مقالات سياسية

البرهان في نيروبي .. أهي سلاسل الامتحانات أم مواصلة للمناورات؟

علي أحمد

في تطورٍ مفاجئ، أعقب حضوره القمة العربية الأفريقية بالعاصمة الرياض، توجه قائد الجيش الفريق أول عبد الفتّاح البرهان أمس إلى العاصمة الكينية نيروبي، حيث التقى الرئيس وليام روتو، لينهي بذلك فواصلاً من الدراما وحفلات الشتائم التي ابتدرها (الكيزان) مع بداية حربهم وتبعهم – كالعادة – قادة الجيش، واستهدفوا بها كينيا وإثيوبيا ومعظم دول (ايغاد)، ولم يوفروا الاتحاد الأفريقي فأوسعوا الجميع ألفاظاً نابيّة وكلمات شوارعيّة جارحة، حيث هاج وماج البرهان كثيراً متهماً كينيا بدعم (الدعم السريع)، ومتهماً أفريقيا كلها بالانجياز له، لكن مساعده المحاصر في سلاح المهندسين كان فنان الحفل وراقصه الأبرز حيث رد بطريقة فظة ومنافية لأبسط الأعراف الدبلوماسية وللأدب السياسي والحكمة الإنسانية الطبيعية والرُشد، على اقتراح ايغاد بإيفاد قوات لحفظ السلام إلى الخرطوم – بعيد اندلاع الحرب بشهر – للفصل بين القوتيتن المتحاربتين، فكان رد (العطا) الذي لا عطاء له، موجه إلى الرئيس الكيني، روتو، بأن (اقول للرئيس الكيني قوات شرق أفريقيا خليها، انت جيب جيشك وتعال، وخلي الدولة الداعماك بالقرش وداعمة المتمردين بالمرتزقة هي ذاتها تجيب جيشها).

كما أن وزارة الخارجية السودانية – وهي ملكية (كيزانية) خالصة – كانت قد أصدرت بياناً بشأن لقاء تم بين رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فكي، ومستشار قوات الدعم السريع، يوسف عزت، للتفاكر بشأن الحرب، محتشداً بالبذاءة والتفاهة، فما كان من الناطق الرسمي باسم المفوضية الأفريقية “محمد الحسن ولد لبات”؛ إلاّ أو وصف ذلك البيان بالمنحط، وهو فعلاً كذلك.

على أي حال وصلت الأزمة بين سائر الدول الأفريقية بمؤسساتها والجيش السوداني المختطف من قبل الفلول حدودها القصوى وكادت تنهار تماماً، لولا هذه الزيارة التي نعتبرها – رغم عدم ثقتنا بالبرهان وكيزانه – خطوة في الاتجاه الصحيح، إذ لا يمكن بأي حال، تجاوز الدول الأفريقية المهمة – إثيوبيا وكينيا- في حل الأزمة السودانية، وهذا ما ظللنا نردده، منذ بداية الحرب.

مني اركو مناوي، والفريق مفضل مدير جهاز الأمن
مني اركو مناوي، والفريق مفضل مدير جهاز الأمن

ذهب البرهان إلى روتو، بمعية وفد ضم لأول مرة؛ حاكم دافور (مني أركو مناوي) – ورغم تفاهة ووضاعة الحاكم ورقيًا – لكن في حضوره نفسه فيه اعتراف بان الاقليم الذي يشهد حرباً طاحنة يحتاج إلى إتفاق سلام حقيقي لا سلام مناصب ووظائف ومناصب، وقد تضرر الاقليم من حروب الكيزان التي لا تنتهي كثيرًا حتى حربهم هذه، وسيكون له – أي للاقليم وليس للحاكم الانقلابي- دور وصوت في أي محادثات مقبلة.

وبغض النظر عن مارشح من بيان ما يسمى زورًا بمجلس السيادة عن اللقاء، فإن ذهاب البرهان إلى نيروبي يعتبر أولى المحاولات الجادة من قبل الجيش – إن تركه الفلول واللايفاتيه – في حاله، لتصحيح الأخطاء التي ارتكبها منذ سقوط البشير وفاقمها بتحالفه مع الكيزان الذين أطلقوا الطلقة الأولى واشعلوا الحرب وخربوا البلاد وشردوا العباد، إنها خطوة ربما ستمثل سانحة لن تتكرر لإنهاء الحرب وتأسيس جيش مهني جديد ودولة جديدة للمواطنة الحقة بالشروع في عملية سياسية شاملة وصولاً إلى فترة انتقالية مدنية خالصة، لا يشارك فيها الجيش حتى يتفرغ لعملية تأسيسه من جديد واصلاح نفسه التي أهلكها بالحروبات الأهلية المتواصلة والعمل السياسي والتجاري وترك وظيفته الإساسية فتحول إلى جيش فاسد ومفكك وضعيف تقوده ميليشيا اسلامية همجية أكثر فسادًا وتوحشا.

بطبيعة الحال، لا أحد غير الفلول وعلى رأسهم “علي كرتي” ومندوبه لدى البرهان القصير المكير المدعو (مدثر)، سيقف ضد ما توصل إليه البرهان/ روتو، من العمل على تسريع مفاوضات جدة وصولاً لوقف إطلاق النار وعقد قمة طارئة لرؤساء إيغاد؛ لبحث إنهاء الحرب عبر حوار سياسي.

بالنسبة لي، فإن غالب الأمر، أن يشرع الفلول وجماعة (كرتي) وكتائبهم الإعلامية ممثلة في قناة (طيبة) وصاحبها الداعشي “عبد الحي يوسف”واللايفاتية” من متسكعي وعطالة وأيتام السوشال ميديا، في مهاجمة (البرهان) وتخريب ما تم الاتفاق عليه مع روتو، وتخريب أي محاولة نحو التوجه إلى أفريقيا للبحث عن حلول للأزمة الراهنة، وأظن، أن البرهان لضعف هيكلي في شخصيته التي تتسم بالتردد والتراجع وضعف الثقة في النفس، سيتسجيب لضغوط جماعته (الكيزان) – هذا لو كان صادقًا في زيارته من الأساس – الذين يسيطرون عليه تماماً، ويحيطون به من كل جانب، يحصون أنفاسه، وها هو قد اصطحب معه ضمن وفده “علي الصادق” (بتاع الخارجية) ، وهو (جاسوس) الفلول الأول على قائد الجيش داخل الاجتماعات المغلقة، إضافة – طبعًا- لمدثر (القصير) من الخارج، ومهمته تجهيز قائد الجيش وتلقينه تعاليم وتعليمات “كرتي”، وبالتالي فإن إمكانية التراجع عن لقاء كينيا هي الأرجح، (وربنا يكضب الشينة)، لأنه في هذه الحالة، فإن لا خيار سوى استمرار الحرب التي بدأ الجيش يفر منها إلى دول الجوار، بينما المليشيات الكيزانية في الخرطوم تنتقم من الشعب السوداني بتدمير ما تبقى من البنية التحتية بقلتها، بمساعدة طيران دولة (نحبها وتحبنا)!

‫5 تعليقات

  1. السياسة مافيها عدو دايم ولا صديق دايم يا علي أحمد.. بعدين انت مستعجل ليه بكرة تعرف الأسباب الحقيقية لزيارة البرهان لكينيا وما محتاج للتخمينات طالما مافي زول سألك..بس اوع تكون خايف رئيس كينيا ده يكون باعكم اصلو البيع عند الدول الافريقية ما عندو حدود من زمن بيع الفلاشا الاثيوبيين.

    1. يا Mohd ( حسب آخر الاخبار ) فان السياسة تتطلب التأني و اللباقة في الحديث و ان يكون للدولة ناطق رسمي واحد و لا يتكلم شخص مثل ياسر العطا و يطلق عبارات كانه زعيم عصابة ( اقول للرئيس الكيني قوات شرق أفريقيا خليها، انت جيب جيشك وتعال، وخلي الدولة الداعماك بالقرش وداعمة المتمردين بالمرتزقة هي ذاتها تجيب جيشها) )

  2. ما السبب لرجوع برهان الى الدفاتر القديمة

    الزول ما لقى وش من الجارة الشمالية و لا شنو و لا الجارة الشمالية تعبت منه و بقى الحمل عليها تقيل

  3. تظن ما قلت مقطوعاً بصحته وجُله يعتريه الضعفُ والسقم
    تظن ما اخترت من نص يُناسبُهم لقد وهمت ، وقد زلتْ بك القدم
    منحت ذاتك سَمتاً لا يليقُ بها من بعد ما غرّك التخييلُ والوَهَم

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..