الباذنجانيون

فى كل زمان هناك «باذنجانيون» حول السلطة.. فلم يخلُ عصر من هؤلاء الباذنجانيين.. فهم يقولون الشىء ونقيضه، مادام على هوى السلطان.. ولكن مَن هم هؤلاء الباذنجانيون أصلاً؟!
تقول القصة الشهيرة أن الأمير الشهابي كان جالساً من فرط زهقه وملله فقال لخادمه الذي يلازمه تميل نفسي إلى أكلة الباذنجان..!!
فقال الخادم: الباذنجان؟ بارك الله في الباذنجان ،هو سيد المأكولات يا مولاي، شحم بلا لحم، سمك بلا حسك، يؤكل مقلياً، ويؤكل مشوياً، ويؤكل نيئاً، مقشراً ومن غير تقشير يا سمو الأمير..ما أجمل خيارك، وما أذكى نفسك الميّالة إلى فاكهة الجنة، يا له من خيار الملوك العظام..
فقال الأمير: ولكنّي أكلت منه قبل أيام فنالني الكرب ( أي: آلمني)

فقال الخادم: الباذنجان؟؟ لعنة الله على الباذنجان..فإنه ثقيل ،غليظ،نفّاح..لونه يبشّر بالشؤم ، و لا طعم له ولا مذاق وكأنك تمضغ الماء، اما بذوره فهي كثيرة و منفّرة تنغّص على الآكل أكله ، لا يطلبه الا كل بائس مضطر وسيء الاختيار?
فقال الأمير: ويحك!? تمدح الشيء وتذمه في وقت واحد؟..
قال الخادم: أنا خادم الأمير يا مولاي لا خادم الباذنجان ..إذا قال الأمير نعم، قلت نعم ،وإذا قال لا: قلت لا..
قهقه الأمير بصوت المرتفع ودحش في فم خادمه ?باذنجانه? من باب الدعابة..?هذه من عندي??
**
طبعاً أحد لا يعرف مصير الخادم بعد وفاة سيده الشهابي..لكن بعض المصادر التاريخية تشير إلى أنه سكن في بلادنا وتزوّج وتناسل وتوزّعت جيناته على الآلاف من سلالته عبر القرون، وما نراهم اليوم في بعض مواقع المسؤولية ما هم الا أحفاد وأحفاد أحفاد ذلك الخادم المطيع..

فلولا الباذنجانيون لتخلّصنا من الفساد منذ ربع قرن على الأقل، فلولا الباذنجانيون لأصبحنا دولة تعتمد على مواردها لا على سجادة العطايا والمنّة ، ولولا الباذنجانيون لحققنا تكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية ولأنهينا المديونية، وحاسبنا السرّاق، لولا الباذنجانيون لخفضنا النفقات على كافة المستويات، لولا الباذنجانيون لأصبح وطننا زاخراً بالخيرات والعدل والرضا الشعبي..لولا الباذنجانيون لما تكحّلت أيامنا ومستقبلنا بألوان الباذنجان نفسه..ونحن نصفق..ونمتدح مزاج الآكل.

*القصة من التراث بتصرف.

د. محمد آدم عثمان
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..