تقرير اخباري تعليق نشاط الصليب الأحمر ?هد آخر جدران العون والمساعدة

أسامة حسن عبدالحي

في خطوة أثارت العديد من ردود الفعل ،الرافضة لها ،اعلنت الحكومة السودانية تعليق خدمات الصليب الاحمر في البلاد ،مما القي بظلال سالبة علي الوضع الانساني في المناطق التي تعاني من الحروب في دارفور وجبال النوبة والنيل الازرق ،(الميدان) تلمست معاناة الناس في تلك المناطق ،وما قد ينتج من معاناة جديدة جراء هذه الخطوة ،التي وبحسب توقعات المراقبين سوف يكون لها ما بعدها ،في هذا الحقل الانساني الحساس ،في ظل الظروف المأساوية يري الكثيرون ان لابد من بقاء هذه المنظمة :

تقرير :أسامة حسن عبدالحي

قرار التعليق ?الأبعاد والمرامي

اعلنت الحكومة السودانية ،تعليق خدمات اللجنة الدولية للصليب الاحمر في البلاد والتي تقدم خدمات للنازحين في مناطق النزاعات في دارفور وجنوب كردفان والنيل الازرق ،وقد بررت الحكومة لهذه الخطوة بان اللجنة لم تلزم نفسها بالموجهات والقانون ،ويعود تاريخ عمل اللجنة بالسودان الي عام 1978م ،واللجنة التي تأسست في العام 1863م ،تقدم خدماتها لكل المدنيين وغير العسكريين من ضحايا النزاعات في مناطق العالم المختلفة ،ولكن مراقبون يستبعدون الحديث عن الالتزام بالقانون من قبل اللجنة ،ويرون في هذه الخطوة بانها لا تعدو عن كونها صراع مصالح تقوده الحكومة والهلال الاحمر في السودان ،من اجل تنفيذ ما يسمي بسودنة او توطين العمل الطوعي الانساني ،ويتخوفون من التاثير الكبير لهذا الامر علي النازحين وكل المستفيدين من خدمات الصليب الاحمر ،ويجمع الخبراء ان في الامر شئيا خفيا غير معلن ،داعيين الي كشف الاسباب الحقيقة التي ادت لهذه الخطوة من قبل الحكومة ،مطالبين بالضغط من اجل الابقاء علي جهود المنظمة الدولية في البلاد ،والتى تشهد نزاعات في معظم مناطقها الجغرافية .

تعليق جهود الصليب الاحمر ?لمصلحة من ؟

المحامي ادم شريف ،يري ان المستفيد الاول من هذا هو نظام الانقاذ ،لانه ومنذ فترة يحاول تجفيف معسكرات النزوح ،حتي يساعده ذلك في اظهار الاقليم وكانه امن وليس به صراعات ،مشددا علي ان وجود المعسكرات من عدمه رهين بالحل السياسي الشامل لازمة دارفور والبلاد عامة ،وقانونيا ،يري ان اللجنة الدولية للصليب الاحمر ،اتت بموجب المعاهدات التي وقع السودان عليها،وبالتالي اصبح لازما عليه استضافتها ،خاصة وان السودان يشهد صراعات مسلحة ،وهذا ما يحتم وجود الصليب الاحمر ويكسبه الوضع القانوني لذلك ،ويذهب ادم الي ان اكثر من 3 مليون نازح سوف يتضررون من هذه الخطوة غير القانونية ،مشددا علي ان الصليب الاحمر لجنة محايدة ومستقلة وهي تؤدي عملا مقدرا في اماكن النزاعات في دارفور وجبال النوبة والنيل الازرق ،وهي اعمال انسانية ضخمة ،ومنها ايصال اخبار الاسري لذويهم ،وجمع شتات الاسر التي فرقتها الحروبات ،وتوفر الدواء والكساء والمأوي للمتضررين من الحروب .

الحال على أرض الواقع :

يتوقع الكثيرون ان يكون تاثير هذه الخطوة ،مرا بالغ المرارة علي النازحين في المعسكرات هناك في دارفور ،حيث بذلت (الميدان) جهدا خارقا حتي استطاعت الاتصال تلفونيا بسكان المعسكرات هناك ،حيث قالت حليمة عبدالرحمن النازحة بمعسكر كلمة واخرون معها ان طرد المنظمات او ايقافها عن العمل يسبب لهم الكثير من المتاعب ويضاعف من معاناتهم المتفاقمة اصلا ،جراء تدهور الاوضاع الامنية بالمنطقة ،ورسمت حليمة صورة مأساوية للاوضاع في معسكر كلمة ،حيث قالت انها كانت تتحصل على مساعدات تعينها في تدبير شئون حياتها ،ولكن تبدل الحال بعد طرد المنظمات ،حيث اصبحت كل اسرة تحصل على 2 ملوة من الذرة فقط ،وصفتها بانها لا تكفي لوجبة واحدة لاسرة بسيطة ،ناهيك عن الاسر الكبيرة ،وكشفت عن نقصان حاد الان في المواد الغذائية ،وتوقعت ان تتفاقم هذه الازمة وتصل حد (المجاعة )في المعسكر بعد طرد الصليب الاحمر ،وقال نازحون اخرون طلبوا عدم ذكر اسمائهم ان طرد المنظمات يؤثر تاثيرا بالغا في حياتهم المحفوفة بالمخاطر ،وقالوا : (نضطر للخروج من المعسكر بحثا عن عمل في المزارع القريبة ،وفي الكثير من الاحيان ناتي خالي الوفاض ) ،حيث يخرجون صباحا ويأتون مساءا ولم يجنوا سوي الحسرة والالم الناتج عن التعب والرجوع بخفي حنين ،تعجبوا عندما سألناهم هل تعطيهم الحكومة مساعدات ،فسكت البعض ورد اخرون بالرفض المغلظ ،وسكوتهم ربما يعبر عن سخرية وتهكم ،ولسان حالهم يقول : (منذ متي الحكومة تعطي مساعدات ..؟ ) وقال بعضهم : (الحكومة لا ترحم ولا تخلي رحمة الاخرين تنزل ) في اشارة منهم الي طرد المنظمات العاملة في هذا المجال .

ثم ماذا بعد ?؟

الاثار السلبية لهذه الخطوة ،لن تظهر الان فورا ولكن حسب التوقعات المبنية علي الكثير من المعلومات الحقيقة ،تؤكد ان وضعا ماساويا سوف يترتب علي هذه الخطوة ،والفرق الواضح والبين ما بين قبل وبعد هذه الخطوة ،لن يشعر به احد في الخرطوم او غيرها من المدن ،انما سيشعر به من هم فى معسكرات النزوح في المناطق المأزومة في البلاد ،حيث تظهر جهود اللجنة الدولية للصليب ، ومن المتوقع ان يتفاقم سوء الاوضاع الانسانية ما لم يتم تدارك الامر سريعا .
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..