وكان بامكار أحدهم ..!!

** في العام 1958، عندما شرعت حكومة مصر في تشييد السد العالي، إتصل بغازي سليمان، وكان طالباً باحدى ثانويات بورتسودان، ليحرضه قائلاً ( الدنيا كلها إتظاهرت، إنتو منتظرين شنو؟)، فخرج غازي ورفاقه وهاجموا القنصلية المصرية ببورتسودان وهم يرددون (لن نبيع مدينة حلفا)، ففصلوه من الدراسة بتهمة التخريب..هاشم بامكار، عليه رحمة الله، لم يكن بجاوياً إلا في إطار تمثيل دائرته الإنتخابية بالبرلمانات، ولكنه كان سودانياً كامل (الإنتماء والولاء)..وكان زعيماً بكل ما تحملها معاني الزعامة وصفاتها الراشدة..!!
** قبل العام أكتوبر 2006، كان الشرق مغبوناً وملتهباً، والمناخ السياسي خانقاً للغاية، وكان الرصاص يحصد شباب البجا في عاصمة ولايتهم حين يطالبوا بالحقوق سلمياً، وكذلك بمسارح العمليات حين يطالبوا بذات الحقوق بالسلاح..وكان بامكار ملاذاً بحكمته وشجاعته للسواد الأعظم من شباب البجا حين يفرش لهم أمام متجره بسوق حي العرب نهاراً ويفتح لهم باب داره ليلاً، فيستمع إليهم بصبر و يستمعوا إليه بكل حواسهم، ثم يغادروا وهم أكثر إيماناً بحقوقهم ..ولم يكن بامكار يخشى في الحق لومة لائم أو بطش سلطة، بل كان يؤانس ويخاطب بما يؤمن به بفصاحة لاتغلفها دبلوماسية..!!
** إتصل به مساء يوم الوصول : ( يا عمنا أنا جيت، بكره جهز السلات والجبنات والشمارات)، فيرد الزعيم ضاحكا : ( والله يا ساتي بالشمارات دي لو ما سجنتني ما بترتاح)، ونلتقي في الموعد..ويكون قد جمع حوله الأوفياء محمد موسى عيسى والعمدة عمر آدم و بعض شباب البجا وأعيان السوق، فنبدأ بالسلات ثم نختم بالجبنات، وما بين هذه وذاك فواصل من السياسة والمواقف المضحكةالتي تقهر لحظات الشدة.. إستفزه ليغضب ويسخر : ( والله ما شاء الله طاهر إيلا ما قصر معاك، جاب ليك الظلط لحد دكانك، حقو بعد ده تعلن إنضمامك للمؤتمر)، فينظر لمن حوله في تلميح ذكي ليستمعوا إلى الإجابة، ثم يفجرها : ( ده ما الزفت بتاع البترول، الصافي النضيف بيمشي وين؟)، ويضج المكان بالضحك، ويكون قد ناولني الفنجان الرابع..!!
** قبل ثلاث سنوات، فقدت أهم محطاتي بالشرق.. دكان الزعيم وأريحية المكان، وصدمني الفراغ الذي خلفه فراق الزعيم للدكان بكل تفاصيله حين إشتد عليه الداء ووهنت الذاكرة، فأثر أنجاله النجباء بأن يكون بالمنزل، ولا أدري كيف كان يحتمل منزلاً بسلالاب رجلاً آماله وآلامه بحجم الوطن؟.. رحاب الله أوسع، وكذلك رحمته، فليهنأ بطيب المقام من عاش كريما وعفيفاً ..كان الزعيم تاريخاً يحكي ما مضى بسلاسة، وحاضراً يحلل ما يحدث بصراحة، ثم يعطر الحكي بفكاهة.. !!
** إعتقلته الإنقاذ في سنتها الأولى مع زعماء حزبه، فزارته والدته وطمأنته : (ما تخاف يا هاشم، أنا ندهت ليك المراغنة الحيين والميتين)، فرد عليها : ( يمة إندهي الميتين بس، الحيين معانا هنا)، أو هكذا كان يتحدى قسوة اللحظة بالبديهة الساخرة..لم يغادر الوطن عاماً رغم سنوات المعارضة ورهق سجونها، ولم يغادر الشرق عاماً رغم دعة الحياة بالعاصمة، ولم يجد تكريماً إلا عند البسطاء حين يتحلقون حوله ويحتفون به..ولذلك، كما خلد مآثر مواقفه في قلوبهم، يغادرهم وهو يخلد ذكراه في عقولهم، وهكذا النبلاء دائما، وكان بامكار أحدهم ..!!
يا استاذ تعيش و ترحم زي ما بيقولو اهلنا، و بارك الله فيك و في قلمك ، فهذا اروع رثاء اقرؤه ، و زاد به اعزازي و تقديري للمرحوم الذي لم نكن نعرف عنه غير انه من معارضي الشرق – و بمقالك هذا كانني التقيته الف مرة و سعدت بوطنيته و دعابته. صدق صديق محيسي ، حقا انت صحفي نابه – دمت لقرائك
الفقيد بامكار ملح الارض الله يرحمة تجده كالشجرة بها كل االثمرات تفاح ليمون جوافة عنب لارنجا قريب
فروت جنزبيل فراوله كل فواكة الارض تخلطها يطلع عليك عصير مشكل لذيذ اكرمة الله ووالدي في الدارين عاش فقيرا ومات فقيرا ويبعث فقيرا وكان غني النفس
اكاد اقسم بان هذا المقال -أصدق- ما كتبه الطاهر ساتي فى حياته
رب العن الكيزان لعنا” يصبح عبرة وعظة لكل البشرية حتى قيام الساعة
رحمه الله رحمة واسعة واسكنه فسيح جناته فقد كان شجاعا فى ابداء مواقفه دون مواربة وبلغة دارجة بليغة وببساطة تمس االافئدة .. كان رحمه الله من اقطاب الحزب الاتحادى الديمقراطى فى شرق السودان ولم يبخل بقول كلمة الحق ولم يتردد فيها طيلة حياته ونال تقدير كل من عرفه . وانا لله وان اليه لراجعون
رحمه الله البجاوي بامكار الشجاع
رحم الله بامكار رحمة واسعه بقدر حبه لهذا الوطن
مشكلة هذا البلد انه لايعرف قيمة الرجال الابعد ذهابهم
ومشكلة هذا البلد انه يتولي امره الحثاله امثال البشير والترابي وعلي وابوالعفين وابورياله وعطا وبكري وغندور ومندور وطرطور
والشرفاء الاوفياء الامناء لهذا الوطن يهمشوا حتي يواروا الثري فنبكيهم بعد تواريهم
اللهم ارحم هاشم بامكار واجعل الجنة متقلبه ومثواه. لم أقابله في حياتي بالرغم من زياراتي المتعددة لبورتسودان، ولكن ما سمعته عن بساطته وجرأته في قول الحق جعلتني أحترمه. حكي لي أحد أصدقائي عندما كان يعمل في بورتسودان في أوائل التسعينيات أنه عند زيارة الرئيس البشير لبورتسودان والانقاذ في بداياتها، والكل يعرف بعمائلها في تلك الأيام، أن الرئيس البشير طلب من الحاضرين أن يأتوا له بهاشم بامكار، وعند مجيئه بادره الرئيس البشير بدعابة حيث قال له: يا بامكار قالو إنت في الانتخابات قلت لناسك كان فوزتوني بعمل ليكم كوبري بين بورتسودان وجدة. هنا رد عليه بامكار بتلقائيته المعهودة: أخير أنا قلت الكلام ده لناس دائرتي دي بس، لكن إنت غاشي السودان كله كل يوم. وهنا تكهرب الجو، ولكن الرئيس البشير، وإن بدا عليه الاستياء، إلا أنه لم يقل شيئا.
هذا هو المرحوم بامكار وهذا ديدنه في قول الحق، رحمه الله رحمة واسعة.
اللهم ارحم هاشم بامكار وادخله فسيح جناتك وموتانا وموتى المسلمين الصادقين جميعهم
اللهم ارحمه واسكنه فسيح جناتك يارب وارحم والدينا ولمن له حق علينا وارحم جميع موتى المسلمين وارحمنا اذا ما صرنا امواتا .يا ارحم الراحمين
الصحافة الراقية تمدنا بمعلومة وتمجد من ظلمه الاعلام.ياريت تبحثوا عن الكثير من الوطنيين البحبو وطنهم بس الاعلام مامسلط الضوء عليهم.ومثل هذه الذكري تحي الوطنية في دواخلنا وتعلم الوطنية لمن لم يتعلمها .سلمت يداك