أخبار متنوعة

التحرش …البحث عن الأمان في محيط الأسرة..!

 

يعاني البعض في السودان من عدم الأمان داخل الأسرة فقد انتشرت ظاهرة التحرش بصورة ملفت للنظر ويكاد لا يخلو منزل من شخص مريض يرتكب هذه الجريمة التي أصبحت تشكل خطراً حقيقياً على المجتمع، فبعض الأسر استطاعت إيصال القضية إلى الأجهزة العدلية وأخذ حقها قانونياً بينما اكتفى البعض بالصمت خوفاً وقهراً من النتائج المتوقع .

تقرير: رشا حسن

حررت نفسها بصعوبة

سردت إحدى الفتيات تعرضن للتحرش من قبل الأقارب قصتها لـ”الراكوبة” وتقول إنها كانت تمكث مع أقاربها في منزل بالخرطوم نسبة لظروف عملها وبعد أسرتها عن العاصمة وأضافت أن قريبها كان يعاملها بأهتمام ويجلب لها هدايا وعندما شعرت بأن المعاملة غير طبيعية أصبحت ترفض الهدايا ولم تطلب منه شيء .

وتابعت الفتاة قائلة : في يوم خرج جميع ما في المنزل وأصبحت لوحدي مع قريبي وبعد مرور ساعة طرق باب غرفتها طالباً مسح بعضاً من الدواء على ظهره وعندما جاءت لمسح الدواء لم ينام على بطنه بل أصبح مستلقى على ظهره وقالت إنه رفض الاستلقاء على بطنه وطلب منها مسح منطقة البطن والصدر بالدواء وكانت ردها ” هذا الدواء لألام الظهر لماذا أمسح لك مكان غيره”.

واستمرت الفتاة في الرفض وخرجت من الغرفة، وتشير إلى أنه جاء خلفها محاولاَ امساكها من وسط جسمها وبعد عملية شد وجذب دارت بينهما استطاعت تحرر نفسها بصعوبة منه وأطلقت صرخات سمعها الجيران فطرق الباب أحد الزائرين فخرج له .

وأوضحت لـ”الراكوبة” بأنه عاد وأغلق الباب وتوجه إلى غرفته مباشرة وخرج منها وفي يده عصا وهددها بالضرب حال استمرارها في الصراخ وافادة الفتاة انها لم تستجيب له واستمرت في الصراخ فتركها خوفاً من الجيران ودخل غرفته وأغلق بابها وطبقاً لحديثها هرولت بعد ذلك نحو الباب وخرجت من المنزل بحثاً عن مكان أخر ، وذكرت أنها لم تستطع إخبار أسرتها خوفاً من العواقب والخدش الذي سيحدث للعائلة .

تستر وعقوبة

ويقول المحامي المختصة في محاكم الاسرة والطفل منتصر عبدالله في حديثه لـ”الراكوبة” إن قانون الطفل السوداني لعام 2010م ارتبط بخصوصية الجرم الذي يقع على الأطفال ولحماية الأطفال من هذه الجرائم إنشاء محكمة ونيابة وشرطة خاصة بهم مشيراً إلى أن معظم الجرائم تقع داخل الأسرة وأن الاخيرة تعمل على التستر عليها ومعالجتها بطريقة خاصة بعيداً عن القضاة .

ويشير عبدالله إلى أن وجود النيابة ساعد في الحد من هذه الجرائم وصفاً العدد الحالي للبلاغات أنه غير حقيقي متوقعاً ارتفاعها العام الماضي إلى (1000) بلاغ مضيفاً أن لديه قضايا يعمل عليها منذ بداية العام الماضي و تحمل رقم (367) و(327) بلاغاً .

ويبين المحامي منتصر عبدالله أن التحرش من الجرائم الصعبة لجهة أنها تتم في الخفاء وعدم وجود البينة ويشير إلى أن عقوبة من تثبت عليه الجريمة تنطبق عليه المادة (45) والتي نصت : في حال أغتصاب طفل أو الاعتداء عليه أو بيع عضو من أعضائه أوالتحرش به أو الاساءة جنسياً إليه يحكم عليه بالسجن مدة لا تتجاوز (10) سنوات.

ويوضح أن الأشخاص الذي تفوق أعمارهم (18) عام ينقل من محاكم الاسرة والطفل إلى القانون الجنائي لفت إلى أن لفظ التحرش ذكرت في قانون الأسرة والطفل فقط ولا يوجد في القانون الجنائي ولكنه عاد وقال إنه يندرج في القانون الجنائي تحت مسمى الأفعال الفاضحة ويعاقب من يرتكبها بالجلد (100) جلدة أو الغرامة أو السجن مدة لا تتجاوز شهراً مبيناً أن كلمة “التحرش” نص عليه القانون بالاسم.

ويقول عبدالله إن وقعت المحارم قد أشار إليه في قانون الجنائي السوداني ايضاً في المادة (150) الباب (15) حسب هذه المادة و يعاقب الجاني على حسب العقوبة التي يشكلها الفعل .

وبحسب المختص في محاكم الأسرة والطفل أن هذه القضايا تعمل على الخدش داخل الأسر واصفاً الاتهام بالـ”خطير” وأن أثاره تمتد إلى أخرين داخل الأسرة وارجع عبدالله هذه النوع من القضايا إلى وجود مشاكل بين الزوجين وبينهم دعاوى قضائية بين الأطراف أو أمراض نفسية.

احصائية صادمة

فيما أكدت مصادر في حديثها لـ”الراكوبة” إن حالات التحرش في زيادة مستمرة واسبوعياً يتم تسجيل عدد (2) بلاغاً في مدينة الخرطوم أما في منطقة بحري تبلغ عدد البلاغات (10) بلاغات في الأسبوع مؤكدة أن جميعها لا تصل إلى المحاكم وأشارت المصادر إلى أرتفاع نسبة البلاغات خلال العام الماضي مقارنةً بالأعوام السابقة فيما امتنعت المصادر عن كشف الإحصائية الكلية لجرائم التحرش.

وفي السياق عزز المحامي عثمان العاقب في حديثه لـ”الراكوبة” شهادة المصادر بصعوبة الحصول على إحصائيات وقال إن السلطات تمارس عملية تكتم في هذا الجانب موضحاً أن البلاغات التي عمل عليها قبل أيام كان الجاني من العائلة وحكم عليه بالسجن (20) عاماً بعد أن قام بالاعتداء على الطفل ووصف العاقب حالة اسرته بالـ”المنهارة” وقال إن في جلسات المحكمة كان والد الطفل يزرف الدموع متاثراً بحالة طفله ووثقه في أقاربه.

ويروى المحامي تفاصيل الحادثة ويقول الوالد أرسل طفله إلى منزل شقيقه واستغرق الطفل وقت طويل وأضاف بعد عودته أخبر الطفل والده بما حدث له وسرعان ما اتجهوا به إلى القسم ثم إلى المستشفى وإجراء اللازم وشدد عثمان على ضرورة التوجه المبكر إلى الأطباء للحفاظ على حقوق أطفالهم.

المسكوت عنه

في ظل هذه الصورة البائسة ومخاوف من الانحدار إلى المزيد التردي في المجتمع تطل الحاجة الماسة إلى استشارة الطبيب النفسي والعصبي على بلدو الذي يعتقد التحرش وسط الأسر من الأمور المسكوت عنه نتيجة المحاذير الاجتماعية وتكتم المجتمع والخوف من الفضيحة والملاحقات القانونية والاعلامية التي تجعل هذه القضية وباء صامت خوفاً من الدخول في مشاكل أسرية .

ويقول بلدو في حديثه لـ”الراكوبة” إن الأسر التي تحدث فيها هذه الجريمة تصاب بأمراض نفسية متعددة منها الأكتئاب وعدم الثقة والقلق وعدم الراحة وتقود إلى الانتقام والقتل وأذى النفس وقد تصل إلى الانتحار ويرجع أسباب ارتكاب هذا الفعل إلى تعاطي الممنوعات وعدم الرضا بالحياة الزوجية والاضطرابات النفسية بجانب انعدام الوازع الأخلاقي والديني ونصح على بلدو بالإرشاد والتوجيه وتفعيل الخطوط الساخنة لتعامل معه مطالباً الأسر بعدم السكوت عليه وفضح كل يرتكب هذه الجريمة وملاحقته قانونياً وإعادة تأهيله نفسياً وطبياً لينعم المجتمع بالسلم الاجتماعي وتوفير للضحايا الدعم والمناصر.

 

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..