مقالات وآراء سياسية

المبادرة الأممية في ظل استمرار تصاعد القتل والعنف وتباعد المواقف

شريف يس

 

انقلاب 25 أكتوبر والتعقيدات والاجراءات التي لازمته بتعطيل بتمزيق الوثيقة الدستورية وفض الشراكة ، والانقضاض علي مؤسسات المرحلة الانتقالية واقصاء قوي الحرية والتغيير واعتقال رئيس الوزراء والوزراء والقادة السياسيين ، واعلان حالة الطؤاري والتأسيس لعودة الشمولية والاستبداد ، واتفاق البرهان حمدوك 21نوفمبر أربك المشهد السياسي واحدث نوعا من الانقسام والضبابية ، ولكنه لم يغير معادلة الصراع علي الأرض والذي اصبح مفتوحا بين العسكر والشارع ولجان المقاومة والقوي السياسية الذين رفضوا قرارات البرهان بشكل واضح ومنذ بدايه الانقلاب ، في ظل حالة من الأرتباك وتباين الرؤي بين القوي السياسية والحركات المسلحة والقوي المدنية والمكونات العديدة والمختلفة ، يتلازم مع استقالة حمدوك والفراغ الدستوري ، الذي اعاد تعزيز دوراللجنة الأمنية والعسكر للصدارة وكشف الغطاء عنهم بافتقادهم للحاضنة السياسية وان كان يمتلكون القوة والحل الأمني والعسكري ولكن عليهم ان يختاروا التكلفة الأقل مع تردي الأوضاع علي المستوي السياسي والاقتصادي والأمني ، واشتداد المظاهرات والاحتجاجات والمواكب ، والتفاهم والتقارب والتوافق الذي بدأ بين القوي السياسية وقوي المجتمع المدني ولجان المقاومة والكيانات المهنية لتشكيل اطار واسع وعريض لجبهة تشكل مركز موحد وفعال للمعارضة من خلال العودة لمنصة الـتأسيس ، والذي أطبق الخناق علي السلطة الأنقلابية وجعلها محاصرة ومعزوله ، في ظل التنديد والادانات الدولية والأقليمية لوقف القتل والعنف واستخدام الذخيرة الحية في مواجهة التاشطين والصدور العارية الأ من الاعلام وهتافات الحناجر، وبعد بروز مبادرات عديدة تصل الي ثمانية داخليا لاحتواء الموقف وحل الأزمة وزيارات المبعوث الأمريكي السابق للقرن الأفريقي للخرطوم ، واتصالات وزير الخارجية الأمريكي انتوني بلينكن مع الفاعلين في المشهد السياسي .

برزت مبادرة بعثة الأمم المتحدة في السودان (يونيتامس) لدعم المرحلة الانتقالية بقيادة ممثل الامين العام فوكلر بيرتس، والتي ايدت اتفاق 21 نوفمبر 2021 وبعد القرارات والاجراءات القانونية المخالفة للمواثيق والعهود الدولية ومبادي القانون الدولي ، والتعامل مع الانقلاب كأمر واقع ، والذهاب للانتخابات المبكرة وتكرار خطاب العساكر ، والخطأ الاستراتيجي بالعودة للوثيقة الدستورية المعيبة والعودة للشراكة مع اللجنة الأمنية للبشير والحوار معها او عن طرف ثالث ، في ظل نقض العهود والمواثيق وانفراط الثقه ، وهذا مرفوض من الشارع والمظاهرات والحراك الجماهيري الواسع والغاضب ولجان المقاومة والقوي السياسية والمدنية وقوي الثورة الحية التي ترفض الشراكة مع اللجنة الأمنية للبشير والمكؤن الانقلابي ، وهذا ليس موقفا من المؤسسة العسكرية وتطالب باطار وترتيبات دستورية جديدة وانهاء الوضع الانقلابي وتحقيق التحول والانتقال المدني الكامل وابعاد العسكر عن المشهد السياسي ، واصلاح المؤسسة العسكرية والأمنية واعادة هيكلتها ووضعها تحت اشراف السلطة المدنية ، وبالرغم من اشارة فولكر بيرتس بانهم لن يطرحوا مسودة لحل الأزمة وسوف يكتفوا باجراء مشاورات واتصالات لاستطلاع وجهات النظر حول العملية السياسية ودراستها ، في محاولة لكسر الجمود واعادة الثقة بين اطراف العملية السياسية، واحداث أختراق في الأزمة السودانية في ظل الانسداد والفراغ السياسي الذي كان وراء هذه المبادرة ، علي ان يكون الحل سودانيا ، وهل تمتلك الأمم المتحدة الآليات لجمع الأطراف السودانية ووسائل وأوراق  الضغط وهي كثيرة ما بين الجزرة والعصا ، بما فيها امكانية التلويح للعودة للبند السابع ورفع التقارير الدورية واتخاذ اجراءات وعقوبات ودعم اذا توفرت الارادة الدولية لمثل هذا العمل خدمة لجلوس الفرقاء حول مائدة مستديرة والاستماع لوجهات نظر الأطراف المختلفة حول الرؤي والبرامج والسياسات والمواثيق من اجل الديمقراطية والسلام والانتقال الديمقراطي بين القوي السياسية والمدنية والعسكرية والمبادرة الأممية تعبير عن فشل النخبة السياسية والداخل، والمبادرة ملامحها غير واضحة من حيث الأهداف والمضمون والمحتوي والتفاصيل ، ولا توجد خارطة طريق ولا تتحدث عن حلول والشعب السوداني لديه مطالب واضحة ومحددة ، والعودة لما قبل 25 أكتوبر لم تعد تجدي في ظل وجود لاعبين جدد اساسيين من لجان المقاومة واللجان المطلبية ولجان التسيير وتجمع المهنيين وقوي ثورية جذرية ، والشارع لم يعد حكرا للحرية والتغيير والمجلس المركزي الذي مارس الوصاية والاقصاء والمحاصصات ونشوة الممارسة السياسية ويضم قوي مسلحة موجودة داخل مجلس السيادة الانقلابي ، والمخاوف والتشكيك من المبادرة الأممية في دعم العسكر والتدخلات الدولية والأقليمية تميل الي التسويات والتوازن لخلق الاستقرار لضمان تقاطعات مصالحها ونفوذها ، والسودان موقع جيوسياسي يطل علي الساحل والصحراء والقرن الأفريقي وشرق أفريقيا ، وأمن البحر الأحمر وصولا الي المحيط الهندي والعلاقة بدول الجوار التي تشهد عدم استقرار ونزاعات وحروب في اثيوبيا وليبيا وجنوب السودان وتشاد والمخاوف من الأرهاب والهجرة غير الشرعية ألي أوربا، والدول العظمي والأقليمية والصراع والنفوذ علي حرب المؤاني والقواعد البحرية في البحر الأحمر وموارد الذهب واليورانيوم والأراضي والمياه ثم التطبيع مع اسرائيل وما يحدث في السوددان له تأثير علي السلم والامن الأقليمي والدولي وفقا لهذة المعطيات ، والأزمة معقدة ومتداخلة ومتشابكه تحتاج لتوصيف دقيق يقتضي اخراج العسكر من المشهد السياسي واحداث قدر من الانفراج في الأزمة ، والعساكر ليس لديهم خطابا سياسيا يمكن ان يقدموه للشارع والشعب لسوداني والبلد مختطفة من قبلهم .

مهمه الوساطة في غاية التعقيد في ظل الرفض الواسع لعودة العسكر اوالشراكة من جديد والمطالبة بعودتهم الي الثكنات وتقديم تنازلات لفك الاختناق الذي ادي الي ابعاد الشركاء الأصليين وأدخل البلاد في أزمه مستحكمه وسيوله أمنيه ودون ذلك لا يمكن احراز تقدم ، رغم اختلاف الرؤي بين اصدقاء السودان بين من يدعم اعادة السلطة للمدنيين ومن يتحدث عن الشراكه، دعم مؤتمر اصدقاء السودان من الرياض جهود البعثة الأممية لاستكمال المرحلة الانتقالية وانهاء الاحتقان لحوار بين المكونات السياسية ، والمساعدة الي اجراء حوار لتذليل التوتر المتصاعد لحل سلمي تفاوضي مساعد لبناء اجراءات الثقة ، لان العنف يسد ويقفل الطريق امام نجاح المشاورات والحوار وحق التعبير والتظاهر السلمي ، ولا يمكن ان يحد من الحراك الجماهيري والاحتجاجات في ظل الارادة والرغبة والتصميم علي التغيير ، من اجل الحرية والديمقراطية والدولة المدنية الكاملة والكرامة مما دعي مجلس الأمن بالمطالبة بأقصي درجات ضبط النفس (9) من أصل (15) عضوا بينهم روسيا والصين ، والذين يعتبرون ما يجري في السودان شأن داخلي لا يستدعي التدخل ، بعد مليونية 17 يناير وسقوط  تسعة شهداء وأكثر من 70 مصاب وجريح ، والاتحاد الأوربي اعتبر السطات السودانية غير جادة وغير مستعدة لحل الأزمة والنظام لايريد الحوار والحل التفاوضي ويعمل علي المواجهة وفرض الأمر الواقع بقوة السلاح وهو عاجز ورافض ولايحترم الحل السلمي ، وحمدوك قدم استقالته لأنه لم يستطيع حقن الدماء ، والقوي الانقلابية تستخف وتتجاهل الحراك الشبابي والثوي وتسترخص دماء الشباب ، وهنالك جهات ذات علاقة وارتباطات بالنظام البائد فقدت مصالحها وامتيازاتها وليس لديهم رغبة في الحوار والحل السياسي ويعملون علي تعقيد المشهد السياسي وتغييره علي الأرض وتبرير الحقائق والقتل المستمر تحت سيطرتهم بدور اساسي لهيئة العمليات المحلولة وكتائب الظل والأمن الشعبي والكتائب الجهادية لفلول النظام البئد كما حدث للعميد شرطة علي بريمه ، من هم الذين يغتالون الشباب ويحملون السلاح ويرتدون زي القوات النظامية للتخريب والتآمر علي ثورة ديسمبر والأمن مسؤولية المكؤن العسكري كما ان الخطوات الأمريكية لزيارة مساعدة وزير الخارجية للشئون الأفريقية مولي في والمبعوث الخاص للقرن الأفريقي ديفيد ساترفيلد مرتبطة بدعم هذه الجهود ووقف العنف والقلق من تعطيل التحول الديمقراطي ، والادانة لاستخدام القوة غير المناسبة والذخيرة الحية والعنف الجنسي والاحتجاز التعسفي ، وتأكيدهم علي محاسبة المسؤولين عن تلك الممارسات ، وعدم استئناف المساعدات الأمريكية المتوقفة في غياب الامتناع عن استخدام العنف واستعادة حكومة بقيادة مدنية تمثل وتعكس ارادة الشعب خلال اجتماعهم مع قطاع عريض من منظمات المجتمع المدني السوداني، كما تم الاشارة الي ان الولايات المتحدة ستدرس اتخاذ تدابير لمحاسبة المسؤولين عن الفشل في المضي قدما في تحقيق هذة الأهداف ، وحثا علي رفع حالة الطؤاري وتضامنهم مع العناصر المؤيدة للديمقراطية في السودان ودعمهم ، ولماذا تلجأ امريكا للأمم المتحدة في حالة السودان مع الفيتو الروسي والصيني ، وبالتالي تأجيل الحل واستمرار الصراع وتكرار الاحتجاجات ومشاهد القتل والقمع وانفتاح المشهد علي عدة سيناريوهات ، البرلمان الأوربي اعتبر ان تصاعد الأوضاع في السودان خطير ، يمكن ان يقود الي مواجهات عنيفة علي غرار ما يحدث في ليبيا واليمن وسوريا وأجاز مشروع قرار يفرض على دول الاتحاد حظر تصدير وبيع وتحديث وصيانة أي شكل من أشكال المعدات الأمنية إلى السودان  بما في ذلك تكنولوجيا مراقبة الإنترنت لذلك مارشح في وسائل الأعلام من دعوة  لتعديل الوثيقة الدستورية وتكوين حكومه كفاءات مستقلة والدعوة لانتخابات في نهاية الفترة الانتقالية ، يتعارض ورغبة الشارع وتطلعاته وشروط القوي السياسية والمدنية ومطالبة قوي الحرية والتغيير بتوسيع المبادرة الأممية ، وأنشاء آليه دولية رفيعة المستوي تمثل فيها الأطراف الأقليمية والدولية بشخصيات نافذة في ظل هذا الانسداد والاحتقان ، الأزمة السودانية تدخل شهرها الثالث ولعل التناغم بين المبادرة الأممية وجهود الدبلوماسية الأمريكية والانحاد الأوربي تستدعي الجلوس والحوار والتفاهم مع جميع الأطراف ودراسة المبادرات السودانية وتلخيص كافة الأوراق يساعد في تقريب وجهات النظر وتجسير التقارب لامكانية الخروج برؤية تقوي من الدور المدني والتحول الديمقراطي الانتقالي ومدنية الدولة الكاملة ، الوفد الاسرائيلي في السودان لا يناقش المبادرة الأممية للحل ودعم الجهود الأمريكية بقدر وضع خبرة الاجهزة الأمنية والاستخباراتية في القمع المبرمج بالأجهزة والمعدات والتكنلوجيا المتطورة ضد الحراك الشبابي والمدني في اطار منظومة الاستبداد والقهر والطغيان للجنة الانقلابية العسكرية ومساعدتها للخروج من هذا المأزق ، ومنذ زيارة البرهان الي عنتبي ولقاء نتنياهو ، تواصل التطبيع مع اسرائيل والزيارات المتبادلة في اطار التنسق وتبادل المعلومات حول العديد من الملفات المشتركة ، وصولا لاتفاقية أبراهام ويوجد دورا محوريا في التطبيع مع اسرائيل والتنسيق مع مجلس الأمن القومي الاسرائيلي وجهاز الموساد وقال موقع اكسيوس ان البرهان كان شخصية محورية في عملية التطبيع بين تل أبيب والخرطوم علي مدار العامين الماضيين ، وما يتم تداوله عن الاستفادة من الخبرات الاسرائيلية في تدريب قوة استخبارية خاصة بالدعم السريع ، ودور وتدخلات اسرائيل ساهمت في انفصال الجنوب وتأجيج الصراعات والنزاعات في جبال النوبة ودارفور ، لشل وتقسيم السودان الي دويلات واضعاف دورة العربي والأفريقي المحوري وعمقه الأستراتيجي في معادلة الصراع العربي الاسرائيلي، المركز الموحد للقوي السياسية والمدنية ولجان المقاومة وتجمع المهنيين والقوي المطلبية وقوي لثورة الحية ، وتراص صفوفها ومتانه تماسكها وفعالية دورها ، بنبذ الخلافات والتشظي والانقسام ، والخروج من دائرة التخوين والمحاصصات ، والعودة لمنصة التـأسيس والحوار والأعلان الدستوري ومواثيق الثورة وتوحيدالخطاب السياسي، يضاعف من قدرات المقاومة والاستمرار بالثورة والمطاولة بالنضال رغم القتل والعنف لاختيار اللحظة التاريخية الفاصلة والمناسبة والحاسمة لدحر الانقلاب وهزيمته بسلاح الأضراب السياسي والعصيان المدني ، والانتصار لارادة جماهير شعبنا في قيام  الحكم المدني الديمقراطي ومن اجل الحرية والسلام والعدالة .

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..