مقالات سياسية

مطار الدمام

د ناهد قرناص

طلب مني احد الاصدقاء المتابعين ان اكتب عن مشكلة الاستاذ الجامعي ..وعدته خيراً ..وفي ذهني أن أعيد نشر هذا المقال الذي كتبته قبل سبعة أعوام وتم نشره بجريدة حكايات حياها الغمام ..قرأت المقال ..ولم أجد تغييراً الا الى الأسوأ ..فالحال ياهو نفس الحال وفي جواي صدى الذكرى.

مطار الدمام

مطار الدمام …أقف في صف تحت لافتة (خروج وعودة)..الصف يلتف بطريقة حلزونية تبعاً لحواجز الاشرطة الحمراء الموضوعة سلفا. هنا تجد كل أجناس العالم معك لا فرق بين أسود ولا أحمر الا بلون الجواز ..او اذا كنت من دول مجلس التعاون ..يصبح من حقك الوقوف في صف صغير تنتهي معاملاته بسرعة وابتسامة وتسمع معها عبارة (حياك الله). قال لي الضابط السعودي وهو يطالع بيانات الجواز (تشتغلين هنا؟)..قلت له (لا)..نظر مرة أخرى الى الجواز وقال لي (انت بدرجة استاذ جامعي وتجلسين بالبيت؟)..قلت له (أنا أعمل بالسودان)..ضحك قائلاً: (ما كنت فاكر ان لسه بالسودان موجودين اساتذة جامعة ..كلهم حولوا معانا هنا ..كل يوم تجي طيارة تجيب عشرة.. عشرين استاذ وتعاود)..لم أعلق بشئ ..ولم اقل له اني أردد مع وردي كل (لو بايدي كنت طوعت المحال)..كم هو مؤلم ان ترى مقامات تهتز وعزيز قوم يذل، قبل فترة قال وزير المالية السابق الذي نصحنا بالعودة للكسرة (وكأننا فارقناها لحظة) ..قال مفاخرا الاخرين بأننا نصدر (النبق والدكاترة) وقد كنت في ذلك الوقت لا ازال ..أمارس الاندهاش وأتعاطى الحيرة ..فقلت لنفسي (كيف يعني نصدر الدكاترة؟؟ وهل يمكن ان يأتي يوم يصبح فيه الانسان السوداني خاضعاً للعرض والطلب؟)..ما أسرع ما صدقته الأيام !!!..أصبح الانسان هو اعلى صادرات السودان ..نصدر مختلف الانواع والتخصصات وكل الفئات العمرية. صار الحديث عندنا في اي اجتماع بحثي هو ان الوكالة (الفلانية) لديها عقود عمل للجامعة (الفلتكانية) ..ولم يصبح النقاش عن جدوى الخروج ..هذا شئ مفروغ منه ..بل هل تذهب عبر وكالة فلان لأنه يطلب سعراً أقل لكي يأتي لك بالعقد ؟ ام تلك الوكالة التي تأخذ سعرا أعلى لكي تكمل لك جميع الاجراءات بسهولة؟؟ …سوق نخاسة مفتوحاً على مصراعيه …والوكالات ترعى بلا قيد أو شرط ..وتمارس كل اصناف العنجهية والعبودية ولا تخشى أحدا فكل شئ يتم برعاية وزارة العمل والتي يهمها فقط ان تنال حظها من الجبايات ولكن أمراً ككرامة الانسان السوداني ؟ ..هذا شئ هامشي بالنسبة لها !!!… الوكالات تساوم الاستاذ الجامعي وتقلل من قيمة شهاداته ونتاج خبرته …و النتيجة أن السودانيين أصبحوا من أقل الشعوب أجراً بعد ان كانوا من المتصدرين ..فقط لأنه ليس هناك من يدافع عنهم ويحمي ظهورهم. قبل فترة قصيرة تداولت الوسائط الاجتماعية صورة ورقة بها اسماء عشرين استاذاً من درجة البروفيسور بكلية البيطرة جامعة الخرطوم ..كانوا في طريقهم الى الجماهيرية الليبية للعمل!!! لشد ما ألمني ذلك الخبر ؟؟ فكثير منهم درسوني بالكلية و اعلم تمام العلم ..ان الذي يخرج أولئك هو (الشديد القوي) الا وهو البحث عن لقمة العيش والحياة بطريقة كريمة.. هؤلاء البروفيسورات قد تجاوز بعضهم الستين ولو كانوا في بلاد أخرى لاقيمت لهم التماثيل واطلقت أسماءهم على الشوارع…خروج هؤلاء الاساتذة الاجلاء في هذه السن ..يدل على انهم قنعوا من خيراً فيها ولا عزاء لطلاب العلم، أولئك الذين اندهشوا في تدافع الاف الشباب حول السفارة القطرية متنافسين على أربع فرص في الجيش القطري …أقول لهم لا ترهقوا انفسكم بالدهشة ..فهي رفاهية لا تناسبنا وترف لا ندعيه …الحسرة هي ما يليق بنا في هذه المواقف …( ها ايش قلتي؟ ما رديت علي ..كم تاخدين راتب هناك في السودان ؟؟) ..اعود الى الواقع ..مازلت في صف الجوازات ..ولا زال هذا الضابط يثرثر …اخذت جوازي منه وقلت له ( اتقاضى..ما يساوي نصف كيلو من النبق) ..تركته فاغراً فاه متعجباً من قولي وتحركت …ووووو (النبق ..النبق ..النبق)..

الجريدة

‫4 تعليقات

  1. اااااااااااه يا النبق هل تعلمي ان النبق ممكن تعمل منو حلوى زيها زي الشكلاته الجلكسي بس ما عارفين بس عرفنا نغني بيهو النبق النبق

  2. كل هذا من الحكومات الفاسده الضعيفه وافرادها المتخلفين الذين يكنون حقدا علي الاستاذ الجامعي لفشلهم الاكاديمي وعدم وجود خطط مدروسه للبلد تحافظ علي ثروه البلاد التي يعد الاستاذ من اهم الركائز فيها الله يكون في عون السودان من عسكر الي احزاب خرفانه متخلفه من عام 1956 وحتي الان نحن لم نتقدم متر الي الامام

  3. تحية وإحترام للأستاذة أمال عباس
    طالت المدة وقد لا تذكرينى
    انا سلمان إسماعيل بخبت على الرباطابى قدمنى لك اخى بلى عمر وكنتى وقتها رئيس تحرير صحيفة الرأى الأخر وكنت نكتب مقالات نارية فى زمن صمت فيه كل الجبناء واذكرك بهذه الواقعة وبمناسبة وفاة الرئيس الجزائرى عبد العزيز بوتفليقة يرحمه الله
    كنى نصحى كل يوم لأحداث الجزائر الدموية بين مليشيات الحركة الأسلامية الجزائرية جماعة عباس مدنى وعلى بلحاج وقوات الامن الجزائرية وكلها ضرب وموت وفجأة سمعنا فى الأخبار أن المخلوع استقبل الرئيس الجزائرى فى مطار الخرطوم وهو فى طريقه ويحمل رسالة صلح بين الأخوة الأثيوبين والأريترين فكتبت مقالا بعنوان ( غلفاء وشايله موسها وتطهر ) وجرت العادة أن أسلم مقالى لأخى بلى عمر ليقوم بمراجعته لانى كنت كاتب نبدتئى ثم يتولى هو رفعه للأستاذة أمال عباس ، وصادف ذلك اليوم أن خرجت أمال عباس قبل ساعات من السجن الذى ترددت عليه كثيرا فى عهد الكيزان
    تسلمت منى بأدبها الجم مقالى ثم أجلستنى وبدأت تقرأ وفجأة صرخت ( يا جماعة نادوا لى بلى عمر يجى يشوف الرباطابى حقه دا )
    قلت لها فى شنو ؟ قالت لى الغلفاء دى رئيس دولة ؟ قلت لها غيرى العنوان ، قالت لى لكن ما بيتغير ، خلاص انشريه كده ، قالت لى لن ينشر وضحكنا ولم ينشر
    استاذة امال عباس امرأة جلدة لذا اختارت مهنة المتاعب
    لك تحياتى وبسأل أين بلى عمر الأن

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..