المتكئون على أجساد الضحايا .. !!

أكثر ما يشغل بالي الآن ليس ما آلت إليه حالة المعيشة في زماننا هذا و ما فيها من عنت على مستوى المتطلبات الأساسية للأسر والتي أصبح أغلبها في عداد الفقراء ، و لكن ما يشغلني هو كيف لنا أن نضمن بقاء الحال على ما هو عليه الآن ، بكل ما فيه من إنعكاسات مأساويه ، أدناها الجوع والدوران في حلقة التكفل بأبسط ما يمكن أن يسنُد ظهر أسرة من مأكل و مشرب و كهرباء و أحياناً إيجار و تعليم ، و مُنتهاها الموت الزؤام إذا ألم المرض و تجاوزت تكاليف التداوي الميزانيات الإحتياطية و التي أشُك أصلاً في وجودها ، ماذا إذا طلب الشعب السوداني من حكومة المتمرغين في خيرات البلاد و المستأثرين بالجبروت على أغلب مواردها أن يتم تطمينه بأن هذا الواقع المرير هو آخر ما في أجنداتهم التعذيبية الموجهة ضد الفقراء ، فعلى ما يبدو أن خيرات هذا البلد و مناصبه و مراكز نفوذه لا يحوزها إلا متمرد بسلاح أو صاحب حظوة بالقرابة أو الإنتماء التنظيمي ، هل من ضمان لبقاء الحال على ماهو عليه إذا إفترضنا تكيُّف الشعب السوداني ( من فئة البسطاء ) على كل هذه السوءات التي طالت مُجمل مناحي حياتهم ، أم أن حكومة الإنقاذ ستكون في المستقبل على إستعداد و في أول ( مطب ) سياسي أو إقتصادي أن تُجرِّب نفس الدواء المُر ، و الذي فحواه الإتكال الكُلي على كاهل المواطن الذي لم يعُد قادراً على حمل المزيد من الأثقال ، و طبعاً تلك الأعباء التي يتحملها المواطن تأتي في أغلب الأحيان غير مباشرة و غير مقروءة النتائج في توها و لحظتها ، و لكنها تظهر و تطعن في الخاصرة بعد حين ، فكل زيادة طارئة أو مُخططة في أسعار المحروقات هي بلا شك مناسبة أساسية لإرتفاع أسعار كافة أنواع السلع و الخدمات ، و للذين لا يعلمون ( الموضة الجديدة ) في مجال رفع الأسعار و الضرائب و الجبايات الجانبية الأخرى التي ما أنزل الله بها من سلطان ، فإن من أبرز سماتها و أوصافها التي تجرأت بها الدولة أخيراً هو الفُجائية و عدم الإعلان ، تفادياً للأخذ و الرد من جهات عديدة و تخوفاً من حدوث أزمات سياسية شارعية أو إستثنائة كالدعوة للعصيان المدني كما حدث أخيراً ، مُجمل القول أن الزيادات في أسعار الكهرباء و الغاز و الخبز و غيرها من السلع الإستراتيجية أصبحت مؤخراً لا تُعلن و يتفاجأ بها الناس بلا إنذار ، مما يفيد إتساع دائرة هوان الناس لدى المسئولين في حكومة الإنقاذ ، التي على ما يبدو قد شرعت الآن في ( إنقاذ ) نفسها و ذويها من الضمور الإقتصادي المتلاحق و المتسارع ، و الذي ما من سبب له سوى سوء الأداء الحكومي بإنعدام الكفاءة و الخبرة في من تولوا مناصب إدارية و فنية رفيعة و ذلك بإعمال مبدأ التمكين السياسي الذي قضى تقريباً على كل أملٍ مُرتجى فيما كان يُسمى الخدمة المدنية ، و السبب الثاني هو الفساد المستشري و النهب المُتنامي قيمةً و مساحةً في مخزون المال العام ، و الذي عجزت الدولة على مستوى قيادتها و مؤسساتها التي إنشئت لمكافحته عن كبح جماح شبكاته و آلياته المتطورة و النامية يوماً بعد يوم .. يا هؤلاء هلا طمئنتونا عن حوزتكم لبدائل ( تتكئون ) عليها في مستقبل إنهياراتكم القادمة غير أكتاف الكادحين والبسطاء من أبناء هذا الوطن المغلوب على أمره .
الجريدة
من اين لهم البدائل ؟؟؟
من اين لهم البدائل ؟؟؟