المعارضة والنقد الأمريكي..!

يبدو أن مبعوثي الإدارة الأمريكية إلى السودان قد تغيّرت نظرتهم إلى الحكومة السودانية كلياً، ذلك أنهم أضحوا يرسلون الإشارات الإيجابية ناحية الحكومة، ويتحدثون عنها بصورة لم تكن مألوفة حتى وقت قريب. بل إن بعضهم لا ينسى ? في غمرة حديثه ? أن يصب حارق النقد على التشكيلات السودانية المعارضة، المدنية منها والمسلحة، على نحو ما قال به المبعوث الأمريكي الأسبق للسودان البرتو فرنانديز، الذي دعا بلاده ? بحسب صحيفة المجهر السياسي – لتكثيف التعاون مع الحكومة السودانية، بمظان أن المؤتمر الوطني الحزب الحاكم حريص على التعاون.
الثابت أن حديث فرنانديز يُحاكي ما جرى على لسان دونالد بوث الذي ألقى ? في يناير الماضي – قولاً ثقيلاً على الحركات المسلحة، وتحديداً حينما قال: إنها تضع طموحاتها فوق مصلحة السودان. بل إن دونالد بوث استغرب ? يومها – من موقف الحركة الشعبية الرافض للمقترح الأمريكي، الداعي لنقل المساعدات الإنسانية إلى منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، بواسطة إدارة المعونة الأمريكية، على أن يكون ذلك عبر مطارات الخرطوم..!
ومصدر الاستغراب في أن رفض الحركة الشعبية للمقترح يُعرِّض ? بحسب بوث – حياة المدنيين بمناطق الصراع إلى الخطر. ولعل ذلك ما دعا المبعوث الأمريكي المنتهية فترته، لكي يُوصي الإدارة الأمريكية، بعدم الوثوق في الحركات المسلحة السودانية. وظني أن تلك الوصية التي مضى عليها الآن أكثر من أربعة شهور، أضحت بمثابة خارطة طريق لدى الإدارة الأمريكية، ذلك أنها تبدو الآن أقرب إلى الحكومة منها إلى التشكيلات المعارضة..!
المثير للاستغراب أن المعارضة لا تريد أن تعترف بأن الأرض تهتز من تحت أقدامها، كما أنها لا تود أن تتعامل وفقاً لتلك المتغيرات، وهو ما يعني أنها ستخسر بمثلما خسرت كثيراً، بسبب سوء تقديراتها، خاصة أن المحسوبين على المعارضة يتحدثون بلسان تجريفي، لا يسمح – مطلقاً – بمجرد الإشارة إلى أن رفع الحظر الأمريكي عن السودان يمكن أن يأتي خصماً على مشروعها الساعي للتغيير..!
قناعتي، أن مشكلة المعارضة في أنها لا تفهم – أو أنها لا تريد أن تفهم – أن رفع الحظر الأمريكي، ليس في صالحها، وأن مآلاته ليست كما تظن وتتمنى..!
فالناظر إلى مواقف الفاعلين في الأسرة الدولية، سيجد أنهم ناقمين على مواقف المعارضة، وسيتأكد من أن ذاك لم يكن وليداً لحادثة رفع العقوبات جزئياً، وإنما قبله بكثير، وتحديداً حينما نصح المبعوث الأمريكي الأسبق للسودان بريستون ليمان أحزاب المعارضة قبل شهور طويلة بالرهان على الحوار، والتخلي عن فكرة تغيير أو إسقاط النظام، وذلك بعدما رأى فيها تفرقاً وشتاتاً لا يقود إلى التغيير..!
وظني، أن لحظة المفاصلة غير المعلنة بين المعارضة والإدارة الامريكية، تمظهرت في الشروط التي وضعتها أمريكا لرفع الحظر كلياً عن السودان، فقد جاءت تلك الشروط خلواً من شرط الحريات والتحوّل الديمقراطي الذي كان مقدساً عند الإدارة الأمريكية في ماضيات السنوات، ما يعني أنها تخلّت عن أهم أهداف وأجندة المعارضة، وأنها أصبحت ? أي أمريكا – تتعامل بصورة براغماتية.
المثير للاستغراب أن المعارضة لا تزال تتوهم أن واشنطن تناصرها وتظاهرها..!
الصيحة
Not every thing America said is right and for the sake of the sudanese people. America has it own agenda