
يتضح جليا من حلقات النور حمد السبع في رده على من انتقد طرحه للمصالحة مع الاسلاميين بأنه لا مفر أمامه بغير الهروب الى الامام و جاءت حلقاته موضحة تخطبه و هو يحدق في أفق الفكر بلا وجه و يرقص بلا ساق و حقيقة بأن النور حمد منذ أن غاب عن أفقه نجم البشارة عن ثورة عظيمة كثورة ديسمبر و لم يستطع التنبؤ بها بل كان يدعو الى انتخابات 2020 مع كل من السر سيد احمد و عبد العزيز حسين الصاوي قد أصبح في حيرة من أمره و الأكيد أنه كل ما خلى بنفسه و اعترف بأن ثورة ديسمبر قد فاجأته أحس بأنه في موقف المفضوح و بدلا من أن يتحلى بالشجاعة و يواجه نفسه كما واجه ميشيل فوكو نفسه بالحقيقة المرة عندما امتدح الخمينية أيام الاطاحة بالشاه بأنها ثورة و لكن بعدها اعترف ميشيل فوكو بأن ذلك الخطاء الفادح سيخرجه من أن يكون مفكر استراتيجي و هو من هو.
و لكن مهما حاولنا جسر الهوة بين النور حمد وميشيل فوكو سيكون البون شاسع فوكو من ورثة عقل الأنوار رغم أنه في أفكاره فيما بعد الحداثة قد هاجم العقل و هاجم الحداثة إلا أنه قد عاد متخليا عن أفكار ما بعد الحداثة و مدافعا عن عقل الأنوار و لكن كيف عاد ميشيل فوكو مدافعا عن الحداثة و عقل الأنوار بعدما قضى زمن طويل مهاجم للحداثة. قطعا بفضل نقد فلاسفة لا يهابون من مصادمة كل من دخل الى ساحة الفكر عكس ساحتنا السودانية تغلب عليها الشلليات و الاخوانيات لذلك ظل النور يسير في ضلاله القديم و هو انتخابات 2020 و ها هو يتوجها بمصالحة الاسلاميين.
و قد رأينا النور في حلقته السابعة قد ذكر كل من الطيب زين العابدين و طرحه لفكرة الديمقراطية التوافقية و عبد العزيز حسين الصاوي و غيرهم من كانوا لآخر لحظة قلب شلليات و اخوانيات لجنة حاول الطيب زين العابدين احياءها قبل سقوط الانقاذ و انتصار الشعب السوداني في ثورته المجيدة و الغريب يقول النور بأن الديمقراطية الغربية قد كانت نتيجة بيئة غربية تختلف عن مجتمعنا اذن لماذا تريد أن تطرح الديمقراطية التوافقية ألم تكن نتاج بيئة غربية أيضا أم قد انطلت عليه حيل الطيب زين العابدين؟
يبدو لي و بشكل واضح بأن جيل النور حمد مثل جيل التيه في البرية عندما خرج مع النبي موسى فلم يعيشوا في مصر و لم يصلوا لأرض الميعاد جيل النور حمد جيل تفتحت عيونهم على حشود عبد الناصر و انكساره و من بعد قد ورث حشوده جماعة الاسلام السياسي لذلك يظن النور بأن أفقه هذا قد أصبح الأفق الذي لا يمكن تجاوزه و هو الجيل الذي يريد أن يدخل الحداثة باسلامه و ايمانه التقليدي كما ورثه من محاولات الامام محمد عبده و الطهطاوي الذي يريد أن يدخل الى الحداثة دون أن يتأثر الاسلام التقليدي هذا الجيل الذي لم يدرك بأن حتى أفكار محمد عبده و تلاميذه لم تعد صالحة لكي تتصالح مع الحداثة يعيش في حالة أرجحة لا تجسدها غير اللكلكة التي يقوم بها النور حمد من حين لآخر و آخرها مصالحة الاسلاميين.
و اصرار النور حمد بأن الديمقراطية نتاج بيئة غربية تجعله من أصحاب الجروح النرجسية كما يقول داريوش شايغان فلم يكونوا يوم مشاركين في عرس الحداثة و لا يريدون أن يتقدموا خطوة خحولة للمشاركة فيه و لو في وقت متأخر و يجعله لا ينتبه الى أن تاريخ الغرب قد اختصر تاريخ البشرية كلها و لا يرفضه غير المستظل بظل الفكر الديني و الغارق في وحله أي وحل الفكر الديني الذي يحول بين النور حمد و الوصول لأفكار الحداثة المضيئة التي ترفض مؤالفة النور حمد بين العلمانية و الدين و ستظل مشكلة النور مشكلة منهج و اذا أصر على منهجه الناقص سيخرج من الباب الخلفي كما خرج برتراند رسل عندما أصر على الوضعية المنطقية فاصرار النور حمد على المؤالفة بين العلمانية و الدين و بين الاشتراكية و الليبرالية تجعله يسير بخطى مسرعة باتجاه خروجه من الباب الخلفي و هذا ما لا نريده له بل نريده أن يكون من بين من يقدم فكر ينهض بالسودان و السودانيين و هذا يحتاج للشخصية التاريخية التي تفهم مسيرة تاريخ الذهنيات.
غياب مثل هذه النقاط المضيئة تجعل النور متخبط و هو يشق ظلمات بعضها فوق بعض لذلك نجده ما زال يدعو الى المصالحة مع الاسلاميين و يصفها بالمصالحة التي يقصدها و ماهي إلا أوهام ناتجة من ضعف و خلل بنيوي في منهجه الذي لا يريد أن ينفتح على فكرة القطيعة مع التراث كما يتحدث عنها علماء اجتماع عرب لم نجد في طرحهم ما يروج له النور حمد أمثال فالح عبد الجبار العراقي و هشام شرابي الفلسطيني في نقده الحضاري الذي ينعي فيه حال العالم العربي و الاسلامي حيث ما زال المثقف العضوي هو من ينشط في أحزاب اللجؤ الى الغيب أو أصحاب الأيدولوجيات المتحجرة و يريدنا النور حمد بأن يتصالح الشعب السوداني مع الاسلاميين و أحزابهم أحزاب اللجؤ الى الغيب و نتصالح مع طرحهم الذي قد وصفه علي الوردي بأن فكرهم يدافع عن دين كهان اذا لم يفهموا بأن التحول في المفاهيم و فكرة الدولة الحديثة و مفهوم السلطة سابق للأديان منذ ابتدأ الظاهرة الاجتماعية و قد أكدت عليه آخر أفكار العلوم الانسانية.
فكرة القطيعة مع التراث لم يرفضها علي الوردي و لا فالح عبد الجبار و لا عالم الاجتماع التونسي الطاهر لبيب و لم يقولوا بأنها من نتاج بيئة غربية كما يتزاوغ النور حمد من أن الليبرالية الحديثة تراث انساني و غنيمة حرب و علينا الاستفادة من مختصر تاريخ الانسانية الذي قد قدمه الغرب للانسانية و مختصر تاريخ الانسانية يرصد في مسألة تحول المفاهيم بأن معادلة الحرية و العدالة لا تقبل بأن يكون الخطاب الديني الذي يدعو النور حمد للتصالح معه جزء من منظمومة الفكر الحديث.
كيف يصالح النور حمد اسلامي السودان مع اسبينوزا و فكره في رسالة في اللاهوت و السياسة أو رسالة في التسامح لجون لوك كأب شرعي للفكر الليبرالي بشقيه السياسي و الاقتصادي و هو يدعو لفصل الدين عن الدولة بحيث لا يمكننا التحدث عن التسامح في ظل خطاب ديني مهما بلغت أوهامنا عنه و في نفس الوقت يقول جون لوك بأن دعوته لا تعني بأنه يدعو للإلحاد بل أنه يمقت الإلحاد كما يمقت عدم فصل الدين عن الدولة.
على أي حال النور حمد بطرحه و حتى الذي يقصده المصالحة مع الاسلاميين يكون قد فارق كل ما توصلت له السرديات الكبرى لابعاد الفكر الديني و هذا يضعه في مصاف و مرتبة واحدة مع الاسلاميين بأن حالة العالم العربي و الاسلامي بدينه الاسلامي حالة خاصة و هذ لب الأوهام التي قد أجهضت أي محاولة لدخول العالم العربي الى أعتاب الحداثة و أعتاب الدولة الحديثة و نجد النور في الحلقة السادسة يقول بأن مقاومة الدولة الدينية ليس لأنها دينية بل لأنه استبدادية و نسأله بدورنا و هل ينتج الخطاب الديني غير دولة استبدادية و هنا يبدو لنا بأن النور يتقدم على الكيزان بخطوات قليلة و بطرحه لفكرة المصالحة مع الكيزان فقد أبطاء السير ليلحقوا به بأسرع فرصة.
الغريب قبل عبد العزيز حسين الصاوي بسنوات صدر كتاب لعالم الاجتماع العراقي فالح عبد الجبار بعنوان الديمقراطية المستحيلة الديمقراطية الممكنة و بعده بسنوات نجد لعبد العزيز حسين الصاوي كتاب بعنوان الديمقراطية المستحيلة ولكن عالم الاجتماع العراقي فالح عبد الجبار لم تجده مهادن لنظام ديكتاتوري بل يقول بأن التحول الديمقراطي لا يمكن أن يكون بغير اقتلاع نظام صدام من جذوره و هنا يبدو الفرق الشاسع عن انتخابات 2020 التي كان يدافع عنها النور حمد و عبد العزيز حسين الصاوي و السر سيد أحمد. كما نجد أن الفرق شاسع بين عالم الاجتماع العراقي فالح عبد الجبار و عبد العزيز حسين الصاوي حيث نجد فالح عبد الجبار في مسألة التحول الديمقراطي يرصد أفكاره بشكل مؤسس على أفكار لا ترى في أن الديمقراطية نتاج بيئة غربية أو غيرها مما نجده من أفكار كانت في كتابات عبد العزيز الصاوي في دفاعه عن انتخابات 2020 مع كل من النور حمد و السر سيد أحمد و عليه ندعو النخب السودانية ترك المرواغة الفارغة و الاستهبال اذا ارادوا أن يقدمو لناا فكر يخرجنا من وحل الفكر الديني فكر المجتمعات التقليدية.
كما ينبهك فكر مثل فكر فالح عبد الجبار عالم الاجتماع العراقي مقارنة مع كتابات عبد العزيز حسين الصاوي كم هي قصيرة قامات كتابانا السودانين مقارنة مع عمالقة كفالح عبد الجبار و هشام شراب و الطاهر لبيب و علي الوردي و كم تبدو لك مثل حلقات النور حمد كرد على منتقدية و دعوته لمصالحة الاسلاميين كدوران الدرويش حول نفسه بثيابه المزركشة و الغريب قد جاء الرد على النور حمد من تونس التي قد عطل تطورها السياسي الاسلاميين أنفسهم لمدة عقد من الزمن و اليوم يقول الغنوشي بأنه مؤيد لقرار قيس السعيد متى ترتفع نخبنا عن حالة بؤس الفكر و الخروج الى حيث عالم الأنوار ها هي تونس بعد قرار قيس السعيد و قد قلبت ورقة الاسلاميين و الى الأبد و لكن نخبنا لا تريد أن تفهم بأن تونس بعد قرار الرئيس لم تعد كتونس من قبل القرار و هذا يدل على أن نخبنا السودانية بنفسها القصير المتجلي في دعوة النور حمد لمصالحة الاسلاميين لا تجيد سباق المسافات الطويلة و لو صبر النور حمد قليل و رأي ما يدور في تونس بعد قرار الرئيس لما دعاء لمصالحة الاسلاميين و لكن عدم قدرة النور حمد على التنبؤ تجعله دوما يتورط في أطروحاته الفكرية التي لا يتوفق في شرح أفكارها و سرعان ما تأتيه اللطمة كما لطم في وجهه بثورة ديسمبر و انتصارها و هو غارق في أحلامه عن انتخابات 2020. و الغريب في حلقاته السبع يريد أن يقوي حصونه بفكر عبد العزيز حسين الصاوي و الطيب زين العابدين و الشفيع خضر صاحب المساومة التاريخية و ما أضعفهم من مفكرين. على أي حال لم يعد يختلف أثنين على أن زمن الحداثة قد أصبح فيه الدين غير مستطيع أن يلعب أي دور بنيوي على صعيد السياسة و الاجتماع و الاقتصاد و أن البشرية في زمن فكر الحداثة قد أيقنت بأن الحداثة قد قضت على جلالة السلطة و قداسة المقدس و فقا لعلماء الاجتماع يروا بأن زمن الايمان التقليدي قد ولى فنحن في زمن الايمان الحر أو ما بعد الملة و أن كتابات مثل كتابات النور حمد لم تعد ذات قيمة و نحن في انتظار أفكار فلسفة النوابت كما يقول الفيلسوف التونسي فتحي المسكيني بعيدا عن فكر النور حمد الذي يأبد و يعبد طريق العبودية.
[email protected]
النور حمد جانب الصواب حين ظن الذئب سرعي مع الحمل لأن الكيزان لا يتصالحون أبدا بل يراوغون متي سنحنت لهم الفرصة والانقضاض علي خصومهم؟؟؟ لا يؤمنون بالآخر أبدا والدليل علي ذلك كم محاولة انقلاب فاشلة حصلت بعد الثورة وهم المحرك الأساسي لها لذلك كل من يدعو للمصالحة مع الكيزان اما ساذج أو معهم لأن الثورة لم تعاقب البرئ منهم
الموهوم النور حمد دا مابيحتاج تشغل نفسك بالرد عليه
لانو اصبح مكروه من كل الشعب وكل الثوار والثائرات
دا زول فاضي شغله وقال عاوز اعمل موضوع ولو علي حساب الوطن والمواطن
دا عيب نخبة السودانيين ناس مواهيم وسطحيين وجبناء وحاملين درجات علمية للفشخرة الكدابة والمنظرة الفارغة والواحد فيهم لو غلط مابتراجع عن غلطو ولو القيامة تقوم
لا تنتظر من الجمهورى (الكافر المرتد كما يراه الاسلاميين) النور حمد تراجع او اعتذار بل ككل النخب السودانية السطحييين الانفعاليين المتكبريين البدويين سيكابر ويكابر ويكابر ولن يتراجع
والله العظيم المدعو النور حمد اصبح مكروووووووووه جدااااااا
والثورة مااااشة ولن يوقفها من يصبغ شعر راسه خوفا من عامل السن
هذا النقد في محله تماماً ولكن ما هو رأي الكاتب في نوع وطبيعة الديمقراطية التي تناسبنا في السودان بإرثنا السياسي الحزبي المنتهي دائماً بانقلاب عسكري وحكم شمولي؟؟
أرى أن الجميع (الحزبيين التقليديين والحداثيين بزعمهم أمثال النور وشلته الطيب زين العابدين والصاوي والشفيع خضر وعلي الهِدَي الخ) متفقون على اختلاف البيئة التي نشأت فيها الديمقراطية الغربية، ومن ثم تبني المذكورين للديمقراطية التوافقية كبديل لديمقراطية ويستمنستر، يناسب السودان، ولا أظننا نحتلف معهم في عدم مناسبة الديمقراطية الحزبية الغربية للسودان ولكن اختلافنا معهم في البديل المناسب ونحن نقول بأن المفارقة ليست في فكرة الديمقراطية بآلية الانتخابات الحرة فهذه الآلية لاتوجد بدونها ديمقراطية ولكن المفارقة في نوع التمثيل للشعب الذي يجرى بهذه الآلية هل هو تمثيل مباشر بين الناخب والنائب أم غير مباشر بين الناخب والنائب الذي يحدده الحزب؟ ن البيئئة الربية هي التي اقتضت أن يكون التمثيل بواسطة الأحزاب التي يفترض قيامها على الفكرة والبرنامج لا فرق إن كانت أحزاباً دينية أو لا دينية، بينما أحزابنا لاتقوم على برامح البتة وإن قامت على فكر فهو فكر آيدولوجي سياسي أو طائفي وهذا هو الفرق بين اللاعبين في الديمقراطية الغربية وديمقراطيتنا السودانية حتى اليوم. ويجب حصر العصف الذهني في نسج البديل وفقاً لهذا التمييز والذي يستلزم في نهاية المطاف التخلص من النظام الحزبي جملة بكل علله، ومن ثم نبذ الديمقراطية غير المباشرة أو بواسطة الأحزاب وتطبيق الديمقراطية الحرة المباشرة باختيار الناخبين لنائبهم المستقل مباشرة بدون تدخل أي حزب سياسي أو طائفي باعتبار العلاقة المهنية أو المناطقية أو الفئوية بين النائب ومجموعة الشعب الذين يمثلهم!
السؤال الحقيقى مين يصالح مين…إذا ده رايكم فى الاسلاميين فهم كمان رأيهم فيكم أسوأ من ذلك وانا اجد ان النور حمد حاول أن يجد مقاربه تمنع ان يستمر الصراع بينكم الى مالانهايه.