المهدية في المنتدى الأدبي بسدني

كلام الناس
نورالدين مدني
*قدم الأستاذعصمت الدسيس في المنتدى الأدبي السوداني بسدني قبل فترة ورقة بعنوان” المختار.. جدلية الوعي والإجتياح” في قراءة مختلفة لملابسات قيام الثورة المهدية في السودان.
*تكتسب هذه الورقة التي أثارت جدلاً كثيفاً في المنتدى أهميتها من حاجتنا لإعادة قراءة التأريخ السياسي في السودان لتجاوز سلبيات الماضي والبناء على إيجابياته في مستقبل السودان المنتظر.
*ركز الدسيس في ورقته على الظروف الموضوعية التي هيأت المناخ السياسي لقيام الثورة المهدية التي قادها الإمام محمد أحمد بن عبدالله مستفيداً من فكرة المخلص أو المختار في التأريخ الإسلامي.
*أوضحت الورقة كيف أن الثورة المهدية نضجت على نار تطور الوعي برفض الإحتلال التركي المصري والعصبيات الإثنية‘ وإستغلال روح التمرد الباحث عن المخلص في الوعي الإجتماعي.
* لم يكتف كاتب الورقة بذلك بل تحدث عن العبقرية الذاتية للإمام محمد احمد بن عبدالله التي مكنته من حسن توظيف الإختناقات الناجمة من التوترات الإثنية وقمع سلطة الخلافة الإسلامية لبلورة مؤسسته الدينية الوطنية فحول الحلم الميتافزيقي بالمخلص من الفكرة إلى مقام الفعل.
*كانت أولى صرخات تمرد محمد احمد المهدي على سلطة الاحتلال وسط مؤسسات التدين القديمة برفضه التمويل المالي من هذه السلطة‘ وخروجه على تقاليد هذه المؤسسات القديمة الأمر الذي أدى لطره من الطريقة‘ فشرع في منازلتها.
* اعتكف محمد احمد بن عبدالله في الجزيرة أبا لبناء مؤسسته الدينية‘ وبدأ في توظيف قدراته الذاتية في بنائها على مرتكزات هذا الوعي بالتمرد على الاحتلال والسطة الدينية القديمة والواقع الإثني المأزوم.
*أوضح الدسيس لماذا إستبعد محمد احمد بن عبدالله الوسط الجغرافي في السودان من أن يكون حاضنة لمشروعه المهدوي‘ ووجد ضالته في كردفان لبعدها عن سلطة الاحتلال والقوى الدينية القديمة والاختلالات الإثنية‘ وقدم نفسه كرجل دين موثوق به قبل أن يعود إلى الجزيرة أبا كرجل ثورة موثوق به وله أتباع يؤمنون برسالته.
* الوعي الجديد الذي أشعل شرارته الإمام محمد احمد المهدي لمحاربة الاحتلال والسطة الدينية القديمة‘ عززه بمشروع التاخي الديني تحت مظلة المهدية‘ لكنه دخل في امتحانات عملية عسيرة مثل حصار الأبيض‘ والصراع مع بقايا القوى الدينية القديمة .. هذا الصراع تجسد أكثر في الإنتكاسة الإثنية التي حدثت بعد وفاته.
*تعرضت ورقة عصمت الدسيس لانتقادات وملاحظات مهمة في المنتدى حول أسلوب قراءته لمجريات الثورة المهدية وتبريره لفكرة المخلص بعد تحريرها من التأثير الغيبي‘ لكنه دافع عن منهجه ووعد باستكمالها في جلسة أخرى للمنتدى.
*لاشك في أن مثل هذه القراءة للتأريخ السوداني مهمة‘ لأن أخطاء الماضي السياسية مازالت تلقي بظلالها السالبة على الحراك السياسي والمجتمعي و تعرقل الإتفاق على المشروع القومي السوداني المأمول بعد نجاخ الإرادة الشعبية في الإطاحة بحكم الإنقاذ الإستبدادي لتحقيق السلام الشامل والديمقراطية والعدالة ورفع المظالم والتنمية المتوازنة والتعايش الإيجابي بين مكونات الأمة السودانية ومع العالم المحيط الذي نعيش فيه
هراء يفتقر للتاسيس المعرفى المرتكز على البنيه الابيستمولجيه والسياق المحدد للحدث. الثوره الدرويشيه التدجليه ارتكزت على مشروع دينى تزييفى يرتكز على اداعائات غير علميه بتداول الادعاء بانه المهدى المتظر. وذلك تعاقبا بعد ادعاء عبدالله التعايشى بانه مهدى منتظر . ولعل فقر التاسيس العقائدى فى غرب السودان حيث انتشار الاسلام الشعبى المرتكز على البدع والاسطوره تمددا نحومملكه التمبوكتا وسلطنات وداى وغيرها حيث تاطير نموزجى دينى قائم على ثقافه شعبيه متمثله فى طقوس ذات طابع شعوذه تلازما مع بعد نفسى ارتياحى للدين . استغل محمد احمد المهدى ذلك واستغل الذهنيات الرعويه فى غرب السودان وجندها فى مشروعه التدجيلى الذى انهزم ذاتيا وابيستمولجيا فى مواجهه المنبر العلمى ووجهه العلم الاسلامى-الازهر الشريف , حيث هرب ورفض الدجال محمد احمد المهدى المناظرات العلميه . ولعل دجال المهديه رفض نشر فكره فى الشمال وذلك للوعى المتنامى منذ عهد عبدالله بن ابى سرح وتواجد علماء ازهريين اسسو بنيه معرفيه للاسلام ونشروروا وعى فقهى عقائدى حصن الناس من شعوذه محمد المهدى . الخلط الغير منهجى بين المنهج السنى التاصيلى لاسلام الارثودكسى القائم على النقل النصى والتصوف العرفانى القائم على علم القلوب وتطهير النفس والارتقاء بها باطنيا وانعكاس التطهر ظاريا سلوكيا تلازما مع رياضه نفسيه وجسديه ذات ابعاد بدعيه تاصيليا و تشيع على منهج الشيعه – كل هذا يعكس تناقضات وتلوث فكرى عقائدى لدى محمد احمد المهدى.
اما محاربته للفرنجه ومقاومته للاستعمار فهذا نضال معروف بالبداهه وتمحور حوله جميع اهل السودان غربا وشرقا وشمالا وجنوبا . اعادة قرائه التاريخ يتطلب المصداقيه واعتباريه تحليل الظرف الموضوعى واعتباريه التاريخانيه ز