مقالات سياسية

صراع الوطني

أسوأ الأشياء في الحياة البشرية هي الصراعات، أيِّ كان نوعها، ولكنها سنن من سنن الحياة ما دام هناك خير وشر، وكلما وجد الناس حلاً سلمياً للصراع يكون أفضل، لأن أضرار الصراع دائماً مريرة وثمنها غالٍ جداً، ومع ذلك يتصارع الناس إلى درجة الموت والدمار والخراب، حتى يخسرون كل شيء، ورغم ذلك للصراعات دروس مفيدة، فهي تؤدي إلى التغيير الجذري وتعيد بناء العلاقات وتجعل الناس حذرين وحريصين على عدم تكرارها، ولأن دروس الصراعات عادة قاسية و لا يمكن نسيانها، فقد استفادت كل دول العالم منها وتغيَّرت واكتسبت بعدها السلام والقدرة على تصريفها، إلا في السودان وبعض دول المنطقة العربية والأفريقية.
منذ أن قفزت الإنقاذ إلى كرسي السلطة وحتى اليوم، وهي تكمل من العمر 28 عاماً، لم تستطع تحقيق تطلعات الشعب السوداني، رغم أنها وجدت بلداً ثرياً بكل المواصفات التي يمكن أن تنقله إلى مصاف الدول المتقدمة بقليل من حسن الإدارة والرشاد والشفافية، ولكن لأن المؤتمر الوطني نفسه مولود من رحم الشر، ما كان له أن يسعى إلى الخير أبداً، حتى الصراع الذي يدور في داخله يدور بين الشر والشر، فأصاب الشعب منه الضرر.
بعد سنوات قليلة من حكم المؤتمر الوطني بدأت الصراعات تدب في داخله، وكان سبباً أعظم، خلاف حول كراسي السلطة وانتهى الصراع بأن انشق الحزب إلى وطني يسيطر على الكراسي وشعبي يلف حولها، ومباشرة أصبح الشعبي إضافة أخرى للصراع السياسي المشتعل أصلاً على خلفية إقدام الوطني على الانقلاب. حيث تكوَّنت ضده معارضة عريضة من كل الأحزاب قبل أن تفشل لاحقاً، وظل المؤتمر الوطني بإصراره على البقاء منفرداً في السلطة منتجاً حصرياً لكل الصراعات، ورغم ذلك لم يستفد منها، فالنتيجة أما مزيد من الصراعات أو تساقط أعضائه زهداً أو هرباً أو احتراقاً.
منذ فترة تتحدث الأخبار عن صراعات تدور رحاها داخل المؤتمر الوطني في الخرطوم والولايات، بعضها سراً وأخرى جهراً، فقبل فترات ليست ببعيدة حدثت في القضارف وجنوب دارفور ثم البحر الأحمر، وقبل أيام في الجزيرة التي وصل فيها الأمر إلى درجة أن يقف أعضاء الوطني ضد الوالي أيلا، لدرجة أن أسقطوا خطابه داخل المجلس التشريعي وما خفي أعظم. الصراعات داخل المؤتمر الوطني لا تتوقف، يذهب البعض ويأتي آخرون، وكلما عصفت به صراعات نقول إنها مرحلة مخاض قد تأتي بالخير، ولكننا نكتشف أنه كلما تمخض لا ينجب إلا الفئران، وما أكثر الفئران التي أنجبها المؤتمر الوطني.
نحن على قناعة أن المؤتمر الوطني مهما تمخض لن ينجب غير فئران، وأن أعضائه لن يقولوا الحق، ولكن السؤال الذي يفرض نفسه، إلى متى سيظلوا على هذا الحال وهم يعلمون تماماً أن حزبهم الموقر وصل درجة من الفساد لم يسبق لها مثيل في تاريخ البشرية ويحتاج
إلى صرخة حق داوية تنقذ الوطن؟، فهل الصراعات الحالية مخاض جديد ؟ وماذا سينجب المؤتمر الوطني ؟ يا خوفنا من ولادة الفئران.

التيار

تعليق واحد

  1. عادة في مثل هكذا منعطفات تحدث مثل هذه الصراعات
    -البعض يهدف من الصراع التشبث بالنظام والحكم لانه يخاف اذا سقط النظام ان تنكشف عوراته ويفقد الوراهو والقدامو ويرجع تاني لحياة الفقر المدقع بعد ان عاش الترف والبذخ سنينا عددا .. طبعا دي حكاية موت او حياة عنده..
    – البعض الاخر يتخذ من هذا الصراع وسيلة للقفز من المركب والتمترس في موقع االرافض حتى اذا جاء النظام الجديد يكون حامل شهادة براءة في ايده عشان يتسلق مع الجماعة الجداد
    – البعض فهم الحكاية وعرف انه الايام بقت معدودة ومحسوبة والدوام وطالما ان الحكاية وصلت للفقر والجوع وعبر شباب البلد عن ذلك بالعصيان فيسعي ليكون في منطقة وسط يعني بشجع اللعبة الحلوة والاهداف
    ما شايفة وحدين زي الحربوية من مايو للانقاذ وحدين من الشعبي للوطني ووحدين من الاتحادي الاصل والامة القومي مع الوطني وديل اخطر انواع البشر معاك ما تامنهم ضدك ما تامنهم لانهم قابلين للتلون على اي بيئة وباي لون
    طبعا استاذه اسماء وحالة الاحتقان الحادة جدا التى يشهدها الوطن بتخلق الحاجات دي حتى ولو شال المؤتمر الوطني وعمل فيها عنتر

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..