في وضع الجيش الشعبي

أفق بعيد
في وضع الجيش الشعبي

فيصل محمد صالح
[email protected]

قضية وضع منسوبي قوات الجيش الشعبي لتحرير السودان في المنطقتين، جنوب كردفان والنيل الأزرق، كانت واحدة من الألغام التي تفجرت وفجرت معها الأوضاع، وقد يبدو لأي ناظر من بعيد أنها مشكلة جديدة فاجأت الاطراف ولم تستطع التصرف حيالها، أو أنها نتاج وضع جديد لم يكن في الحسبان، والحقيقة غير ذلك. لقد ناقشت اتفاقية السلام الشامل وضع قوات الجيش الشعبي وكذلك الدستور الانتقالي، ووضعت لها إطارا لم يعمل به أحد.
وقد يندهش البعض، الذي لا يراجع الدستور، لو عرف ان الدستور لم يعرف الجيش الشعبي باعتباره قوة تابعة للحركة الشعبية، وإنما باعتبارها قوة نظامية، حسب منطوق المادة 144 من الدستور التي تقرا (تظل القوات المسلحة السودانية والجيش الشعبي لتحرير السودان منفصة وتكون قوات مسلحة نظامية واحترافية وغير حزبية وتعامل معاملة متساوية باعتبارها القوات المسلحة القومية السودانية). ثم مضت مواد الدستور لتحدد مهام القوات المسلحة القومية السودانية ودورها، وأقر تكوين الوحدات المدمجة…الخ. ومن المهم أن نعرف أنه حينما يشير الدستور للقوات المسلحة القومية فإنه يعني القوات المسلحة والجيش الشعبي معا.
وبالتأكيد فقد تحسبت اتفاقية السلام الشامل والدستور لنتائج الاستفتاء على تقرير مصير الجنوب، إما بدمج الجيشين لتكوين جيش قومي، في حالة الوحدة، أو فصل الجيشين وحل الوحدات المشتركة. وأعطت الاتفاقية وضعا خاصا لهاتين المنطقتين ينتهي بالمشورة الشعبية، وكان من بين ما يفترض حدوثه في الفترة الانتقالية هو معالجة وضع أبناء المنطقتين المنتمين للجيش الشعبي، وهم أعداد كبيرة تقدر بعشرات الآلاف.
هؤلاء مواطنون سودانيون، انتموا خلال فترة من حياتهم لتنظيم سياسي سوداني اختلف مع الحكومة وخاض ضدها حربا انتهت باتفاق سلام، وتحولوا لأعضاء في قوة نظامية يعترف بها الدستور حتى التاسع من يوليو 2011. ولم يتضح صعوبة وضعهم إلا بعد اختيار الجنوبيين للإنفصال، إذ صاروا بين خيارات كثيرة صعبة، لكن أكثرها منطقية أن يظلوا في وطنهم ويتم معالجة وضعهم بروية وحكمة وصبر، بحيث لا يضاروا هم ولا أسرهم، ولا تضار منطقتهم، ولا تضار البلاد بأسرها. وكان من المفترض ، وفقا للجداول الزمنية في اتفاق السلام، والتي تأخرت كلها في التنفيذ، أن يتم معالجة أوضاعهم وفقا لبرنامج نزع السلاح وإعادة الدمج والتسليح، وذلك باستيعاب بعضهم في القوات النظامية المختلفة، وتسريح الآخرين واستيعابهم في الحياة المدنية.
لم يكن معقولا ولا مقبولا القول إن عليهم تسليم أسلحتهم في اليوم الفلاني بإعلان عسكري، ولا تهديدهم بالويل والثبور وعظائم الأمور، من حامل سلاح مثلهم، ولا شحن الرأي العام ضدهم بخطاب إعلامي عنصري جاهل. ولا مناص، اليوم أو غدا أو بعد سنة، من التفاوض ووضع برنامج زمني مريح قابل للتنفيذ، لاستيعابهم وضق الخطط القديمة.
هؤلاء مواطنون سودانيون ضحايا وضع خاطئ ومرتبك وسياسات قاصرة وجو سياسي ملتبس بين الشمولية والديمقراطية، وقيادات سياسية أقل قامة من الشعب ومشاكله وقضاياه واحتياجاته. ولن تحل مشكلتهم بتجييش الجيوش وإرسال المجاهدين والمناصرين.
بعدين… تعالوا هنا، من أعطى واليي الخرطوم والجزيرة حق الاحتفاظ بقوات مسلحة مشكلة من مدنيين مسلحين، مهما كان اسمهم، وحرم ذلك على باقي الولاة؟ والي الخرطوم يجهز الآن ألف مقاتل مجاهد ليبعثهم للنيل الأزرق..! إن اردتم الحفاظ على قومية القوات المسلحة وحصر السلاح بيدها وحدها فهناك خطوات كثيرة مطلوبة لتاكيد قوميتها، أول الخطوات تسريح كل الميليشيات والمجموعات المسلحة باختلاف أسمائها، بما في ذلك الدفاع الشعبي وما يسمى بالمجاهدين والكتائب الاستراتيجية وبقية الميليشيات الحزبية.
الحق واحد ولا يمكن تجزئته.

تعليق واحد

  1. أستاذ فيصل

    أقتبش من مقالك الهادف

    هؤلاء مواطنون سودانيون ضحايا وضع خاطئ ومرتبك وسياسات قاصرة وجو سياسي ملتبس بين الشمولية والديمقراطية، وقيادات سياسية أقل قامة من الشعب ومشاكله وقضاياه واحتياجاته. ولن تحل مشكلتهم بتجييش الجيوش وإرسال المجاهدين والمناصرين.
    بعدين… تعالوا هنا، من أعطى واليي الخرطوم والجزيرة حق الاحتفاظ بقوات مسلحة مشكلة من مدنيين مسلحين، مهما كان اسمهم، وحرم ذلك على باقي الولاة؟ والي الخرطوم يجهز الآن ألف مقاتل مجاهد ليبعثهم للنيل الأزرق..! إن اردتم الحفاظ على قومية القوات المسلحة وحصر السلاح بيدها وحدها فهناك خطوات كثيرة مطلوبة لتاكيد قوميتها، أول الخطوات تسريح كل الميليشيات والمجموعات المسلحة باختلاف أسمائها، بما في ذلك الدفاع الشعبي وما يسمى بالمجاهدين والكتائب الاستراتيجية وبقية الميليشيات الحزبية.
    الحق واحد ولا يمكن تجزئته.

    يامرون الناس بامعروف وينسون أنفسهم..هذا هو التوجه الحضارى

  2. اصل المشكله ان الحكومه اسست لمنهج في غض النزاعات بني علي ان كل حزب او كيان معارض يؤسس له فصيل عسكري و بعد مناوشاته مع الحكومه ووصوله الي اتفاق معها يبقي فصيله العسكري حرا يمكن الرجوع اليه وقت مايشاء لانعدام الثقه بين الحكومه و اي طرف معرض لها هكذا ايضا بنيت نيفاشا التي اسست الي الانفصال او التلويح بعصا جيشها المنفصل عن القوات المسلحه السودانيه هذا جانب و الجانب الاخر ايضا لان عقيدة حزب الحكومه تؤمن بالقوه فقط التي جاءت بها لذلك اي صراع مع الحكومه سيكون علي هذه الشاكله و للحكومه ايضا مليشاتها خارج نطاق الجيش الرسمي للدوله و الدوله او السودان مخلوق هلامي الكل يسعي لتحطيمه و نفاخر بفشلنا للعالم بئس مانفعل بأنفسنا و كفي تشويها لصوره السودان و السودانيون حقا نخجل حينما نسمع مايقال عن السودان وحينما نشاهد خريطه السودان الحاليه .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..