أخبار السودان

الرئيس السابق لمركزية مؤتمر الطلاب المستقلين: طلاب وطالبات البحر الأحمر أمام تحدٍ استعادة الاتحاد، وهذا سبب تعطل الدراسة لستة أشهر

الإدارة حولت الجامعة إلى جهة استثمارية
الإدارة فصلت 36 طالباً وطالبة لأنهم طالبوا بتأجيل الامتحانات لأسباب محددة

أوضح القيادي الطلابي في جامعة البحر الأحمر والرئيس السابق لمركزية مؤتمر الطلاب المستقلين جدو ميرغني أن إدارة الجامعة عمدت لفصل 36 طالباً وطالبة لأنهم طالبوها فقط بتأجيل الامتحانات ودفعوا بأسباب محددة ومنطقية لهذا الطلب، معتبرًا أن قرار الفصل يكشف على العقلية التي تدار بها الجامعة، والتي حولتها لجهة استثمارية تعمل على تحصيل الرسوم من الطلاب دون تقديم الخدمات التي يحتاجونها، وأشار في هذا الحوار مع “أخبار الوطن” إلى أن غالبية القوانين واللوائح المتبعة في الجامعة ذات طابع عقابي ولا تتضمن أي مواد أو بنود تحفظ حقوق الطلاب.

* حدثنا عن واقع طلاب جامعة البحر الأحمر؟
ـ تعيش جامعة البحر الأحمر تدنياً كبيراً في مستوى الخدمات الأساسية التي يفترض أن تقدم إلى الطلاب، حيث أن هنالك كليات كاملة ليست لديها مقر وقاعات للدراسة وداخليات لسكن الطلاب والطالبات، مثل كلية القانون، وطب الأسنان، وكلية الفندقة والسياحة التي تقع في مدينة سنكات.
هذا بالإضافة إلي سعي إدارة الجامعة لتجفيف النشاط اللا صفي عبر التضييق على الجمعيات الثقافية والروابط الاجتماعية وكافة الأجسام الطلابية، والسبب في ذلك تحول إدارة الجامعة إلى جهة استثمارية وأمنية هدفها تحصيل الرسوم الدراسية من الطلاب دون أن تعود إليهم في شكل خدمات طلابية أو تأهيل مؤسسات الجامعة المختلفة، وتعمل الجامعة على قمع أي حراك من الطلاب مناوئ لسياساتها التي يتضرر منها الطلاب وتؤدي إلى تدني في التحصيل الأكاديمي، وهذا الواقع هو ما أدى إلى نشوب الأزمة الأخيرة التي قادت لتعطل الدراسة في الجامعة لمدة ستة أشهر أو أكثر، وتتحمل سياسات إدارة الجامعة التي تطبقها نيابة عن النظام الحاكم مسئولية كل ما يحدث هنا.

* إذًا أنت ترى أن إدارة الجامعة ليست مستقلة في قراراتها والسياسة التي تطبقها عن النظام الحاكم؟
ـ لا يوجد مؤسسة في السودان مستقلة عن توجهات نظام المؤتمر الوطني وسياساته الهادفة إلى السيطرة والاستبداد وبناء دولة التمكين الحزبي الأُحادي، والدليل على ذلك تعيين مدير الجامعة من قبل رئيس النظام، وجميع قوانين الجامعة تنص فقط علي الواجبات والعقوبات دون تضمين أي حقوق للطلاب، في حين لا يوجد قانون في العالم بمعزل عن الحقوق.

* ما هو أثر قرارات الفصل التي أصدرتها إدارة الجامعة، وما مترتباتها على الاستقرار الأكاديمي في الجامعة؟
ـ قامت إدارة الجامعة بفصل 36 طالباً وطالبة وإغلاق أبوابها أمامهم، فقط لأنهم طالبوا بتأجيل الامتحانات بسبب ارتفاع درجات الحرارة في مدينة بورتسودان لمستويات غير مسبوقة في ظل تردٍ كبير لبيئة الجامعة ومرافقها، فضلاً عن عدم تمكن عدد من الطلاب من اكمال مقرراتهم الأكاديمية.
وهذا القرار يركد على شمولية إدارة الجامعة والتي لا تختلف كثيرًا عن الشمولية التي يمارسها النظام خارج الجامعة، ولهذا فإن طبيعة القرار الاستبدادية أدت لعدم حدوث استقرار أكاديمي وتوقف الدراسة. إن طلاب جامعة البحر الأحمر على درجة عالية جدًا من الوعي بحقوقهم والدفاع عنها بالطرق السلمية، ولا يمكن لهم أن يصمتوا عن هذه القرارات والخطوات غير السليمة في التعامل مع الطلاب.

* ما هي المكاسب التي نالها طلاب جامعة البحر الأحمر من هذا الموقف؟
ـ المسألة ليس لها علاقة بالمكاسب بقدر ما هي معركة لاسترداد الحقوق، والطلاب من حقهم أن يخضعوا للامتحان في أجواء ملائمة وكذلك من حقهم إكمال المقررات الدراسية، لكن إدارة الجامعة لا تحفل بمسألة الحقوق وهي متمسكة فقط بتوجهها الإداري الأرعن القائم على فصل الطلاب وقمع إرادتهم عبر قوانين مصممة لذلك. والطبيعي أن يقاوم الطلاب هذا التوجه وأن يقفوا متوحدين ضده وإجبار إدارة الجامعة على التراجع، وفعلياً نجحنا كطلاب في الالتفاف حول قضايانا وتنظيم أنفسنا والضغط على هذه الإدارة وارغامها على ارجاع الطلاب المفصولين والتنازل عن قراراتها الجائرة. ومازال هناك كليتان معتصمان تم اغلاقهما إلى أجل غير مسمى من قبل الإدارة، وهو ما يوضح مدى فشل إدارة الجامعة في التعامل مع الطلاب ومدى صلابة طلاب جامعة البحر الأحمر.

* ما هي التحديات التي تواجه طلاب جامعة البحر الأحمر في المرحلة المقبلة؟
– كل هذه الأزمات التي يعاني منها طلاب جامعة البحر الأحمر هي نتيجة لغياب جسم نقابي حر يعبر عن إرادة طلابها، بعد أن قامت إدارة الجامعة المتمثلة في عمادة شؤون الطلاب بتصفية اتحاد طلاب جامعة البحر الأحمر في العام 2012 بهدف تشتيت الطلاب والتقرير في مصيرهم وتمرير سياستها عليهم بسهولة، وتحويل الجامعة إلى مؤسسة أمنية وعسكرية واستثمارية بحتة، هذا الأمر يضع جميع طلاب وطالبات جامعة البحر الأحمر أمام تحدٍ كبير حول كيفية استعادة اتحاد طلاب جامعة البحر الأحمر كجسم نقابي يعبر عن إرادتهم ويقوم بتقديم الخدمات لهم، وعلى الطلاب بذل كافة الجهود وتجاوز كافة الصعاب حتى يتمكنوا من الوصول إلى ذلك الهدف، وأعتقد أنهم أهلٌ لذلك.

* كرئيس سابق لمركزية مؤتمر الطلاب المستقلين ما هي مآلات الصراع داخل الجامعات السودانية؟
ـ إن الحركة الطلابية هي أكثر فئة نشطة ومتحركة في عملية المقاومة والتغيير، لذلك عملت الجهات الأمنية على استهدافها بأشكال مختلفة، بغرض تفكيكها وإبطال فعاليتها والحد منها، وعلى الطلاب وأجسامهم تجاوز صراعات القوى الطلابية التي لا تقوم على أسس غير موضوعية، والتوحد والالتفاف حول القضايا الأساسية التي تهم الحركة الطلابية، ومقاومة القوانين التي تعيق الطلاب وتعطل من فعاليتها وتجعل من الجامعات مؤسسات غير مستقلة، ومن ثم العمل على استرداد أجسامها النقابية والثقافية والاجتماعية للعب دور أكبر في عملية المقاومة والتحديث، لكن لا يمكننا الحديث عن تغيير تقوم به الحركة الطلابية دون الوصول إلى جامعات مستقلة، وهذه ما أتوقع حدوثه على يد الحركة الطلابية في عدد من الجامعات في القريب العاجل.

* ألا تتفق معي أن الصراعات غير الموضوعية بين القوى السياسية الطلابية لا تخلو من مراهقة سياسية؟
ـ في تقديري أن المسألة ليست مسألة مراهقة سياسية بل مرتبطة بطبيعة الخطاب السياسي في الوسط الطلابي، وطبيعة وخصوصية تركيبة التنظيمات الطلابية، وهذا أحيانًا يضعف القوى السياسية في الجامعات حيث يصبح الاهتمام بالمختلف حوله أكثر من الأهداف المشتركة. فلنختلف بعد انجاز الأهداف المشتركة ونختلف في أشياء موضوعية تستفيد منها الحركة الطلابية، لا الاختلاف من باب الاختلاف. الاختلاف سنة كونية ولا يجب القفز عليها بل يجب علينا أن نتعاطى معها من مبدأ الايجابية.

* ألم تكن ممارسة العمل السياسي والثقافي داخل الجامعات على حساب التحصيل الأكاديمي؟
ـ بالنسبة لي لم يحدث ذلك، بل قد يساعد العمل السياسي في تشكيل حياتك الشخصية بشكل أكثر تنظيمًا، وهي مرحلة لبناء الذات الأكاديمية والسياسية والاجتماعية، ولدى عدد من أصدقائي من السياسيين في مؤتمر الطلاب المستقلين والتنظيمات الطلابية الأخرى هم من المتفوقين أكاديمياً، وآخرين من الطلاب غير المنظمين سياسياً مستوى تحصيلهم الأكاديمي متدني، فقط المسألة تعود إلى التوفيق بين الاهتمامات المختلفة للشخص في الوقت المحدد.

نقلاً عن أخبار الوطن

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..