ضرورة قيام الإتحاد العام للعلمانيين السودانيين

لقد كثرت الأحاديث في منابر شتى حول مسألة بناء الدولة العصرية القابلة للبقاء والتطور في السودان، خاصة في ظل تداخل المشكلات السياسية والإقتصادية وعدم تأسيس الدولة علي منهج ومشروع سياسي وفكري يحقق التوازن التنموي بين المدينة والريف ويدير التنوع اللوني الثقافي وتعدد المفاهيم وتباين الأراء في الشؤن السودانية ويضمن حقوق سائر البشرية بالتساوي دون فرز ولا تمييز.
كثرت التجارب السودانية التاريخية القديمة والحديثة والمعاصرة، وكانت الدولة تتشكل توا بمشروع ثم تزول وتقوم علي حطامها دولة آخرى بمشروع آخر، وهكذا توالت عليها المتغيرات منذ عهد الممالك إلي العهد الحديث والمعاصر، فبرغم هذا الإرث الضخم والمتنوع في الشكل والمضمون، لم يتمكن السودانيين من إستخلاص نظام سياسي وإجتماعي قابل للبقاء والتقدم لتحقيق النهضة الوطنية.
ثمة حقائق لا بد من الوقوف عليها في هذه المرحلة التي نسعى فيها لتشكيل دولة السودان الجديدة، والحقيقة هي (علمنة الدولة)، ولكن الكثيرون تم حجبهم عن هذه الحقيقة بالتشويش المقصود لمفهوم الدولة العلمانية، إذ اننا نواجه الخلط المفاهيمي بين العلمانية كمشروع سياسي وفكري لإصلاح المجتمع ونظام الحكم في الدولة وبين ما تبثه الجماعات الإسلاموية من مفاهيم تقليدية تناقض واقع العالم الذي تقدم بعد تعلمنه، وعليه يجب علي العلمانيين إنتاج خطاب جديد وإبتكار وسائل عديدة لإيصال رسائل تنويرية تزيل الإلتباس القائم.
فمن أجل تحقيق التغيير لا بد من إصلاح وتصحيح مسارنا التنويري أولا قبل الشروع في تفصيل تفاصيل التغيير، وطبقا للضرورة وعلي مسار التطوير والتحديث نقدم مقترح بناء كيان موحد يضم جميع العلمانيين ليقود المرحلة الراهنة.
1/ الضرورة السياسية لقيام الإتحاد العام للعلمانيين السودانيين:
الوضع السياسي المزري في البلاد هو من إنعكاسات سياسات النظام الحاكم، ويحتم علي العلمانيين جميعا بحث طرائق الإتحاد وتوحيد الرؤية السياسية تجاه القضايا الجماهيرية المصيرية، والعمل علي إنتاج وسائل متعددة للدفاع عن حقوق الإنسان السياسية والمدنية وعلي رأسها إيقاف الحروب السياسية وفك الحريات وإطلاق سراح معتقلي الفكر والرأي وإعادة فتح مراكز التوعية والتنمية البشرية وكذلك تبني قضايا الريف السوداني ووضع مشروع بناء دولة ديمقراطية لا مركزية تحقق العدالة في قضايا السلطة والثروة.
2/ الضرورة الإجتماعية لقيام الإتحاد العام للعلمانيين السودانيين:
عندما تتوقف عملية التعلمن عند التغيير السياسي الفوقي ولا تصل إلي عمق المجتمع فهي موعودة بالفشل وستكون كالنماذج السابقة، والتغيير الحقيقي هو الذي يمس مفاهيم المجتمع ويجعله في وضعية الإستعداد لتطبيق ما ينتج عن ثورته في سلوكه ونظرته لقضاياه العصرية والمستقبلية، وهذه مهمة شاقة لكل دعاة التحرر سواء في السودان او غيرها، فالتشكيل السايكلوجي للمجتمع علي الأسس العلمانية وعلي قيم الحرية والسلام والديمقراطية له أرضية خصبة في بلادنا إذا نظرنا لأنماط الحياة في السودان، فالسودانيين بطبعهم المألوف يميلون للحرية والسلام ويفضل الكثير منهم إنصاف العلم في تحليل وإدارة شؤن الحياة رغم الترويج الإعلامي في الإتجاه الآخر لصالح دولة المشروع الحضاري، وهذه النقطة تسوقنا إلي ضرورة فض الإلتباس المفاهيمي لمشروع بناء المجتمع العلماني.
3/ الضرورة الثقافية لقيام الإتحاد العام للعلمانيين السودانيين:
تلوح علي السطح مسائل الثقافة والهوية السودانية، وهي من الأشياء المهمة في الحضارة الإنسانية الكونية علي مدار الأزمنة، والدولة السودانية متنوعة الثقافات ولم يتم السابقون من رسم هويتها وانقسم الناس إلي مدارس كثيرة منها ما هو افريقي ومنها ما هو عربي، وحتي في تنوع الأديان إنقسم الناس بين الإسلام والمسيحية والمعتقدات الآخرى، ولكن حسم الدكتور جون قرن هذه المسائل برؤية بناء الدولة السودانية المتنوعة وقال في ذلك (فلنتقبل انفسنا كسودانيين أولا، وقبل كل شيئ العروبة لا تستطيع توحيدنا، الأفرقانية المضادة للعروبة لا تستطيع توحيدنا، الإسلام لا يستطيع توحيدنا، المسيحية لا تستطيع توحيدنا، لكن السودانوية تسطيع توحيدنا)، وفي واقع السودان الحالي نجده وطن متنوع الثقافات وبالتالي تكون السودانوية هوية الجميع، ويتحقق ذلك في قيام دولة المواطنة والديمقراطية التي تساوي الجميع في الحقوق والواجبات وتساويهم امام مؤسسات الدولة وفي الإعلام وفي ممارسة حرياتهم الثقافية دون قيد.
4/ الضرورة العلمية لقيام الإتحاد العام للعلمانيين السودانيين:
للعلمانية تعاريف مختلفة ومن اقرب تعاريفها (العلمانية بفتح العين وتعني العالم والعلمانية بكسر العين وتعني العلم) وكلاهما لا يتقدم دون الآخر، فالعالم الذي نعيش فيه لا يمكن إدارته من خارج وعاء العلم،
والنهضة العالمية التي نشاهدها اليوم لم تأتي من خارج العقل البشري الذي أنتج العلوم والمعارف وسائر الحضارات الإنسانية منذ ملايين السنيين، وعندما وجدت البشرية علي كوكب الأرض في الماضي السحيق، بدأ الإنسان حياته بمحاولات إستخدام عقله للبحث عن حاجاته وتطور في إستكشاف مخزون الطبيعة من حولنا، ولكنا نعيش في بلد جل العلماء تجدهم اما في المنافي او السجون، والإهتمام بهؤلاء سينتج مشاريع علمية كثيرة تساعد علي بناء الدولة العلمانية، وهم يمثلون الرافد الوحيد الذي يروي العقول وينمي المجتمع ويصنع الإزدهار، ولكنا نلاحظ معاداة التيارات الإنكفائية للعلم وتلاحظ ذلك في عدم تطوير المنهاج العلمية وعدم الإهتمام بالبحث والتخطيط الإستراتيجي لكافة اوجه الحياة، وهذا لن يقودنا إلي مواكبة العصر الحالي ولا التقدم مع الأمم إلي الغد الآتي.
* الختام:
الضرورة تلح إلي قيام الإتحاد العام للعلمانيين السودانيين ليس فقط للأسباب التي ذكرناها اعلاه، ولكن لإحداث نقلة كلية للسودان من الأسفل إلي الأعلى، وهذا الإتحاد يمكن أن توضع له مشاريع تستوعب حتي من هم في الإتجاه الآخر، فطالما السعي لبناء دولة تحترم حقوق الإنسان وتطبق الديمقراطية والعدالة الإجتماعية بين سائر مكونات الشعب فللآخرين حقوق وحريات تضمنها الدولة العلمانية بموجب الدستور والقانون.
ربما يتسائل البعض عن أنواع العلمانية بالنظر إلي الدول التي تطبقها، والرد علي هذا السؤال يكون بمراعاة إختلاف وتباين الخصائص الثقافية والإجتماعية والسياسية للشعوب، فما هو في الولايات المتحدة الأمريكية يختلف عن ما هو موجود في جنوب إفريقيا وفي تركيا او هولندا او في بريطانيا، لذلك نراعي هذا الإختلاف، وندعوا لخطاب علماني سوداني موحد يعالج الوضع القائم في بلادنا ضمن مشروع فكري وسياسي وإجتماعي بثوابت العلمانية دون إستنساخ التجارب والأخذ بالمتغير.
سعد محمد عبدالله
[email][email protected][/email]
مقال رائع – ضربة البداية هى زخم شرع معنى علمنة الدولة – السواد الاعظم من الناس يعتقد أن العلمانية طرا تعنى الكفر بما وراء الغيب, المصطلح اصلا معقد و يتماهى مع مشكلة الغرب مع النظام الكنسى و أشياء أخرى, ربما من الأوفق استخدام مصطلح آخر.
العلمانية هي الحل وضمان للتقدم والازدهار نعم لسودان ديمقراطي علماني حر
خلفية مبسطة تعكس اس البلاء في هذا الوطن -بل بلاد المسلمين قاطبة
مكمـن العلة والخــلل ? تشخيص أولي:
بتصور عام، فإننا كأفراد متوقع منا الترقي في مطالب الحياة، والسبيل المتاح إلي ذلك من جانب الدولة هو المنهج التعليمي، الذي يبدأ بتعليم رياض الأطفال حتي المرحلة الثانوية كبداية لتحقيق الذات وبناء المستقبل. أما في جانب الخلوة، فإنه لا مطمع في النهايات إلا بصحيح البدايات لبلوغ الغايات! وفي تقديرنا بين المسارين، فإنه إن كان من علة وخلل، فإن العلة لتكمن في البداية ?أي صحة الإنطلاقة!. ونري من حيث مشارب التربية والأخلاق، نجد أن الشباب اليوم ينقسم فيها إلي إثنين ? شباب نشأوا علي التربية المدرسية وآخرون أقل عددا وأكثر تناقصا، نشأوا علي التربية الروحية للخلاوي، مع ملاحظة أن هناك فئة ثالثة ترحل إلي المدينة من أهل البادية و سكان الريف ?يكونون ضحايا للفوارق المعرفية وسلبيات الإندماج الحضري. فالأولي ? أي المدرسة، لسنا علي عهد بها حتي جاء بها المستعمر إلينا، والثانية ? أي الخلوة، موروث ثقافي خاص بحضارة المسلمين دون سواهم من بزوغ الإسلام وإلي الآن. وبالنظر إلي فائدة المسلمين من بين هذين المشربين في مسألة الأخذ بيد الأمة لما يصلحها ويعزها، نجد أن المقارنة بين المدرسة والخلوة في هذا الأمر لتنتفي في أيها كان أنفع للأمة ? فلاحا وقوة. ففي جانب فائدة المدرسة وقد أفسح لها المجال آخـذة الـريادة في “تطـوير” الأمة ومواكبتها، فإن الناتج الآن جبن ونوم وكسل وفشل متواصل، وإنحلال وتواكل وتآكل وفي فترة لم تتجاوز حتي المائة عام!. وبصورة أخري، ليسأل كل واحد منا نفسه بصدق – أيهما أعز اليوم، مسلمو عهد صلاح الين الأيوبي أم مسلمو اليوم الأكثر حظا والأوفر أموالا. وبصدق آخر تبرئة للذمة، نقول أن ما حل بنا هو نتاج المدرسة، فماذا يحل بنا أن تركنا الأمر علي علاته لمائة عام أخري!. عليه، نري أن الأمر في تقديرنا متراكب، ويرجع أولا إلي علة مصدرية المدرسة، ومستوي نظرة وحظوة الدين عندها، وغاية تنافسيتها كمجال للفخر والعجب (المماراة والمراءاة!).
– المدرسة ومفهوم المواكبة (دسيسة الدونية!):
وإلتحاقا بركب المواكبة ? دسيسة الدونية! التي نراها وقد طالت عديدا من البلدان الإسلامية، نجد أن العملية التعليمية بشكلها الحالي لمدعاة لليد السفلي ودعـوة مفتوحة لإلغاء ونسخ العداوة اليهود-نصرانية للإسلام، وقاصرة تماما في الإتجاه ذاته في عدم تنبيه الدارسين وإعـدادهم في إتخاذ الشيطان الرجيم وأعوانه أعداءا، حيث حذر القرآن الكريم من ذلك في كثير من المواضع ? الآيات: (إنه عدو مضل مبين)، و(إنما يدعوا حزبه ليكونوا من أصحاب السعير)، وذلك بما يملي علي النفس عقليا من شطح وتشكيك وإفساد معتقد ونكران قيم وفقدان ذات وغير ذلك، وحسيا بما يوقع بها كما في تعاطي المسكر وأكل المال العام، في السرقة والنهب والإحتراب الحرام، في المحسوبية والجهوية وقبلية الأيام، في النميمة والدسائس بين الأنام وغيرها من ظلم وفسوق وفساد أخلاق ومهلكات طوام. وبسبب تعهدنا لمفهوم المواكبة وتركنا لما يردنا إلي أصول ديننا، أصبحت هذه المنكرات واقعا يتكرر ويتطور إن دل على شئ، إنما يدل أولا علي مدي مقدار تقوى الله ومخافته بين الحاكم والمحكوم، من غياب الحس الرسالي وظهور المجتمع الإنشغالي، من وقوعنا أسري لدسيسة الدونية ومحوها بالتفاخر والتعالي، وكذا دونية التهميش ومخاطبته بأساليب شتي وطرق لا تبالي!. ويضع ثانية إستفهامات حول مدى تعرف المسلم وإهتمامه بمنهاجه، والعمل بالتسليم به مع ممارسة تجديده له – إذ المعرفة بالدين تولد في النفس قناعة التسليم والتسليم يثمر الرغبة في الممارسة، والممارسة تتطلب الحركة القاصدة بالإخلاص والنية الصادقة، وهذا ما بتنا نفتقد يوما بعد يوم!!
هذه المواكبة ليست في حقيقتها معيارا معني به المسلمون لمقايسة أنفسهم مع غيرهم ?لأننا بفضل الله ونعمه نحن الأعلون، وخير أمة أخرجت للناس. فالمسلم الحق يعلم إن الدين عند الله الإسلام، وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور، وأن الله قد تكفل لنا بحفظ الذكر، فلا بال مشغول لنا سوي الجهاد في الدنيا والإستعداد للآخرة وأنه تعالي قد وعدنا بالرزق ما عبدناه وأقمنا دينه، وأما المسلم الذي هو علي غير ذلك متشبث بمظاهر الحياة ومقعد بظواهر الأمور، بلا جهاد ولا إستعداد ضمن أولوياته، فإنه ينظر إلي هذه الميزات بشيئ من النفور وعدم الواقعية – بعدم تفويضه الأمر إلي الله؛ بجعل القوة لأسلحة الدمار والسطوة لسيادة الدولار، ونسي أن العزة لله مسير الأقدار ولرسوله صاحب المكانة المختار وللمؤمنين أهل النصرة الأبرار. وهنا يبرز السؤال، علي أي شيء ونحن الأعلون، يتوجب علينا أن نلحق بتحضر دول الغرب تحت غطاء المواكبة – دسيسة الدونية هذه!، ونعلم يقينا أنهم بتوفيقهم في أهوائهم مستدرجون وما بهم من قوة ونعمة إلا ليعمهون، أم أننا نتبع أهواءهم ونستدرج معهم لأجل دنيا نعيمها في زوال ونحن الموعودون في الآخرة بعظيم النوال والقرآن يحـذر: (ولئن إتبعت أهواءهم بعدما جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا واق).
ففي هذا الشأن، يجب أن نعرف النشء أن المسلم مستعدي وبصورة مستمرة في كل مراحل حياته، بأوجه مختلفة من العداوات، حتي ليظن أنه في خير من فاعليها وهم الشيطان بهدف الإضلال، وكفار اليوم لأجل ترك دينه، أو ليكن غير مقيم له، أو التحول عنه لشبه مسلم علماني، شيوعي أو ماسوني، أو إعتناق الإسلام علي الطريقة التي تروق لهم كالإسلام الأمريكي الجديد ليصير مسلما مواليا معجبا بهم، أو ليصير متنازلا في دينه متساهلا مستوعبا لهم عبر ندائية وسطية هذه الأيام!. فهذا التنازل وتلك الموالاة وما قبلهما لعين الكفر، وأسوأ منها جميعا ظهور المنافقون الجدد بين المسلمين؛ شيوعي، ماسوني، علماني أو عقلاني!. وعليه، فإنه لمن الخطأ بحق أنفسنا في مناهج تعليمنا الإبتدائي، قصرنا لأعداء ديننا ورسولنا في عداوة قريش السابقة ومن معها – بجعلها تاريخا يدرس وحسب!، وكأنما الذي يحصل اليوم من قبل كفار هذا اليوم وممن والاهم من المسالح التابعين المعجبين بخطط متعددة مدروسة بمعزل، وليس إمتداداً لتلك العدواة!.
التعليم المدرسي ? بداية مخاطرة بالإنفتاح ونهاية تهلكة بالحياد ? تشخيص أخير:
فالضلال الذي نعني بالفقرة أعلاه، هو إنحراف بصيرة النفس وبوصلة وجهتها من نور هدي الحق إلي ظلم زيغ الشياطين. ومن أوجه الضلال في هذا الدهر – ما ينشأ تأثرا بسلبيات التربية المدرسية – مفتاح التثاقف والإنفتاح الغير مدروس! وعادة ما يحصل ذلك، إنبهار النفس المسلمة بأهل الكفر، تسليما بمفاهيمهم التحررية مع الأخذ بنظرتهم في رؤيتهم للدين علي حد سواء!. فالمسلم السوي وفي مسيرة حياته، إنطلاقا من مراحل تعليمه في الصغر، متوقع منه الترقي إلي مراتب الإيمان، إلا أن النفس الغير سوية هي من تهوي بصاحبها في شراك مغريات العلمانية، والتسربل بفكريات الشيوعية – وهلم جرا، وهنا نادرا ما نجد أحدا من متربيي الخلاوي أو المدارس القرآنية منزلقا في هذا الإتجاه.
وتبدأ المسألة بإتخاذ النفس موقف النظر للدين بحياد!، وعندها تنتاب هذه النفس الغير سوية هواجس الشك والإرتباك، فتقع في حالة من التنازع النفسي تودي بها للتشكك في بعض متعلقات الإيمان، والتجادل في صلاح بعض شرائع الإسلام، حتي تصبح نهاية المطاف بوقا مروجا للتحلل والدعوة للتحرر من تعاليم الإسلام، إلي أن يصل بها مستوي الإنحراف لدرجة وصف الدين بالدجل وأهله بالدجالين وغيرها من تدنيسات. وهكذا يحصل الزيغ الشيطاني الذي يلتبس عادة من ينظر للدين بحياد – ليس معه ولا ضده!، إنقلابا علي إسلام الفطرة وطعنا في الإتباع!. وهذه الحيادية – المخاطرة التهلكة، هي ما تحصل للشباب المتنكرين لثقافة الدين، أو الشاطحين بعيدا عند الإجتهاد، أو للذين يتبعون أساليب “خوارجية” في تحصيل المعرفة وفهم الإعتقاد – تؤدي بهم جميعا متنكرين، شاطحين وخوارج، للخروج من طريق معلوم، يسلكة المسلم متثبتا به من ربه إلي دين ربه وهو الإسلام، ميولا إلي طريق آخر مجهول، يتحسسه مستهوا به من الشياطين إلي غرور الشيطان وهو الضلال -الآية: (فماذا بعد الحق إلا الضلال) -32: يونس.
فما فات علي التعليم العام تداركه في هذا الشأن، هو عدم الإشراف علي إتجاهات التفكير، والتحكم بالمفاهيم عند المتعلم منذ صغره، خاصة فيما يتعلق بالأسئلة التي يثيرها حول العقائد والإيمانيات عموما. وهنا لسنا بقصد تحجيم وجمود الفكر عند الإنسان المسلم، والقرآن كله دعوة للتفكر والتبصر لإدراك الإيمان وتصحيح الإعتقاد. فالذي يمكننا القول به، “أن كل تفكر لا يجول بك في العواقب والمآل فدون مستوي الرجال!، وكل علم أشعرك بالكمال ولم يأخذ بك إلي حيرة سؤال فهو إدعاء لا محال!” ?الآية: (ولا يحيطون بشئ من علمه إلا بما شاء). فكل مآلات التفكر ومقاصد العلوم يجب أن تقود إلي الإيمان بأن للكون مدبرا موجود وهو الله ربنا رب الوجود، وإلا فذلك كله هراء ممجوج!. وعليه ?فإنه، ليس من دعوات الإسلام بعد الإيمان الدعوة إلي إعمال العقل – خروجا من نصوص التوحيد وثوابت الشرع الحنيف، وإنما هناك تفكر يزداد به المؤمن بصيرة، وحيرة إيمان يطمئن بها علي حيرة، ومن ذلك ما جاء في قوله تعالي علي لسان سيدنا إبراهيم – في الآية: (وإذ قال إبراهيم ربي أرني كيف تحي الموتى، قال أولم تؤمن، قال بلى ولكن ليطمئن قلبي، قال فخذ أربعة من الطير، فصرهن إليك، ثم أجعل على جبل منهن جزءا، ثم أدعهن يأتينك سعيا، واعلم أن الله عزيز عليم) – 260: البقرة.
أحسن كاتب المقال حين قال (( لكن حسم الدكتور جون قرن هذه المسائل برؤية بناء الدولة السودانية المتنوعة ))
تعليق : دولة جنوب السودان الوليدة دولة علمانية و لم يكن للمسلمين من اي الاطياف كانوا ثقل سياسي فيها و مع دعم الغرب لقيامها و مع توفر مصدر للعملات الصعبة و هو البترول الا ان الدولة انخرطت في حرب أهلية قبلية و انهارت و اصبحت دولة فاشلة في خمس سنين !!!!!
هل حلت العلمانية مشاكل الجنوب ؟
السؤال لكاتب المقال و المعلق صلاح فيصل
مقال رائع – ضربة البداية هى زخم شرع معنى علمنة الدولة – السواد الاعظم من الناس يعتقد أن العلمانية طرا تعنى الكفر بما وراء الغيب, المصطلح اصلا معقد و يتماهى مع مشكلة الغرب مع النظام الكنسى و أشياء أخرى, ربما من الأوفق استخدام مصطلح آخر.
العلمانية هي الحل وضمان للتقدم والازدهار نعم لسودان ديمقراطي علماني حر
خلفية مبسطة تعكس اس البلاء في هذا الوطن -بل بلاد المسلمين قاطبة
مكمـن العلة والخــلل ? تشخيص أولي:
بتصور عام، فإننا كأفراد متوقع منا الترقي في مطالب الحياة، والسبيل المتاح إلي ذلك من جانب الدولة هو المنهج التعليمي، الذي يبدأ بتعليم رياض الأطفال حتي المرحلة الثانوية كبداية لتحقيق الذات وبناء المستقبل. أما في جانب الخلوة، فإنه لا مطمع في النهايات إلا بصحيح البدايات لبلوغ الغايات! وفي تقديرنا بين المسارين، فإنه إن كان من علة وخلل، فإن العلة لتكمن في البداية ?أي صحة الإنطلاقة!. ونري من حيث مشارب التربية والأخلاق، نجد أن الشباب اليوم ينقسم فيها إلي إثنين ? شباب نشأوا علي التربية المدرسية وآخرون أقل عددا وأكثر تناقصا، نشأوا علي التربية الروحية للخلاوي، مع ملاحظة أن هناك فئة ثالثة ترحل إلي المدينة من أهل البادية و سكان الريف ?يكونون ضحايا للفوارق المعرفية وسلبيات الإندماج الحضري. فالأولي ? أي المدرسة، لسنا علي عهد بها حتي جاء بها المستعمر إلينا، والثانية ? أي الخلوة، موروث ثقافي خاص بحضارة المسلمين دون سواهم من بزوغ الإسلام وإلي الآن. وبالنظر إلي فائدة المسلمين من بين هذين المشربين في مسألة الأخذ بيد الأمة لما يصلحها ويعزها، نجد أن المقارنة بين المدرسة والخلوة في هذا الأمر لتنتفي في أيها كان أنفع للأمة ? فلاحا وقوة. ففي جانب فائدة المدرسة وقد أفسح لها المجال آخـذة الـريادة في “تطـوير” الأمة ومواكبتها، فإن الناتج الآن جبن ونوم وكسل وفشل متواصل، وإنحلال وتواكل وتآكل وفي فترة لم تتجاوز حتي المائة عام!. وبصورة أخري، ليسأل كل واحد منا نفسه بصدق – أيهما أعز اليوم، مسلمو عهد صلاح الين الأيوبي أم مسلمو اليوم الأكثر حظا والأوفر أموالا. وبصدق آخر تبرئة للذمة، نقول أن ما حل بنا هو نتاج المدرسة، فماذا يحل بنا أن تركنا الأمر علي علاته لمائة عام أخري!. عليه، نري أن الأمر في تقديرنا متراكب، ويرجع أولا إلي علة مصدرية المدرسة، ومستوي نظرة وحظوة الدين عندها، وغاية تنافسيتها كمجال للفخر والعجب (المماراة والمراءاة!).
– المدرسة ومفهوم المواكبة (دسيسة الدونية!):
وإلتحاقا بركب المواكبة ? دسيسة الدونية! التي نراها وقد طالت عديدا من البلدان الإسلامية، نجد أن العملية التعليمية بشكلها الحالي لمدعاة لليد السفلي ودعـوة مفتوحة لإلغاء ونسخ العداوة اليهود-نصرانية للإسلام، وقاصرة تماما في الإتجاه ذاته في عدم تنبيه الدارسين وإعـدادهم في إتخاذ الشيطان الرجيم وأعوانه أعداءا، حيث حذر القرآن الكريم من ذلك في كثير من المواضع ? الآيات: (إنه عدو مضل مبين)، و(إنما يدعوا حزبه ليكونوا من أصحاب السعير)، وذلك بما يملي علي النفس عقليا من شطح وتشكيك وإفساد معتقد ونكران قيم وفقدان ذات وغير ذلك، وحسيا بما يوقع بها كما في تعاطي المسكر وأكل المال العام، في السرقة والنهب والإحتراب الحرام، في المحسوبية والجهوية وقبلية الأيام، في النميمة والدسائس بين الأنام وغيرها من ظلم وفسوق وفساد أخلاق ومهلكات طوام. وبسبب تعهدنا لمفهوم المواكبة وتركنا لما يردنا إلي أصول ديننا، أصبحت هذه المنكرات واقعا يتكرر ويتطور إن دل على شئ، إنما يدل أولا علي مدي مقدار تقوى الله ومخافته بين الحاكم والمحكوم، من غياب الحس الرسالي وظهور المجتمع الإنشغالي، من وقوعنا أسري لدسيسة الدونية ومحوها بالتفاخر والتعالي، وكذا دونية التهميش ومخاطبته بأساليب شتي وطرق لا تبالي!. ويضع ثانية إستفهامات حول مدى تعرف المسلم وإهتمامه بمنهاجه، والعمل بالتسليم به مع ممارسة تجديده له – إذ المعرفة بالدين تولد في النفس قناعة التسليم والتسليم يثمر الرغبة في الممارسة، والممارسة تتطلب الحركة القاصدة بالإخلاص والنية الصادقة، وهذا ما بتنا نفتقد يوما بعد يوم!!
هذه المواكبة ليست في حقيقتها معيارا معني به المسلمون لمقايسة أنفسهم مع غيرهم ?لأننا بفضل الله ونعمه نحن الأعلون، وخير أمة أخرجت للناس. فالمسلم الحق يعلم إن الدين عند الله الإسلام، وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور، وأن الله قد تكفل لنا بحفظ الذكر، فلا بال مشغول لنا سوي الجهاد في الدنيا والإستعداد للآخرة وأنه تعالي قد وعدنا بالرزق ما عبدناه وأقمنا دينه، وأما المسلم الذي هو علي غير ذلك متشبث بمظاهر الحياة ومقعد بظواهر الأمور، بلا جهاد ولا إستعداد ضمن أولوياته، فإنه ينظر إلي هذه الميزات بشيئ من النفور وعدم الواقعية – بعدم تفويضه الأمر إلي الله؛ بجعل القوة لأسلحة الدمار والسطوة لسيادة الدولار، ونسي أن العزة لله مسير الأقدار ولرسوله صاحب المكانة المختار وللمؤمنين أهل النصرة الأبرار. وهنا يبرز السؤال، علي أي شيء ونحن الأعلون، يتوجب علينا أن نلحق بتحضر دول الغرب تحت غطاء المواكبة – دسيسة الدونية هذه!، ونعلم يقينا أنهم بتوفيقهم في أهوائهم مستدرجون وما بهم من قوة ونعمة إلا ليعمهون، أم أننا نتبع أهواءهم ونستدرج معهم لأجل دنيا نعيمها في زوال ونحن الموعودون في الآخرة بعظيم النوال والقرآن يحـذر: (ولئن إتبعت أهواءهم بعدما جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا واق).
ففي هذا الشأن، يجب أن نعرف النشء أن المسلم مستعدي وبصورة مستمرة في كل مراحل حياته، بأوجه مختلفة من العداوات، حتي ليظن أنه في خير من فاعليها وهم الشيطان بهدف الإضلال، وكفار اليوم لأجل ترك دينه، أو ليكن غير مقيم له، أو التحول عنه لشبه مسلم علماني، شيوعي أو ماسوني، أو إعتناق الإسلام علي الطريقة التي تروق لهم كالإسلام الأمريكي الجديد ليصير مسلما مواليا معجبا بهم، أو ليصير متنازلا في دينه متساهلا مستوعبا لهم عبر ندائية وسطية هذه الأيام!. فهذا التنازل وتلك الموالاة وما قبلهما لعين الكفر، وأسوأ منها جميعا ظهور المنافقون الجدد بين المسلمين؛ شيوعي، ماسوني، علماني أو عقلاني!. وعليه، فإنه لمن الخطأ بحق أنفسنا في مناهج تعليمنا الإبتدائي، قصرنا لأعداء ديننا ورسولنا في عداوة قريش السابقة ومن معها – بجعلها تاريخا يدرس وحسب!، وكأنما الذي يحصل اليوم من قبل كفار هذا اليوم وممن والاهم من المسالح التابعين المعجبين بخطط متعددة مدروسة بمعزل، وليس إمتداداً لتلك العدواة!.
التعليم المدرسي ? بداية مخاطرة بالإنفتاح ونهاية تهلكة بالحياد ? تشخيص أخير:
فالضلال الذي نعني بالفقرة أعلاه، هو إنحراف بصيرة النفس وبوصلة وجهتها من نور هدي الحق إلي ظلم زيغ الشياطين. ومن أوجه الضلال في هذا الدهر – ما ينشأ تأثرا بسلبيات التربية المدرسية – مفتاح التثاقف والإنفتاح الغير مدروس! وعادة ما يحصل ذلك، إنبهار النفس المسلمة بأهل الكفر، تسليما بمفاهيمهم التحررية مع الأخذ بنظرتهم في رؤيتهم للدين علي حد سواء!. فالمسلم السوي وفي مسيرة حياته، إنطلاقا من مراحل تعليمه في الصغر، متوقع منه الترقي إلي مراتب الإيمان، إلا أن النفس الغير سوية هي من تهوي بصاحبها في شراك مغريات العلمانية، والتسربل بفكريات الشيوعية – وهلم جرا، وهنا نادرا ما نجد أحدا من متربيي الخلاوي أو المدارس القرآنية منزلقا في هذا الإتجاه.
وتبدأ المسألة بإتخاذ النفس موقف النظر للدين بحياد!، وعندها تنتاب هذه النفس الغير سوية هواجس الشك والإرتباك، فتقع في حالة من التنازع النفسي تودي بها للتشكك في بعض متعلقات الإيمان، والتجادل في صلاح بعض شرائع الإسلام، حتي تصبح نهاية المطاف بوقا مروجا للتحلل والدعوة للتحرر من تعاليم الإسلام، إلي أن يصل بها مستوي الإنحراف لدرجة وصف الدين بالدجل وأهله بالدجالين وغيرها من تدنيسات. وهكذا يحصل الزيغ الشيطاني الذي يلتبس عادة من ينظر للدين بحياد – ليس معه ولا ضده!، إنقلابا علي إسلام الفطرة وطعنا في الإتباع!. وهذه الحيادية – المخاطرة التهلكة، هي ما تحصل للشباب المتنكرين لثقافة الدين، أو الشاطحين بعيدا عند الإجتهاد، أو للذين يتبعون أساليب “خوارجية” في تحصيل المعرفة وفهم الإعتقاد – تؤدي بهم جميعا متنكرين، شاطحين وخوارج، للخروج من طريق معلوم، يسلكة المسلم متثبتا به من ربه إلي دين ربه وهو الإسلام، ميولا إلي طريق آخر مجهول، يتحسسه مستهوا به من الشياطين إلي غرور الشيطان وهو الضلال -الآية: (فماذا بعد الحق إلا الضلال) -32: يونس.
فما فات علي التعليم العام تداركه في هذا الشأن، هو عدم الإشراف علي إتجاهات التفكير، والتحكم بالمفاهيم عند المتعلم منذ صغره، خاصة فيما يتعلق بالأسئلة التي يثيرها حول العقائد والإيمانيات عموما. وهنا لسنا بقصد تحجيم وجمود الفكر عند الإنسان المسلم، والقرآن كله دعوة للتفكر والتبصر لإدراك الإيمان وتصحيح الإعتقاد. فالذي يمكننا القول به، “أن كل تفكر لا يجول بك في العواقب والمآل فدون مستوي الرجال!، وكل علم أشعرك بالكمال ولم يأخذ بك إلي حيرة سؤال فهو إدعاء لا محال!” ?الآية: (ولا يحيطون بشئ من علمه إلا بما شاء). فكل مآلات التفكر ومقاصد العلوم يجب أن تقود إلي الإيمان بأن للكون مدبرا موجود وهو الله ربنا رب الوجود، وإلا فذلك كله هراء ممجوج!. وعليه ?فإنه، ليس من دعوات الإسلام بعد الإيمان الدعوة إلي إعمال العقل – خروجا من نصوص التوحيد وثوابت الشرع الحنيف، وإنما هناك تفكر يزداد به المؤمن بصيرة، وحيرة إيمان يطمئن بها علي حيرة، ومن ذلك ما جاء في قوله تعالي علي لسان سيدنا إبراهيم – في الآية: (وإذ قال إبراهيم ربي أرني كيف تحي الموتى، قال أولم تؤمن، قال بلى ولكن ليطمئن قلبي، قال فخذ أربعة من الطير، فصرهن إليك، ثم أجعل على جبل منهن جزءا، ثم أدعهن يأتينك سعيا، واعلم أن الله عزيز عليم) – 260: البقرة.
أحسن كاتب المقال حين قال (( لكن حسم الدكتور جون قرن هذه المسائل برؤية بناء الدولة السودانية المتنوعة ))
تعليق : دولة جنوب السودان الوليدة دولة علمانية و لم يكن للمسلمين من اي الاطياف كانوا ثقل سياسي فيها و مع دعم الغرب لقيامها و مع توفر مصدر للعملات الصعبة و هو البترول الا ان الدولة انخرطت في حرب أهلية قبلية و انهارت و اصبحت دولة فاشلة في خمس سنين !!!!!
هل حلت العلمانية مشاكل الجنوب ؟
السؤال لكاتب المقال و المعلق صلاح فيصل