في أنسنة المعارك

هناك فرق –

في أنْسَنة المَعارك ..!

منى أبو زيد

“الحقيقة النقية البسيطة نادراً ما تكون نقية، ويستحيل أن تكون بسيطة” .. أوسكار وايلد!
لا يملك أي إنْسان/مُسلم/سَوِيّ إلا أن يحزن جداً وهو يرى صور السفير الأمريكي المقتول في بنغازي ? والذي مات مختنقاً بدخان الحرائق في حادثة هجوم بعض المحتجين على الفيلم الأمريكي المسيء لرسولنا الكريم ? فهذا أخ له في الإنسانية كان جسداً ينبض بالحياة وروحاً تضج بالأفكار والمشاعر أضحى جثة هامدة، بفعل فاعل أراد أن يكحل عَيْن دينه ? بنصرة رسوله – فأعمى عيون العالم عن عدالته وسماحة مبادئه التي لا تقبل عيناً بغير عين أو سناً بغير سن، ولا تُجَوِّزُ عقاباً لغير بادئٍ بظلم ..!
الساسة وعلماء الدين وفي ليبيا أدانوا الهجوم في حينه، فبقى الحدث عندهم مصيبة بائتة تدارك عقلاء شيوخهم وحكامهم تداعياتها فتجنبوا وجنَّبوا المزيد من إراقة الدماء، ولكن الكارثة ? التي يفزع لها أي عاقل ? أن نكتشف بين ظهرانينا علماء وفقهاء أجلاء ? نستفتيهم في شئون ديننا ونعتبر اجتهادهم في توجيهنا أمراً واجب النفاذ ? يعتبرون ما أنكره إخوانهم في ليبيا من هجوم فضلاً سبقنا المعتدون إليه، ويرون في الاحتجاج السلمي على الإساءة نكوصاً وتقاعساً وذنباً يستوجب أن يتعارك بعضهم لأجله، ويرون في التعدي على أمن وسلامة الغير واجباً يأخذون بعضهم بالنواصي والأقدام في سبيل بلوغه ..!
الملوك حكام على الناس، والعلماء ? كما يقول سيدنا علي – حكام على الملوك، فكيف ينزلق الفقيه العالم الذي يسود فينا ويقود أمور ديننا إلى فظاظةٍ وغلظة قلبٍ لا تشبه سيد الخلق وشفيع الأمة الذي ينافحون باسمه ويدافعون عنه؟! .. وأين كياسة المسلم وفطنته ودفعه السيئة بالحسنة من تلك “المخاشنات” و”الاشتباكات” التي لا تليق بأي جمع يطلب فلاحاً في أي شأن، ناهيك عن حدث جلل مثل نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ..؟!
أين هؤلاء وأولئك من ثقافة المطالبة والاحتجاج في الإسلام الذي يدعون الناس إلى التمسك بمبادئه؟! .. فهل من الحصافة أن يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم ؟! .. وهل من الفلاح أن يلقوا بأيديهم إلى التهلكة فيسوقون البلاد والعباد إلى كوارث وملمَّات سياسية لا قبل لهم بها ..؟!
في كل معارك الدنيا وصراعات البشر – باختلاف ألوانهم ومشاربهم وعلى مر العصور – هنالك دوماً مساحة رمادية ضاجة بالتعقيدات وحافلة بالتناقض، لكنها أيضاً غنية بأوجه الشبه الإنساني وموجبات الالتقاء مع بعضنا كـ “أُناس” والانتماء إلى بعضنا كـ “بشر”، لا يمكن للإنسانية أبداً أن تختزل نفسها في خير صرف أو شر محض، وفقاً لما يكتب في “خانة” الجنسية والديانة لأي هوية رسمية! .. إن تنقية حقيقة الإنسان ? المعقدة في جمالها والجميلة في تعقيدها ? تبسيط مُخِل بعمقها وثراءها الذي يلتف حوله البشر بحياد يؤنسن أفعالهم ويرتقي بانتماءاتهم ..!
إن كان الإيمان هو ما يفرق الناس فإن الشك هو ما يوحدهم، حريٌّ بنا إذن كمسلمين أن نستثمر شكوك الآخرين حولنا لا أن نبددها بتأكيد السيء منها .. قد يؤدي بنا التعقل ? في مثل هذا المقام ? إلى نار الظلم أو جنة العدل، لكنه حتماً سيؤدي بنا إلى مكان ما (أفضل مما يدعونا البعض إليه) .. ليتنا نتذكَّر أننا عندما نكظم غيظنا لا نغيِّر الماضي بل نغير المستقبل ..!

صحيفة الرأي العام

منى أبو زيد
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. Thank you very much Mona Abuzait for quoting Oscar Wild
    Mona you are really contributing to my orgasmic enduring spirit
    When I read you I feel that something is hiding between the lines
    Are you casting your personal experiences on you columnar material
    WHAT DO YOU REALLY WANT TO SAY
    Then you should deserve our praise but we need to know the details.Why
    you suffered & who caused your injury twice

    Thank you dear

  2. وهل دمت عيناك لمحمد الدرة واطفال الغراق وافغانستان والارامل والثكالى الذين لا يزالون يتوجعون مع كل نبضة اين الضمائر اين العدالة بل ابن الرجولة والنخوة اين حرائر وفتيان العراق وجنين ويافا بل اين معتقلات غواتنامو وابوغريب وما خفى أعظم يقولون حرية النعبير ونحن محرومون عن حرية المعتقدبل عن الحياة فقرى ومدن محيت من الارض ولانزال نجد من يحج اليهم ومن يتوسل اليهم ومن نسى رب العباد على الرزق

  3. شكراً لك . كتاباتك ما انفكت تنفض عنا غبر الغفلة و تؤجج جذوة الوعي فينا. في هذه الاحداث لفت نظري رفع ذات العلم الاسود في سارية السفارة الألمانية في الخرطوم و القنصلية الأمريكية في ليبيا. هل هو امر متفق عليه ام مجرد توارد خواطر؟ من هو الخياط الذي حاكهما؟ ام هما جزء من كومة ,مشونة، ليوم لا ندري ما هو, و كىف هو و أين هو؟ الله اعلم… ولنبقي في يقظة.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..