استعدادهم للعودة للتفاوض مع القوى المدنية الممثلة للثورة، من أجل إقرار انتقال (متوافق حوله)، نتج عن ذلك الوثيقة الدستورية، التي أقرت نظام حكم قائم على أساس (الشراكة) بين العسكريين والمدنيين.
وبالتالي، تم انتقال ديمقراطي قائم على التوافق بين ما تبقى من مؤسسات النظام القديم وبين قوى الثورة، وتم تشكيل الحكومتين المدنيتين الأولى والثانية، ومن المعلوم أن هذه الفترة شهدت مُناهضة كبيرة من قوى النظام القديم، والتي شكلت عظم ظهر الثورة المضادة.
وعلى الرغم من حدوث أخطاء في التعامل مع عدد من الملفات، فقد شهدت هذه الفترة تقدماً كبيراً على مستوى الأداء الحكومي في بعض الملفات، خاصة في فترة الحكومة المدنية الثانية.
كما شهدت تغول العسكر على ملفات أوكلت للحكومة المدنية بحسب الوثيقة الدستورية، ليقطع انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر مسيرة الانتقال الديمقراطي، ويعيد البلاد إلى نقطة الصفر بعد الردة لديكتاتورية عسكر النظام القديم.
أما الفصل الثالث من فصول ديسمبر، فهو ما نعيشه الآن، بعد اعتراف العسكر بفشل انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر، ولكن بعد أن مرت مياه كثيرة تحت الجسر. كان أهمها عودة عناصر النظام البائد للتحكم في مرافق الدولة، ومؤسسات الخدمة المدنية، والقضاء، وقوى إنفاذ القانون. وانتشر الفساد المالي والإداري، وتعطلت العدالة، وتردى الوضع الأمني بالبلاد بصورة غير مسبوقة.
فضلاً عن الانهيار الاقتصادي الكبير، مما يجعل الوضع شبيهاً بأواخر أيام ديكتاتورية الإنقاذ، بخلاف أن هناك فرصة للعودة للمسار الانتقالي، وبما يفرضه واقع اليوم من حقائق لا يمكن القفز عليها، صنعتها الردة في الانقلابين الأول -وهو ارتكاب مذبحة القيادة العامة- والثاني الذي وقع بتاريخ الخامس والعشرين من أكتوبر، بما يفرض مهام جديدة وأعباء إضافية على قوى الانتقال، في ظل ظروف سياسية محلية ودولية أكثر تعقيداً مما كان عليه الحال، عقب نجاح ثورة ديسمبر في الإطاحة بالنظام البائد.
تباينت الآراء وسط قوى الثورة في التعاطي مع الحل السياسي نفسه، فيما دخل آخرون ضمن القوى الداعمة للانتقال، وقبل العسكر –رسمياً على الأقل- بالخروج من العملية السياسية أثناء الفترة الانتقالية.
وكلها متغيرات يجب أن تؤخذ في الاعتبار، في النظر لهذه المرحلة من مراحل الانتقال. فضلاً عن التهديد (القائم) بالردة للديكتاتورية أمرة أخرى، والانزلاق للحرب الأهلية.
وعليه، يصير تحصين الانتقال حتى يصل إلى غاياته من الأهمية بمكان، خاصة في ظل نشاط الثورة المضادة، وفلول النظام البائد من أعداء الانتقال. ودونك ما نشهده اليوم من محاولات إشعال الأطراف مرة أخرى عبر النزاعات القبلية، وأحداث العنف (المصنوعة) بين مكونات المجتمعات المختلفة في العاصمة والولايات.
حفظ الله السودان وشعب السودان..

الديمقراطي

تعليق واحد

  1. تقول:
    ،( تم انتقال ديمقراطي قائم على التوافق بين ما تبقى من مؤسسات النظام القديم وبين قوى الثورة، )
    أين الديمقراطية هنا؟؟؟؟؟؟
    لماذا تضحك على نفسك وتحاول ان تضحك علينا؟؟
    الديمقراطية تقوم على صناديق الاقتراع وبرلمان منتخب وقرارات صادرة من البرلمان
    في الديمقراطية لا يوجد شيء اسمه قوى الثورة، إقوى الثورة مطلوب منها الحصول على مقاعد لها في البرلمان لتكتسب الشرعية.
    سؤال آخر …لماذا تتوافق مع مؤسسات النظام القديم وانت الذي قمت بالثورة عليه وعليها؟؟؟ طيب عملت ثورة ليه يا فالح؟؟
    الاخ كاتب المقال يتحدث عن الجيش والاجابة ببساطة انهم لن يتمكنوا من مجابهة الجيش والحل هو اصطناع الابتسامة الصفراء معه وتملقه ومنافقته لأن يده باطشة، والتحايل عليه حتى يتم تفكيكه في مرحلة أخرى. يعني شطارة …
    طيب يا حلو ناس الجيش اغبياء للدرجة دي؟؟

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..