مقالات سياسية

المقارنات إياها ..!

«مستلزمات العدالة هي أول مستلزمات الحضارة» .. سيغموند فرويد ..!
(1)
رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون زار الإمارات ? قبل سنوات -على متن طيران الاتحاد «الناقل الوطني»، ورفض الجلوس على مقاعد الدرجة الأولى، لأن بلاده تمر بأزمة اقتصادية، وهو كمسئول سياسي لا بد أن يكون قدوة لبقية الشعب في الحرص على تخفيض النفقات ..وهذه بالطبع واقعة خصبة لعقد المقارنات إياها، لكن الملاحظة الأكثر حضوراً ? على الأقل في هذا المقام ? هي ثقة رئيس وزراء دولة عظمى بشركة طيران حديثة – من دولة نامية – لم يتجاوز عمرها سنوات .. لكن مقاعد درجة رجال الأعمال فيها تكفي جودتها لإصرار رئيس الوزراء البريطاني على المضي في تنفيذ قراره المتقشف، طيلة سبع ساعات، هي مدة الرحلة .. تلك الواقعة – بعيداً عن الحسابات الاقتصادية – لا تقل أهمية ولا تأثيراً عن الفتوحات الوطنية التي تحققها المنتخبات الرياضية بإحراز الميداليات الذهبية في المحافل الدولية .. كلها أيقونات نجاح وامتياز وتحضر، تُشهرها الدول الذكية في وجه كل من يساءل عن مسوغ لجدارتها باحترام العالم ..!
(2)
موشيه كتساف مواطن إسرائيلي، سلك طريق السياسة في عمر غض، انضم إلى حزب الليكود وأصبح نائباً في الكنيست وهو في مطلع الثلاثين، ثم أصبح وزيراً في كل الحكومات تقريباً، إلى أن تم انتخابه رئيساً للدولة في مطلع الألفية الثانية، وكان يمكن أن يحمل لقب الرئيس السابق فالرئيس الأسبق، دون أن تذكر أضابير التاريخ شيئاً عن صلاحه الشخصي من طلاحه الأخلاقي، ولكن عدالة التطبيق في بلاده كانت له بالمرصاد .. قبل نهاية فترة رئاسته تم اتهامه في حزمة قضايا اغتصاب وتحرش بمرؤوسات عملن تحت إمرته في عهود متفرقة، وتعرضت محاكمته لمنعطفات تسوية باءت بالفشل، قبل أن تتم إدانته بجرائم تمت بحق ثلاث سيدات عملن تحت إمرته خلال مشواره السياسي، والحكم عليه بالسجن بسبع سنوات عجاف، وتعويضات مالية باهظة .. الشعب الإسرائيلي لاحق رئيس بلاده السابق وعاقبه على استغلال نفوذه .. والقضاء الإسرائيلي قال إن الرئيس السابق «مثله مثل أي شخص آخر»..!
(3)
في الجانب الآخر من العالم باحثون نجحوا ـ يوماً ـ في تعليم أطفال دون سن الخامسة مباديء الفلسفة، وفي الولايات المتحدة تقرير حديث أكد أن أكثر من 80% من أطفال الأمريكيين الذين لم يتجاوزوا سن الخامسة يستخدمون شبكة الإنترنت مرة ـ على الأقل كل أسبوع .. وأندادهم في بلادنا ما يزالون يواجهون خطاباً إعلامياً يبدو وكأنه لا يكاد يفرق بين فئة صغار السن وذوي الاحتياجات الخاصة ..!
(4)
كاتب عربي زار اليابان، وكان في طريقه من العاصمة طوكيو إلى العاصمة القديمة كيوتو لإلقاء محاضرة، مستقلاً القطار الياباني الشهير بالطلقة .. وصل القطار في موعده بالضبط، لكنه توقف على بعد سنتمترات قليلة من مكان وقوفه، فخاطب الكاتب مرافقه قائلاً من باب المزاح: كيف تسمحون بمثل هذه الفوضى .. كيف يقف القطار بضع سنتمرات من موضع قدمي وليس أمامي تماماً؟! .. عندها لاحقته طوابير الاعتذار طوال رحلته التي دامت ثلاث ساعات .. وحين وصوله كان مدير المحطة ينتظره بنفسه واقفاً على الرصيف ليقدم اعتذاره .. هنا وهنا فقط اعترف الكاتب لمرافقه اليابني بأنّ الحكاية كانت «مجرد مزحة» وأنّ ما حدث هو شئ عادي جداً بمقاييس إيقاع الحياة في بلاده .. لكن مرافقه اليابني أجابه قائلاً في مزيج من الصرامة والخشوع: «ولكنه ليس عادياً – أبداً – في اليابان» ..!
اخر لحظة

تعليق واحد

  1. قرأت للكاتبة مقال من جزئين في موقع النيلين بعنوان (شفرة احمد هارون)
    تحدثت الكاتبة عن طفرة هائلة في كل المجالات حققها الوالي احمد هارون في تطوير مدينة الابيض حتى صارت الابيض آية في التطور والرقي؟؟؟!!!
    لا أدري لماذا لم تتحف قراء الراكوبة بهذا المقال (البشارة) ؟!!
    وهذه مقتطفات من المقال :
    1/ ((عدالة التنمية شجرة وعي .. والصحة والتعليم والطرق والمياه أهم عناصر تمثيلها الضوئي .. الكاتبة ..!
    قبل نحو عشر سنوات قفزتُ من نافذة الأدب والقصص القصيرة والقراءات النقدية إلى ردهات الأعمدة الصحفية، وكنت ولا أزال أعيش محنة الصحفيين غير الموالين لأي حزب ? حاكماً كان أم غير ذلك- وأختبر معاناة كتاب الرأي السياسي من غير المنتمين إلى أي كيان يكافح لإسقاط السلطة أو يجاهد لتأمين وجودها.. كنت ولا أزال أتشرف بالانتماء إلى هذه القلة من كتاب الأعمدة الذين تعلقوا بأستار الفكر السياسي المستقل وانتبذوا بالموضوعية مكاناً قصياً .. فعبروا حواجز التعصب .. والتخندق .. والإقصاء .. والتمييز .. إلى رحابة الإنتماء الوطني الجليل .. وإن كلفتهم بعض المواقف أن يبقوا محبوسين في برزخ التصنيفات والاتهامات المتبادلة من كلا الجانبين..!))
    2/ ((أرجو أن تصدقني إذا ما قلت لك أنني أكتب هذا المقال وأنا أسيرة عصف ذهني جليل وشعور عارم بالحماسة والتفاؤل بعد زيارة رسمية إلى مدينة الأبيض، بدأتْ بحضور الجلسة الافتتاحية للملتقى الأول لعمال النقل والمواصلات والطيران، وانتهت بحالة إعياء تام وآلام في الرأس، وتورُّم في القدمين، بعد ساعات متواصلة من التنقل بين ? والوقوف على ? مشروعات التنمية الصاروخية .. الكثيرة .. المتمرحلة .. والمتباعدة ? التي كانت حصاد نفير نهضة شمال كردفان..!))
    3/ ((في خمسينيات القرن الماضي كانت صحيفة التايمز البريطانية هي أول من استخدم مصطلح المعجزة الألمانية لوصف التطور الهائل والسرعة الكبيرة في مشاريع التنمية وإعادة الإعمار التي حدثت في ألمانيا الغربية والنمسا بعد الحرب العالمية الثانية .. ولئن كان هذا التعريف الإعلامي يشمل الظروف والأحوال السياسية والتنموية الخارقة للمألوف والمتجاوزة للعادة ? بحسابات الفترة الزمنية والظروف المكانية ?فدعني أقول لك إن ما حدث ويحدث الآن في شمال كردفان هو معجزة تنموية تستحق مصطلحاً إعلامياً مغايراً يمكنني أن أطلق عليه ? بكل ثقة واطمئنان ? شفرة أحمد هارون..!))
    4/ ((مارأيته بأم عيني في مدينة الأبيض هو معجزة تنموية لا يتمكن من تحقيقها (على ذلك النحو المتجاوز لحسابات الزمان وإشكالات المكان) إلا حاكم ولاية يمتلك شفرة ثنائية فريدة،نجح من خلالها في تسخير إمكانات الحكومة لخدمة الشعب،وتمكن عبرها من تحفيز روح الدعم عند الشعب لمساندة الحكومة .. دون أن تتلكأ أو تتقاعس الحكومة .. ودون أن يتباطأ أو يتذمر الشعب.. فيا لها من شفرة .. ما قرأته أعلاه ليس سوى مقدمة .. غداً ? إن مد الله في الآجال ? أكتب لك عن ما رأيته في مدينة الأبيض..!))
    5/ (( المسئولية هي ثمن العظمة» .. ونستون تشرشل ..!))
    ((تذكرت تلك الطرفة بعد انتهاء جولتي المكثفة في مدينة الأبيض، وفكرت بشخصيات عالمية حققت نجاحات مذهلة في مجالات الحكم والإدارة والسياسة،وكانت هذه الشخصيات تنتمي إلى مهنة القانون .. ولم يقف تفكيري عن هذا الحد، بل تخيلت جموعاً شعبية حاشدة تسأل مولانا «أحمد هارون»? قبل نحو ثلاث سنوات ? عن نسبالنجاح المتوقعة لنفير نهضة شمال كردفان، ثم رأيته ? بعين الخيال ? وهو يجيبهم بهجمة قانونية مرتدة: «كم تريدونها أن تكون» ..؟!))
    6/ ((ألم أقل لك ? في مقال الأمس ? إن مارأيته في مدينة الأبيض هو معجزة تنموية لا يتمكن من تحقيقها «على ذلك النحو المتجاوز لحسابات الزمان وإشكالات المكان» إلا حاكم ولاية يمتلك شفرة ثنائية فريدة تَحُفُّهَا بركات الشعب ومباركة الحكومة ..؟!))؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!!!!
    هذا شئ يدعو للعجب العجاب !!
    ذكرت الكاتبة ان جولتها في مدينة الابيض (انتهت بحالة إعياء تام وآلام في الرأس، وتورُّم في القدمين)
    نصيحتي لها أن تحافظ على نفسها وان لا تتجشم مؤونة السفر لبلد بعيد كالابيض وأن الوزن الزائد هو المسبب لهذه الاعراض التي تشكو منها..

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..