البرلمان… من أحق بالانضباط..؟!

عثمان شبونة
في الأخبار التي (لا تنقضي) وجه أحد أعضاء البرلمان السوداني انتقادات حادة للصحفيين واتهمهم بالتشكيك في شرعية النظام الحاكم بإثارة قضايا الفساد وإضعاف ثقة المواطنين في الحكومة.
ــ يا إلهي…!
وتابع العضو ــ حسب المصدر ــ أن الصحفيين أضروا بمسيرة الحوار الوطني؛ كما حمّلهم مسؤولية هروب المستثمرين من البلاد بسبب كتاباتهم..!.
* المناسبة التي قيل فيها الحديث، لا أهمية لذكرها الآن، إذ تتعلق بالمصادقة على إتفاقية مكافحة الفساد الدولية..!
* كل سطر من تصريحات العضو البرلماني تلزمه استجارة باللغة قبل الاستجارة من الغضب اتقاءً لأمراض القلب.. فالبرلمان يبدو في بعض القضايا كالقاتل الصامت الذي يفاجئك من حيث لا تدري (بالمتفجرات اللفظية) الرامزة للعجز عن الفعل الصحيح.. ومشكلة السودان في وجهها الآخر لا تبتعد عن ظاهرة (الشتارة) الرسمية التي تخطئ التقديرات عن عمد أو جهل، وتفصِّل كل قضية بغير ما يناسبها من (المقاسات) أعني مقاسات الكلام الخارج من أفواهٍ تعودت على إنكار الواقع وتجميله مهما (شان)..! ثم تخريج هذا الواقع الشائن كيفما اتقف.. أو كما فعل عضو البرلمان وهو يزعق بتجريم الصحفيين الذين لا تخصهم هذه التهريفات.. فالاستثمار ــ المفترى عليه ــ عنوان للنظام الحاكم الذي يتحدث العضو عن شرعيته متبرعاً من نفسه (بالإثارة..!!).. والنظام المقصود لا حاجة له بفتوى تقيّمهُ في ميزان المستثمرين الأجانب والفشل في استقطابهم لعدة أسباب؛ نختصر بعضها في التقارير الدولية التي تضع بلادنا ــ بشفافية ــ في القوائم الدنيا الفاضحة (بعد الصومال وافغانستان..!).. وهي قوائم مهما تنوعت في التعبير عن شقائنا تجدها عائدة إلى منبع البؤس الأول (الفساد)..!
* إثارة قضايا الفساد ليست جهداً صحفياً خالصاً (كما تعلمون..!) بل هو في الأساس عمل جهات حكومية..! لكن بعض البرلمانيين اعتادوا على “اللواكة” بلا فائدة مغرمين بإشهار وجودهم لا غير، بالبحث عن حبل غسيل..!
ــ أين حماستكم في إثارة قضايا مثل زهق الأرواح، وسبتمبر قادم..؟ بينما كجبار منسية..! ناهيكم عن دارفور المقتولة (كمد) وغيرها..!
* الأمثلة تتعدد قبل أن يطالب رئيس البرلمان بميثاق شرف إعلامي لضبط تصريحات الصحفيين في الداخل والخارج ــ أو كما قال..!
* أما إشارة ذاك النائب إلى “زعزعة” مسيرة الحوار الوطني (المزعومة) بواسطة الصحفيين، فهذا القول يصنف ضمن (المضحكات المبكيات).. فالمطلوب ــ بشدة ــ انضباط البرلمان أولاً فهو يجب أن يكون قدوة..! لكنه؛ أفرخ في النصف الأول من هذا العام (دواهي) بلا عدد على ألسنة أعضائه.. بينما القضايا الحية والمُلحّة تموت تحت سنابك الهرج..!!
أعوذ بالله
ـــــــــــــــــــــــــ
صحيفة الأخبار (الثلاثاء)
[email][email protected][/email]