سيظل الحزب الشيوعي على موقفه المناهض لاقامة سَديْ دال وكجبار

سيظل الحزب الشيوعي على موقفه المناهض لاقامة سَديْ دال وكجبار

سليمان حامد

لماذا تصر حكومة المؤتمر الوطني على إقامة سَديْ كجبار ودال. وهي تعلم إصرار أبناء منطقة النوبة على مناهضة ذلك حتى لو أدى إلى مزيد من التضحيات والشهداء كما حدث في مقاومة قيام سد كجبار.

وكعادة المؤتمر الوطني ، فإنه يحني رأسه للعاصفة عند فتوها .ثم يبدأ تنفيذ مخططه من جديد عندما تهدأ . فقد طرح مولانا توفيق عباس رئيس الهئية العليا لمناهضة قيام سدي كجبار ودال أن هيئتهم رصدت تحركات من قبل وحدة تنفيذ السدود في منطقة دال وتوزيعها لإستبيان على المواطنين تحت مظلة وزارة الرعاية الإجتماعية بالولاية الشمالية وإتهم الحكومة بعقد اتفاقات سرية مع مصر لحماية السد العالي من الإطماء عبر إنشاء سدي دال وكجبار. (راجع صحيفة الأيام 26 أكتوبر 2011)

وبهذا تفتح الحكومة على نفسها ?كما ذكرنا من قبل- طاقة خامسة على جهنم ، وكأنها (ناقصة بلاوي) . وهي تعتقد أنها بهذا تكسب ثقة النظام المصري الذي لم يوطد نفسهه حتي الآن ولم يكسب ثقة الشعب المصري الذي لا زالت تظاهراته اليومية متواصلة لإجتثاث مخلفات كل النظام الفاسد القديم . ومن جهة اخرى حتى تخسر معظم سكان شمال السودان من وادي حلفا وحتى دنقلا. لآن قيام سدي دال وكجبار سيغمران كل المنطقة . وهذا يعني تدمير الحضارة النوبية بأسرها ويطمس الهوية النوبية ويطمر كنوزاً من التراث لإقدم الحضارات في العالم ويغرقها إلى الأبد.

لقد كان موقف الحزب الشيوعي السوداني واضحاً وضوح الشمس عندما أعلنت عصابة 17نوفمير ترحيل أهالي حلفا إلى منطقة خشم القربة ، ضد إرادتهم الجماعبة التى اختارت منطقة جنوب الخرطوم وطناً جديداً لهم بعد أن أعلن الفريق عبود عند زيارته إلى منطقة حلفا ( أن مواطني حلفا هم الذين يختارون موطنهم الجديد وسنوافق على اختيارهم).

وبالفعل تكونت لجنة قومية وأصدرت بياناً لكل أهالي حلفا تبشرهم بهذا الإختيار .( راجع صحيفة الأيام 15/8/1960م)ألا أن الحكومة العسكرية تراجعت عن تصريحات عبود وأصرت على خشم القربة .

ولهذا أصدر الحزب الشيوعي بوادي حلفا بياناً في 20/10/1960 جاء فيه ، ان حكومة 17 نوفمير وعلى رأسها عبود هي حكومة خُلِقتْ لتؤمن مصالح القوى الرجعية والاستعمار في المكان الأول ., وأصبحت جمهورية السودان إحدي ولايات الولايات المتحدة الأمريكية ?إن حزبنا يعمل معكم بكل اخلاص لسحق جميع الشعارات المعارضة لمصالحكم ويقف في طليعة الشعب السوداني لتحقيق أهدافكم وتأمين مستقبلكم .

وعمت المظاهرات جميع انحاء السودان، وكان أشهرها المظاهرات التى قادها الشيوعيون والوطنيون من أبناء النوبة في 23/10/1960م وحاصرت مطار حلفا قبل وصول الوفد الحكومي ، وجرح فيها أكثر من 13 مواطناً واعتقل أكثر من مائتين واستمرت المظاهرات ليومين متوالين تحاصر الوفد الذي تسلل في جنح الظلام دعاء الى الخرطوم بعد أن كان مقرراً له أن يستمر لإسبوع.

كذلك جابت شوارع الخرطوم مظاهرات تاريخية في 26/10/1960واستمرت لعدة أيام اشتركت فيها الى جانب ابناء النوبة جميع فئات الشعب من طلاب وعمال وغيرهم.

وأصدر الحز ب الشيوعي وثيقة بتاريخ30/10/1960م عنوانها الاستعماريون ينهبون بلادنا ، فضح فيها عطاءات خشم القربة.

لم يكتف الحزب الشيوعي بدعم قضية النوبيين ومطالبهم العادلة ، بل أصدر مجلة جماهيرية ، شعارها : الوقوف في طليعة النوبيين في كفاحهم لاختيار موطنهم الجديد بأنفسهم وتعويضهم تعويضاً عادلاً . أن الأعداد العشرة التي صدرت من هذه المجلة اسهمت فى إذكاء روح النضال لدي جماهير النوبيين.

فإذا كان السد العالي قد أغرق منطقة النوبة لمسافة 170كيلومتر من (فرس) وحتي عن (دال)ويزيد عدد سكانها عن الخمسين ألف نسمة ، ناهيك عن المزارع والجنائن والنخيل وطمر كنوز من التراث النوبي التي لا تعوض،فإنه هذه المرة سيبدأ من (دال) وحتى دنقلا ليقضي على البقية الباقية من المواطنيين النوبيين ويبعثرهم بكل حضاراتهم وقيمهم الأصيلة في قبل السودان المختلفة.

اليوم تريد حكومة المؤتمر الوطني أن تكرر ذات التجربة رغم فشل سابقتها . فحلفا الجديدة هرب معظم قاطنيها لانها أصبحت منطقة طاردة . فقد جفت المياه في خشم القربة بفضل الإطماء وصار المشروع قاعاً صفصفاً، يعاني مزارعوه من ضخامة الضرائب على مدخلات الإنتاج ، وضيق المساحة المروية من مختلف المحاصيل وصار العمل أشبه بالسخرة.

ولهذا بدأت التظاهرات في الأسابيع الماضية ضد هذا الوضع البائس الذي جعل الحياة جحيماً لا يطاق.

وعلى الحكومة أن تعي الدرس، فقد كانت المقاومة في كجبار واستعداد شبابها للتضحية وقدموا آرواحهم فداء للأرض والعرض والتراث والحضارة النوبية ، فإن المقاومة ، ستكون هذه المرة أشد قوة وأكثر ضرواة . ولن يقف النوبيون وحدهم ،بل ستشتعل كل المنطقة من دال وحتي دنقلا، وستنفجر في بقاع السودان المختلفة .

وسينطبق قول الشاعر على (دال) ?أشعل التاريخ ناراً وإشتعل? .

أليس في الحكومة ( مايكفيها ) ، وهل ستخوض ذات المغامرة المجنونة مرة أخرى.

هذه المرة مع الواقع المزري الذي يعيشه واقع الاقتصاد السوداني والمعاناةالتي يعيشها شعب السودان، فان الظروف مهيأة لنهوض لن يقف عند حدود إسقاط النظام وحسب ،بل ستتواصل ثورته حتي نصل إلى أهدافها الكاملة الشاملة.

الميدان

تعليق واحد

  1. لا دال ولا كجبار في ارض النوبة نحنا احرار
    ماساة عبود لن تعود
    لا للتهجير لا للاغراق
    لا لطمس الهوية النوبية

  2. الحقيقة التى لم يذكرها البيان أعلاه أن المظاهرات التى عمت حلفا وهتفت ضد حكومة عبود العسكرية وفي وجوده واركان حربه وكل اعضاء حكومته العسكرية والمطالبة بعودة العسكر لسكناتهم والعودة لحكومة مدنية والتى قام بها الحلفاويون وحدهم دون مؤازرة من أحد حتى ان مشاركة الحزب الشيوعي كحزب وحيد عضد احتجاجات اهالى حلفا كانت من ابناء المنطقة المنتسبين للحزب وبدافعهم لوطنه وأرضهم وتاريخهم بكل تأكيد وليس لأجندة حزبية والا اشترك معهم الاخرون من اعضاء الحزب من باقي مناطق السودان! المهم ان هذه الاحتجاجات كانت اول احتجاجات جماهيرية تواجه حكومة عبود العسكرية،من قبل المواطبين في السودان وبذلك يكون النوبيون هم من اوقد شرارة اكتوبر الخالدة وأول من ابتدع هتاف "الي السكنات يا عسكر " وقد سبقوا باقي جهات السودان بما فيها العاصمة الخرطوم بأربعة أعوام، وكانوا سببا مباشرا في اندلاع اول ثورة شعبية خالدة في وجدان الشعب السوداني بأكمله ويجب ان يوثق ذلك، ولا زال شهود تلك الفترة أحياء بيننا فمن حلفا انطلقت شرارة اكتوبر وواجه الحلفاويون العزل بشجاعة وبصدور عارية اسلحة الجيش وقواته النظامية رغم سخرية باقي قبائل السودان واحزابها منهم واطلاق النكات الساذجة عليهم لمواجهتهم آلة عسكر عبود التى ظن الناس انها لا تقاوم ولا تهزم وسقطت هذه الآلة الاستبدادية العنيدة الظالمة بفضل شجاعة الحلفاويين وكسرهم لحاجز الخوف من نظام استبدادى دكتاتوري كنظام عبود وهذا يعنى انهم يستطيعون تكرار هذا السناريو العظيم لأنهج جزء من حضارتهم ولم ينسوه ويبدو أن الأخرين قد نسوه!!

  3. لكم التحية استاذ سليمان وعلى الحكومة أن تجرب إذا ارادت ، لا نعرف سر هذا الركوع من الكيزان للمصريين ، فتارة تتخلى عن حلايب لهم رغم أنها سودانية مية في المية ، وتارة تقدم لهم الهبات تلو الهبات وآخرها العشرون ألف راس في الوقت الذي يموت فيه السودانيون من الجوع ، فإذا كان هؤلاء المعتوهين فاقدي الوطنية والنخوة الرجالية ، فنحن لنا أدواتنا المختلفة لمحاصرة هؤلاء الكيزان الكلاب الأنجاس .

    وإذا ارادت طمس الهوية النوبية وإغراقها فلتتقدم خطوة لترى المصير المرتجى لهم .

  4. وانظروا ندوة د. محمد جلال عوض التى يشرح فيها ان مضار السدود اكثر من مكاسبها بما لا يقاس.

    ولكن نحن نحتاج دراسة معمقة لابعاد محنة السد العالي.
    هل هي محنة لا تعالج الا بالتضحية بشمال السودان.؟
    ان حكومة الانقاذ لا تتعامل بندية مع مصر فهناك سر خفي وراء هذا الضعف المريع
    ربما ان قضية اغتيال حسني مبارك لا تسقط بالتقادم ربما, ربما ويمكن شيئا اخر؟؟

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..