مشروع نظافة الخرطوم بين مطرقة الفشل وسندان تراكم النفايات.

الخرطوم/النورعبدالله محمدين خاطر
يبدوا ان الجهات المسؤلة القائمة علي امر ادارة مشروع النظافة قد اثبتت فشلها التام, ومع سبق الاصرار والترصد, فان اعواما مضت من انطلاقة عمل البرنامج الاسعافي للحد من نظافة ولاية الخرطوم, ولاتزال حاراتها ترذح تحت جحيم انقاض النفايات، رغم الجهود التي بذلت الا ان حجم النفايات الملفته للانظار امام المنازل وفي قارعة الطرق لايضاهي بوجود مشروع النظافة الضخم, تتوالي الايام تباعآ ويزداد حجم النفايات بصورة اكبر وفي ظل غياب تام لعربة نقل النفايات في الغالبية العظمي من حارات العاصمة وخاصة الطرفيه، دون ان تلقي الجهات المسؤلة نظرة لتلافي ما ينبغي حدوثه من امراض جراء تراكم النفايات ذات الروائح النتنه التي تزكم الانوف.
مدخل(1)
منذ ان بدأ مشروع نظافة الخرطوم عمل برنامجه الاسعافي, وبتفويض من مجالس محليات الخرطوم, واندرجت بداياته الاولي عبر مراحل مختلفة بخطوات جادة بدءأ بمحلية الخرطوم وسط والشجرة بجانب محليتي، الشهداء- وسوبا- ومحلية شرق الكلاكلة، ومرورآ بالخطوة الثالثة والتي ضمت محلية الازهر- والنصر- وجبل اولياء. تضافرت الجهود وتم توفير المعينات كافة، لمباشرة سير العمل والمضي قدمآ، إلا انه ثمة إنتكاسة تخل بموازين المشروع، الامر الذي ادي الي تراجع استمراريتة بذات قوة دفع بداياته الاولي ليصبح تراكم النفايات في حارات العاصمة سيد الموقف.
مشهد (2)
وكادت النفايات تطغي علي بيئة حارات ولاية الخرطوم، ومشاهد عدة تستوقف المحرر، – فالاحياء الطرفية تناطحها جبالآ من النفايات- وفي قارعة الطرق جوالات معبأ بالنفايات، واخري تفترش الارض،- مواطنون يقومون بحرقها للخلاص منها، هنا… واخرون هناك… والدخان سحابة يمضي في سماء حارات امبداة، حين يمسون وحين يصبحون… لاحديث يعلو عن تراكم النفايات، في المنازل وحتي المركبات العامة، سخط عام بين المواطنين… ومشاهد مخزية دفعت المحرر بأن يتلمس اخفاقات عمل مشرع النظافة, ويسلط الضؤ علي قضية تراكم النفايات، التي اصبحت الهم الشاغل للكثيرين, وفي جولة ميدانية واسعة في مختلف الحارات، للوقوف علي حجم تراكم النفايات، حيث إستمعنا الي إفادات العديد من المواطنين وخرجنا بالمحصلة الاتية لنتابع معآ:-
صرخة مواطنين
حيث يشتكي مواطنين بالخرطوم من تراجع عمل مشروع نظافة الخرطوم, في ظل تراكم النفايات بينما يجمع مواطنين بمختلف الحارات، في ان المشروع لم يؤدي عمله بالقدر المطلوب، رغم الرسوم الجبرية التي تتحصلها المحلية منهم بصدد النفايات، دون مردودآ خدمي في أكمل وجه علي حد قول مواطنون، ويطالب آخرون بالحلول العجلي للخلاص من النفايات التي اصبحت تشكل مصدر قلق لهم، مشيرين إلي ان مشكلة النفايات لم تكن وليدة اليوم بل اصبحت مصاحبة لبرنامج المشروع منذ الانطلاقة،
الدفع دون مقابل نظافة
ويوجه مواطنين انتقادات لاذعة لتدني عمل المشروع والذي افضي بتراكم النفايات في الاحياء والطرق الرئيسية وفي اثناء جولتنا التقينا بالمواطن محمد عيسي من سكان الثورة الحارة76 مبديا سخطه من قضية تراكم النفايات قائلا ان مشروع النظافة نجح كفكرة وفي الوقت نفسه ان القائمين علي امره فشلو من تطبيقه علي ارض الواقع والدليل علي ذلك تراكم النفايات في مختلف حارات الخرطوم وخاصة الاحياء الطرفية منها ان عربة نقل النافايات لم تقوم بالتغطيه الشاملة. واضاف اننا اصبحنا ندفع رسوم نفايات دون عائد خدمي وتابع محمد في سبعينيات القرن الماضي ان البيئة كانت سليمة ونظيفة بنسبة 100% وان المراقبه علي مدار 24ساعة ولم تكن هنالك رسوم مثل التي تفرضها المحليات علي المواطنين اليوم يدفعوا دون مقابل عائد خدمي وفي الوقت نفسه لم توجد رقابة واشراف.
تجارب دول الجوار
وتسأل محمد عماذا لاتقوم الجهات المسؤلة بالاستفادة من تجارب الدول المجاورة؟ وطالب الحكومة ان تتبع ذات النهج الذي تتخذه تلك الدول للقضاء علي تراكم النفايات, وان المطلوب منها فقط ان تأتي بالفكرة ومن ثم تقوم بأنذالها علي ارض الواقع ويري محمد ان اي مشروع لم تتوفر له كل الامكانيات اللازمة لسير العمل يصبح مشروع فاشلا.
تكدس النفايات
وبينما كانت جولتنا تنطلق في مناطق مختلفة بالخرطوم ، حيث ا ستمعنا الي شكاوي العديد من المواطنين الذين ابدو سخطهم من تراكم النفايات وتكدسها امام المنازل, وفي الطرق الرئيسية للأحياء وعلي صعيد حارات امبده حيث يجأر المواطنين بالشكوي من تراكم النفايات في كلا من الحارة (ال18- 19- 21) ولم تبالي المحلية من القيام بعملها تجاه النظافة. وفي الحارة ال19 بالضبط كشفت الجولة وجود احدي المرابيع الغير مشيده والواقع علي مقربة من الزلط بمحطة الشجيرات، يتخذه مواطنين الحارة مكبآ للنفايات وفي ذات الوقت ليصبح مكانا مخصص لحرقها.
وتستمر الازمة
لم تقتصر ازمة تراكم النفايات في حارات امبدة فقط بل تعدتها الي الثورات إيضآ في كلآ من الحارة (27- 28- وال29 حلايب) كما وجدنا ان المواطنين هناك ايضآ يعانون من تكدس جوالات النفايات امام منازلهم، واجمع مواطني الحارات الثلاث ان عربة نقل النفايات تغيب أسابيع، الامر الذي قاد المواطنين بان يلجؤ إلي تصرف غير مسبوق للتخلص من تكدس النفايات من امام منازلهم ليقومو بحملها ووضعها علي قارعة الشارع العام شاءت عربة النفايات تأتي لنقلها او لم تأتي. وفي الناحية الجنوبية للحارتين ال27- 28 بالشارع الرئيسي الفاصل بينهما وحارات امبدة، كشفت الجولة وجود كم هائل من النفايات، التي تستوقف المارة. وفي الاثناء التقت الجولة بالمواطن/حسن ادريس الذي يبدوا منزعجآ من كثرة الانقاض وتراكمها في الشارع العام، وقال انه قد يشاهد تكرارآ ومرارآ، مواطنين الحارات يقومون باخراج جوالات النفايات ليلآ ليضعوها في الشارع الرئيسي. وكشفت الجولة عن وجودآ تراكم اخر علي قارعة زلط الحارة ال29 المؤدي الي دلالة حلايب والمصرف الموازي له حيث يوجد به نفايات منها المعبئ واخري تفترش الاض.
. حرق النفايات داخل الاحياء
وكلما اتجهت الجولة غربآ في حارات امدرمان وجدت تراكم النفايات بصورة أكبر، وتواجه كل من حارات غرب سوق ليبيا ذات المشاكل التي تعاني منها الحارات الاخريات إن لم تكن اكثر. في كلآ من الحارة (24-27-29-30-36-38) ويبدي المواطنين هناك إنزعاجهم من خطورة حرق النفايات داخل الاحياء، وقال المواطن/ عبدالرحمن عبدالسلام الذي يسكن بالحار30. اصبحنا نعاني علي الدوام من تكدس النفايات، واضاف ان الخطير في الامر هو ليس تراكمها فحسب بل هنالك عمال يتبعون للمحلية يقومون بحرق النفايات داخل الحارة 30 واستطرد اننا من اول الصباح الباكر نستيقظ علي تصاعد الدخان الناتج من حرق مختلف المخلفات، وابدي عبدالرحمن تخوفه من ان يتعرضو الي الاصابة بأمراض الجهاز التنفسي اذا ما استمر الحال. ويواصل الحديث في انهم بحاجة الي قدوم عربة النفايات التي غابت عنهم دون مقدمات. ويضيف بعد غياب عربة النفايات لم يوجد امامهم حل سوي ان يقوموا بوضعها علي الميدان العام واطراف الطرق.
وطالب عبدالرحمن بضرورة ايجاد الحلول العاجلة لقضية تراكم النفايات والعمل على ايقاف عمليات حرق النفايات داخل الحارة علي الفور وذلك حفاظا على صحتهم .
حلول ساكنه
وتابع المحرر ايضآ من بين الحلول التي اتخزتها المحلية لتسهيل جمع النفايات حيث عملت علي تخصيص براميل للنفايات وتوزيعها علي الاسواق وخارطة الطرق في القطاعات كافة ولكنها لم تحرك ساكن في تراكم النفايات. بجانب مسلك آخر اتبعته المحلية هو التوعيه بالملصقات التي ذهبت وستذهب في مهب الريح، ومن مضامين الملصقات التوعوية التي تخاطب مواطن الخرطوم منها ((حافظ علي نظافة مدينتك)) واخري ((معآ من اجل عاصمة حضرية خالية من الاوساخ)) وغيرها من التوعيات الاخري بمختلف مضامينها التوعوية لم تحد من تراكم النفايات.
تردي بيئي
وتمتمد ازمة النفايات الي نطاق اوسع لتصل الي الاسواق وتتواصل الجولة في ملجة الخضار بالسوق الشعبي امدرمان، ومن بين المشاهد التي استوقفت الجولة هو ان البعض من الخضار يباع فوق الانقاض، حيث أعرب تجار التقاهم المحرر وعبرو عن سخطهم من تراكم النفايات بالسوق، وقال: ادم ابكر تاجر خضار، ان المظهر العام للملجة غير صحي مبديآ سخطه من البيئة المتردية، معزيآ الامر نتاج لقصور عمل المحلية، التي اصبحت ديدنها التحصيل دون مردود خدمي بالقدر المطلوب علي حدي قوله، موجهآ رسالته الي المحلية في ان تبذل جهدها والعمل باخلاص في ان تولي اهتمامها بنظافة واصحاح بيئة السوق،
وفي الجزء الشمالي الشرقي للملجة لفت إنتباه الجولة مبني لعمارة تناطح مظلات رواكيبها، التي يفترش فيها الباعه الخضار إذ تتخذ منه المحلية مكاتب لها، من بينها مكتب الخضر والفاكهة. وللمفارقة فأن مبني المحلية نفسه وبطبيعة المكان المشيد فيه علي مرمي حجر من اماكن بيع اللحوم، وهو من اكثر الاماكن قذارة في ملجة السوق الشعبي امدرمان، حيث كثرة الذباب فضلآ عن وجود مخلفات الزبائح الملقاة علي الارض بجانب مخلفات اخري من الخضار وغيره.
تحصيل حاصل
وشكاوي تجار الملجة من شاكلة تراكم الانقاض اصبحت تعيد نفسها في كل عام. وبالعودة الي الوراء، كان المحرر قد قام بجولة ميدانية سابقة لذات ملجة الشعبي امدرمان في عام 2013م ورصد جملة من اخفاقات عمل مشروع النظافة والتي تقع علي عاتق التجار بالملجة يذكر منها تحصيل حاصل لايصالات مختلفه المبالغ والتي تتراوح مابين (30- 35- 36) الامر الذي لم يعجب التجار وقتها فيما وصفوها بالفوضي.
العمال يعانون
وعلي صعيد معاناة عمال النفايات وبما إن طبيعة عمل القوة العاملة بالنظافة، هم الاكثر عرضه للأمراض إلا انهم يشتكون من عدم اهتمام القائمين علي امر المشروع بهم إذ لم تبالي الجهات المسؤلة، في ان توفر لهم واقيآ من الميكروب وحتي القفازات “الجيونتي” وبجانب شكاوي أخري، رغم من ان عملهم القائم علي تقديم خدمة للمواطن إلا إنهم يعانون من ضعف الراتب الذي يتقاضوه بالاضافة إلي عدم توفير بطاقات علاجية لكل عامل وبالاشارة إلي هذه الاخفاقات السابقة الذكر مما دفع العمال يبحثون عن مصدر دخل آخر من ذات الانقاض ليقومو بتجميع المواد البلاستيكيه اثناء مباشرة عملهم وبيعها بغرض زياده دخلهم ولجبر نقص راتبهم الغير مجزي، ليسدو به من رمق متطلباتهم اليومية، يحدث ذلك وفي ظل تجاهل وقصور تام يعانون منه.
مربط فشل
وبالكاد، يبدو ان تراكم النفايات امرآ استعصي علي الجهات المسؤلة، وعجزت عن تقديم حلول جذرية شافية للحد من القضاء علي تراكمها، في الوقت الذي اصبحت فيه قضية تراكم النفايات امرا مزعجا لمواطنين الخرطوم, حيث لايستبعد الكثيرين من ان هذا التراكم قد ينتنج عنه افرازات كثيرة من بينها توالد الزباب- الباعوض… فضلا عن اضرار اخري قد تتنج من حرقها داخل داخل الاحياء وما تسفر عنه من ضرر بيئي فكان لزاما علينا ان نلتقي برئيس المجلس الاعلي للبيئة والترقية الحضرية والريفية لنستمع له ياتري ماذا قال:؟.
استراتيجية في مهب الريح
وقال اللواء/نمر رئيس المجلس الاعلي للبيئة والترقية الحضرية والريفية مبتدر لنا حديثه في ان الوالي سبق ان قام بعمل استراتيجية توكيل مهام وعمل من خلالها علي توزيع ادوار فيما يختص بنقل النفايات من الشوارع والاحياء, مبينا ان نقل النفايات من داخل الاحياء هو مسؤلية المحلية, اما النقل من المحطة الوسطية الي النهائية هو مسؤلية هيئة النظافة وبالتالي تصبح المسؤلية علي الراي العام المشكل ووجود النفايات في الشوارع هو مسؤلية المحليات.
واضاف لابد من ان تكون هنالك سلسلة متصلة مع بعضها البعض واردف ان قضية تراكم النفايات تتطلب عمل جماعي يبدأ من الهرم الاعلي ولتجنب تفادي تراكم النفايات يجب علي الوالي ان يقوم بتحديد مهام وفي حالة ظهور اي قصور لابد من يتم محاسبة الجهة التي اخفقت ويمكن اذا اتبعت تلك الخطوة ستسهم في الحل بنسبة 50% من اجمالي تراكم النفايات الموجود الان. موضحا ان ال 50% الاخري من اجمالي الحل تكمن في صيانة عربات النقل بجانب الاليات القديمة وقد يتطلب ذلك الي شراء آليات جديدة خفيفة/ثقيلة بما فيها اليات الردم, واوصي نمر بالاهتمام بالتدريب والتأهيل للعاملين علي رأسهم السائقين لابد من زيادة مرتباتهم وبجانب اجراء رقابة متصلة وبالاشارة الي تلك العوامل وبحسب مايراه نمر يمكن ان تتحسن البيئة ويتم القضاء علي تراكم النفايات بنسبة 90% واضاف بفضل الاهتمام بأمر النظافة, الآن تم نقل 60% من جملة النفايات ليصبح المتبقي نسبة 40% وهي النسبة التي يعاني منها المواطنين في مختلف الحارات, وتوقع نمر ان تصل نسبة النظافة في ولاية الخرطوم الي 70% في الايام القادمات, وكشف ان اليابان مدت قطاع النظافة باليات وهذا مما انعكس في زيادة تحسن النقل من 40- 60% وأوصي بضرورة ادخال القطاع السوداني والاجنبي في عمليات النظافة. وفي سياق متصل حيث اعرب نمر وعبر عن انزعاجه من حرق النفايات داخل الاحياء, وقال هذه واحده من المشاكل التي اصبحت تواجهنا واضاف اننا في المجلس الاعلي للبيئة قد قمنا بدورنا باتخاذ الاجراءت اللازمة ضد اصحاب الكمائن وذلك من خلال تقديمهم الي المحكمة البيئية وقطع حديثه ان هذا القانون جاري تطبيقه علي من يقومون بحرق النفايات داخل الاحياء ايضا.
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..