ضرب مراكز القوة

109 زائر 09-10-2017 admin
يتملكني يقين راسخ أن الإصلاح السياسي والإقتصادي، وبرنامج إصلاح الدولة الذي يتبنَّاه بكري حسن صالح، لن يكتب له النجاح، إلا إذا ضربت الحكومة مراكز القوة في المركز والولايات..
ضرب مراكز القوة في رأيي ضرورة للاستقرار الإقتصادي، مثلما كان جمع السلاح ضرورة للاستقرار الأمني.
إذا كان النظام القائم اهتدى أخيراً، واقتنع تماماً أنه لا مجال للاستقرار الأمني، ومكافحة جرائم النهب، وكبح جماح النزاع القبلي المسلح، إلا بجمع السلاح، فإننا نرى أنه لا مجال لتحقيق الاستقرار السياسي والإقتصادي، ومعالجة كل التشوهات، ومظاهر الفوضى، والفساد، والإختلالات، إلا بضرب مراكز القوة.
قد يتبادر إلى الأذهان سؤالاً ذي شقين: ما هي مراكز القوة المقصودة؟ وما مدى خطورتها على الحياة السياسية، والإقتصادية، وهيبة الدولة، والعدالة الإجتماعية؟
الآن؛ وبعد أن باتت الترضيات السياسية، والموازنات القبلية والجهوية، معياراً أساسياً لشغل المناصب الدستورية في الدولة، تشكَّلت على مستوى المركز والولايات والمحلية مراكز قوى تجمع بين عناصرها تحالفات غير معلنة لتعزيز نفوذها المالي، وحماية مصالحها الشخصية، التي تخطَّت المصالح القومية والحزبية على حد السواء..
مراكز القوى هذه؛ ومن فرط قوة نفوذها وتمددها، والفراغ الذي وجدته في أجهزة الحكم، والضعف البائن في مؤسسات الحكم، والفشل الإداري لكثير من التنفيذيين، أصبحت تتحكم في القرارات السياسية على المستويات الثلاثة (المركزي والولائي والمحلي)، وباتت تتغلغل داخل مراكز اتخاذ القرار..
ليس هذا فحسب؛ لديَّ عشرات الامثلة لشعبيين، وتجار محاصيل، وبصل، وطماطم، وفاصوليا، هم في الواقع نماذج لمراكز القوة المشار إليها، ومن كثرة ما وجدت هذه المراكز من ضعف وهوان في مؤسسات الدولة، باتت تقرر في من يبقى في موقعه من أعضاء الجهاز التنفيذي، ومن يذهب غير مأسوف عليه، بتوصية وإملاءات منها!!
مراكز القوة الآن؛ إن لم ترضى عن وزيرٍ، أو والٍ، أو معتمدٍ أو مدير تنفيذي لمحلية، أو ضابط إداري، تمارس الضغوط والإملاءات لإعفائه أو نقله. والأخطر من كل ذلك أن عدم رضا مراكز القوى لا يأتي لمصلحة المواطن باية حال من الأحوال، ولكنه غالباً ما يأتي لحماية مصالح هذه الطبقة، التي جُبِلت على الجشع، وجمع الثروات، وتجفيف مصادر أرزاق عباد الله المنتشرين في أرضه…
مراكز القوة الآن في المركز، وفي كل ولاية، وفي كل محلية، يعمل لها كبار التنفيذيين ألف حساب، لأنها الجهة الوحيدة التي تستطيع أعفاءهم وابعادهم إن عمدوا على تطبيق القانون، والعمل على نحو يتقاطع مع مصالح مراكز القوة…
لكن ثمة سؤال آخر قد يطرأ على الأذهان: لماذا التساهل وكل هذا التدليل لمراكز القوة؟.. حسناً.. مراكز القوة داخل الحزب الحاكم، هي التي تقوم بتمويل الحملات الإنتخابية، والتبرعات المليارية للحزب.. (من دقنو وافتلو). وطبعاً هؤلاء يكافأهم الحزب بالتسهيلات والامتيازات، ويمنحهم حق “الفيتو”..
أعود وأقول؛ إذا أراد النظام إصلاحاً سياسياً واقتصادياً فليضع حداً لتمدد نفوذ مراكز القوة.. سنعود للحديث بشيء من التفصيل عن بعض مراكز القوة في بعض الولايات والمحليات، ولا سيما ولاية سنار ومحلية الدندر.
اللهم هذا قسمي فيما أملك…
نبضة أخيرة:
الصيحة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..