أخبار السودان

سدنة وغلابة

يصحي المواطن الفقير من هواجسه وليس نومه ، ويشرب الشاي الأحمر دون سكر لتقليل النفقات ، ثم يركب حافلة أو بص بعد أن استدان ثمن التذكرة من بتاع الدكان ، ويصل إلي مكان عمله في زمنه المحدد حتي لا يعاقب ، ثم يقف علي ماكينة ، وسط جملون مملوء بالهواء الفاسد ، ثم يمنح نصف ساعة كيما يأكل موية الفول التي تسمي بوش ، ثم يعود أمام الماكينة ، حيث بخار الزيت ، والمواد الخام التي يدخلها إلي جوف الماكينة ، والإنتاج الذي يحمله إلي المخزن وهو مكلف فوق هذا بمعالجة أعطال المكنة ، وتأتي ساعة إنتهاء العمل بعد أن يسقط من الإعياء ، ويأخذ مقابل عمله اليومي 15 جنيه ، لا تساوي علبة دواء ( كحة) ، ولا نص كيلو بقري ، ولا ثمن كفن جديد للمقابر .

ويصحي السادن من نومه الثقيل ، ويشرب عصير التفاح لينتعش قبل الشاي والقهوة ، ثم يخرج إلي بهو قصره فيجد ( السواق) في انتظاره ، ويجلس في المقعد الخلفي وتنطلق العربة ومن أمامها عربات الحرس والنجدة ، وتلغي إشارات المرور من طريقه حتي يصل إلي حيث مكتبه ، فلا ينزل من العربة إلا إذا فتح له الباب ، وفرش له البساط الأحمر ، ويدخل إلي مكتبه عبر دهليز طويل يصطف فيه الموظفون لتقديم التحية ، ثم يغلق باب مكتبه عليه ، ويضرب الجرس فتأتي السكرتيرة ليلقي عليها الأوامر اليومية ، التي تحدد شكل الفطور ومن أين يأتي ، والعصائر ، والحاجة السخنة ، ثم ينادي المدير المالي من أجل استلام حصته اليومية من النثرية والمآكل المالية ، ثم يجتمع مع مدير الشؤون الخاصة ليلقي عليه الأوامر اليومية الخاصة بطلبات الزوجات ، ثم يستلقي علي قفاه في أريكة المكتب ليشاهد المسلسل التركي أثناء ساعات العمل ، ثم يتناول التلفون بالرصيد الحكومي ليتحدث مع وكلائه في سنغافورة والعيكورة عن سعر الين الياباني مقابل الجنيه السوداني .

ثم ينتهي يوم العمل الرسمي ويحصل السادن علي 1000 جنيه ، هي أجره اليومي عن تعبه ( الظاهر) بخلاف الحرابيش التي تأتي من التجنيب والسمسرة في تجارة الزبيب .

هذا سبب واحد من ألف سبب يجعل الفقراء يثورون علي السدنة ، ويحطمون سلطتهم تحطيما ،

قال واحد من التماسيح من وزن الثقيل ، لواحد فقير تعبان وزن الريشة كمان ( البشوفك يقول البلد فيها مجاعة ) فرد عليه الفقير ( والبشوفك يقول إنت سبب المجاعة ) ، يا دكتور بدون سماعة ، يا بنطون كان في رفاعة

الميدان

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..