الشيوعيين وانا

د الرازي الطيب ابوقنايه
في منزل والدي مولانا الشيخ الطيب ابوقنايه رحمه الله بمدينة وادمدني الحبيبه ولدنا وترعرعنا وعرفنا معني الصدق والامانه, وتفتقت دواخلنا بالقيم الفاضله النبيله كما تتفتق السماء بالمطر والارض بالنبات. اكثر ماميز تلك الفتره في حياتنا, الصداقه الحنونه التي جمعتنا بجيراننا واولاد حينا وزملائنا في الفصول الدراسيه. انتقلنا بعد ذلك الي المدارس الثانويه والجامعه في الخرطوم منتصف السبعينيات لنلتقي باناس جدد بطبائع مختلفه عنا نحن ابناء مدني الحنونه.

مظلوم هذا الجيل من الطلاب في المدارس الثانويه والجامعات لانهم حرمو من مناخ الحريه والذي من خلاله كانو سيعرفون الصالح من الطالح والحق من الباطل. ففي زماننا التقينا بالاسلاميين والجمهورين والبعثيين والشيوعيين وقد كنا احرارا في اختيار اصحابنا من بينهم. اليس الدين اصلا قائم علي حرية الاختيار؟ وللحقيقه والتاريخ فقد وجدنا الحب والصداقه والاحترام والدفء عند المرض بلا ثمن, عند الشيوعيين دون غيرهم.

بدأت علاقتي مع الشيوعيين بالفتي الشقي عبد المنعم الجزولي في مدرسه محمد حسين الثانويه وقد كان طاهرا ونقيا وصادقا وشجاعا مثله مثل الشجره الوارفة الظلال نحتمي بها من ويلات الناظر الجعيلي مدير المدرسه. ثم بعدها التقينا بالاخ راشد سيد احمد الشيخ والذي امتدت علاقتنا به الي كتابه هذه السطور. مع راشد التقينا بالخاتم عدلان وقد كان هاربا من القضاء النميري وقد حدثنا حديثا شيقا تابعناه بشغف بلا كلل او ملل لاننا لم نسمع به من قبل ونحن نلهو ونلعب في ميادين وادمدني. ومع راشد ايضا التقينا بالوالد المناضل ابو السيد والذي كنا في حضرته نلتزم الصمت العميق كاننا نستمع لاحد الانبياء. فقد كان الرجل ممتلئ بالكبرياء كأن الاثم لم يطرق بابه مطلقا.

ومع بدايه زمن الاغتراب, تساقطت علاقاتنا الاخري وظلت علاقتنا بالشيوعيين كما هي لم تتغير وانما ازدادت ترابطا وكبرت دائرتها لتشمل اسرنا ايضا. لم نفكر لحظه قط اننا نصاحب شيوعييين. واذكر في مره من المرات اتصل بي راشد في الخرطوم وقال لي “ياخ دايرين مساعدتك لانو عندنا مشكله تقنيه في دار الحزب في نمره اتنين. وصراحه مابثق في زول غيرك ادخله مركز المعلومات حقنا”. لقد حفرت كلماته في داخلي قلاده شرف لن يمحوها الزمن.

وصلت علاقتي بالشيوعيين الي قمتها بلقائي محجوب شريف في لندن عندما اتاها مستشفيا مع زوجته وابنتيه. في تلك الايام, تعرفت اكثر بعدد اخر من الشيوعيين منهم صدقي كبلو وحسن الجزولي وقد تاكدت بان القوم من طينه واحده. نفس الخصال الطيبه ونفس الاحساس الدافئ. كنت عندما اتحدث مع حسن الجزولي اتخيله كاحد تلك الشخصيات الاسلاميه التي حدثنا عنها والدي في الصغر. فقد كان خفيض الصوت, كثيرالانتباه وتسكنه روح ملائكيه.

في الجانب الاخر, لم تدم علاقتي بمايسمون انفسهم بالاسلاميين طويلا لانني لم اجد من (معظمهم) سوي الخصال الرزيله من كذب ونفاق وخيانه وحقد وانانيه. وكثيرا ماكنت اسال نفسي (من اين اتي هؤلاء؟).

انا جد اسف ياوالدي لانني سلكت طريقا اخر غير الذي خططته لي بان اكون قريبا من الاسلاميين وبعيدا عن غير ذلك. وسببي في ذلك, ان الحال قد تغير, واكتشفت ان طريقك سيقودني الي النار وطريقي سيقودني الي الجنه. والاسلاميين الذين عرفتهم غير اسلاميي هذا الزمن. كما انني وجدت الشيوعيين ياوالدي (رحمك الله) اكثر من يقدسون الايه التي تقول: “لكم دينكم ولي دين”. اليس الدين هو تقديس الايات القرانيه؟
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. بس خليك قريب من الاسلام و اترك الاسلاميين المزيفين اذا كان القرب منهم يزعجك و لا تخلط بين الاسلام و الاسلاميين كما يفعل كثير من قراء الراكوبة.

  2. لك التحية يا دكتور.. وصدقت أن الشيوعيين هم ملائكة السودان خلقاً وعفة لسان وطهارة يد ووفاء للوطن وحباً للخير للناس.. كل الناس.. لأنهم المؤمنون حقاً.. ووصلوا درجة الاحسان.

  3. ابو قناية شكرا على المقال والاطراء وكذلك كن فى السبعينات اصدقاء للشيوعيين وهم كما ذكرت دوما على قمة من العفة والتادب واكثر من ذلك اقرا كتاب المحجوب الديمقراطية فى الميزان قال ( انظف حزب فى افريقيا والشرق الاوسط )

  4. الاخ الرازي تحية واحتراما وسلام عليكم
    من الرزايا على مدينة ودمدني الاهمال الشديد في شتى المجالات خصوصا في حقبة هؤلاء الذين انحرفوا بقيم السماء والتي كان من رعاتها والدكم الشيخ الطيب ابوقناية (عالم المدينة) الذي نهل على يديه خيرة ابناء السودان الذين تجردوا لما انتدبهم الله اليه من هداية الناس والاخذ بايديهم ليدرجوهم لمعارج السمو فوالدكم كما اعلم كان ممثلا في مجمع مكة السنوي بالحرم المكي الشريف زمان ان لم نسمع باحد من هؤلاء ولم نسمع فيما مضى بان اولئك الرجال عملوا ما عملوا من اجل ان يتحكموا في سلطة او ثروة رغم جدارتهم لذلك ولم يستخدموا انقياد الناس لهم بحق للتسلط بل كانوا هداة حتى للحكام ومحل التقدير والاحترام ولكن اختلط الحابل بالنابل واسند الامر لغير اهله فنحن في انتظار الساعة ولكن بعيدا عن الشيوعيين هههههههه

  5. لست شيوعيا ولكن لى كثير من الأصدقاء منهم وأيضا الأقارب وكلهم أحباب بالنسبة لى .. الفكر الشيوعى قائم على الأخلاق فمساواة الناس وشيوعهم فى الحقوق والواجبات هى دعوة أخلاقية مطلقة والأديان لا تختلف عليها بدليل فى الإسلام هنالك تسجيل الميراث والحقوق بالشيوع وهذا شرع .
    وهى ضد إضطهاد الأنسان لأخيه الإنسان .ولذلك الشيوعى حقا قمة فى الأخلاق وكفى بك محمد أبراهيم نقد .
    فقد ذهب فى جنازثه اصحاب الطرق الصوفية كلها والشعب السودانى كله من إستطاع الحضور ومن لم يستطع فقد شيعه بقلبه ولم يكن نقد حكرا للشيوعيين فقد كان قامة فكرية ومدرسة شيوعية بنفس ما نادى به الإسلام .. وتحيتى لصديقى اسماعيل حسين راسخ والترحم على أخيه أبوبكر وتحيتى لأسع الزبير واخرون كثيرون لا يسع المجال لذكرهم .

  6. في كتابه “منسي :انسان علي طريقته” يحكي الطيب صالح عن لقاء منسي بالملكة ولخبطته للبروتوكول مثل وضعه يده علي كتف الملكة ! لكنه استبعد زعم منسي ان الملكة قهقهت بصوت عال عندما قدم لها نصائحه في تربية الامير تشارلس وقال الطيب صالح ان الملكة مدربة علي كبح عواطفها والغالب انها ابتسمت ! غير ان المحجوب في كتابه “الديمقراطية في الميزان ” ذكر انها في زيارتها للسودان انفجرت ضاحكة بطريقة تعجب لها زوجها الجالس بجانب المحجوب وذلك عندما قدم احمد سليمان الذي كان مفلسا لامعا ذلك الزمان نفسه لها : انا ممثل حزب جلالتكم الشيوعي السوداني ! رحمهم الله وغفر لهم واحسن اليهم , كلٌ ادي دوره بقناعاته وتنافسوا بشرف واستقامة لخدمة الوطن ! لست وحدك يا اخي فهذا هو المحجوب من اقصي اليمين لم يبحس من كان في اقصي اليسار اشياءه. ويا زمن هل من عودة هل !

  7. هذا كلام صادق من قلب ابيض يفيض بالحب …كما يتضح من سطوره وحروفه الدافئه..وهي مجرد ذكريات عفوية متدفقة يرويها الدكتور بصدق …ولو انه ما كان يجب عليه المقارنة …فكل من عاشر الشيوعيين يعرفهم ولا اظنهم في حادة لشهادات ..فهى اصيلة فيهم من غير ادعاء …وفي النهاية هم سودانيين نهلوا صدقهم وصفاؤهم من هذا الشعب الطيب …ورضعوا اخلاقه وصفاته ….وكفى
    يارك الله فيك فقد اثبت وفاؤك زسودانيتك الحقة انت ايضا ….

  8. يظل السعب السودانى من الشعوب الغير محظوظة بعدم تمكن الحزب الشيوعى على حكم السودان ولو فعل لكان الحال غير الحال

    فالشيوعيين يمتازون بالمبادئ والعفة والا نسانية والزهد فى

    اما الاسلاميون مافى داعى كلكم جرب

  9. من خلال معرفتى بهم أولوية إهتمامتهم التركيز على الخدمات الأساسية-الصحة و التعليم و راحة المواطن و طرحهم الإشتراكى الذى ينبع من طبيعة المجتمع السودانى المتباين من ناحية العرق والدين فمقولة الدين للله و الوطن للجميع هى الحل و القاعدة لحفظ وحدة السودان- وإقتصاد قوى و معافى لبنأ مجتمع يحافظ على موروثاتة وتقاليده الإيجابية الحزب الشيوعى والقوى التقدميه فى يدهم الحل من كل المعاناة التى نعيشها اليوم منذ الإستقلال تكالبت قوى الرجعية والفساد على حكم السودان و نمو الطفيلية الراسمالية الذين لايترددون فى القتل للحفاظ على ثرواتهم التى نهبوها من أموال الشعب و شكرا دكتور الرازى على قول الحق

  10. إذا كان هناك جريمة للحزب الشيوعي في السودان فجريمة الحرب الشيوعي بأنه قد عزل أنقى وانظف واشجع واذكى السودانيين في حزب غير مقبول من المجتمع السوداني ، المجتمع الذي يعاني من الجهل والتخلف ولازال يعتقد في الخرافات والطائفية ولايستطيع فهم العدالة الاجتماعية فيحدثهم الحزب عن الاشتراكية . لو عمل الحزب بمبدأ أن السياسة فن الممكن ونشر عضويته بين الاحزاب التقليدية للعمل بداخلها كما فعل الكيزان حتى استطاعوا تجنيد رؤاساء احزاب لو فعل الشيوعيين هذا لانتفع السودان من فكر هؤلاء الرجال بصورة مثلى

  11. ليس الدين هو تقديس الايات القرانيه انما هو العمل بها ………. ياعزيزي ان الشيوعيه و الfacebook ..هما اكبر خدعتين في تاريخ البشريه ..وفكر فى العلاقه بينهم….لا اتحدث عن الانسان المخدوع انما اتحدث عن الاطار الذى يخدع .الانسان قد يكون طيبا ونقي كما ذكرت ولكن ذللك لا يمنع ولا يقي من البساطه او احيانا السذاجه

  12. ماذا فعل بعضهم ببعض انقلبوا عل ى الديمقراطية سنوا سنة سيئة اتلقفها الاسلام السياسى ! صفوا بعضهم بعضا دمويا اين نجح الفكر الشيوعى افى اكرانيا من اخر حبوب المسبحة ؟ ثم ما هو برامج الشيوعيين ببساطة و(صدق ) حتى نرجو منه ؟ هم والاسلامويون يعتقدون ان السودان هو الجامعات والخرطوم لذا يعيشون انفصاما سياسيا من المواطن اما السلوك الفردى ذاك امر شخصى

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..