مذكرة علماء السودان للرئيس البشير بمنظور الشعب السودانى

مذكرة علماء السودان للرئيس البشير بمنظور الشعب السودانى

صالح الشفيع النيل
[email protected]

قدم عدد من العلماء ورجال الدين والدعاة ومشايخ الطرق الصوفية في السابع عشر من الشهر الجارى مذكرة لرئيس الجمهورية حول مرجعية حكم البلاد فى الفترة المقبلة عقب انفصال الجنوب والتى قالوا أنها ستكون القرآن والسنة . وتحدثت المذكرة في تعميم كبير عن ما أسمته تحقيق مقاصد الشريعة ، حفظ حقوق غير المسلمين ، توسيع فقه الدولة لتحقيق أمنيات الشعب السودانى ، تثبيت القيم الفاضلة فى الدستور ، انتهاج الشورى بين أهل الحل والعقد ، المحافظة على موارد البلاد ، أصلاح المظهر العام بالشارع السودانى ، معالجة التفكك الأسرى ، محاربة الفقر ، إعادة النشاط الأقتصادى الى أصوله الأسلامية ، تفليل الجبايات ، تصحيح الأستثمارفى التعليم مع التركيز على التعليم التقنى وألغاء المناهج الأجنبية وإعادة النظر في التعليم المختلط فى الجامعات . وانتقدوا انتشار الموسيقى والغناء فى القنوات والأذاعات داعين الى تبنى استراتيجية أعلامية تقوم على نشر الفضيلة . ورد عليهم الرئيس بكلام أكثر تعميماً من مذكرتهم حيث دعا الى توحيد الصفوف ووضوح الرؤى وان التحدى الذى يواجه المسلمين أكبر من أى خلاف بينهم ، ودعا الى دور أكبر للعلماء فى قيادة المجتمع . وأشار الى وجود مراجعات قى التعليم ….الخ الح
وحيث أن زيارة علماء السودان لرئيس الجمهورية أعطت المراقبين انطباعاً بأنها لا تعدو أن تكون زيارة مجاملة فى اطار العلاقات العامة ، وأن العلماء لم يصلوا بعد الى درجة القناعة بتوجيه النصح المكشوف للرئيس لعدة أسباب ، أو ربما لأن بعضهم يمثل جزءاً أصيلاً من هذا النظام ، فإنه قد يكون من المفيد إعادة صياغة ( paraphrase ) ما قاله وما لم يقله العلماء للرئيس بوضوح ، أو ما كان ينبغى عليهم أن يجهروا به أمامه بغرض المناصحة والمكاشفة الشرعية ، لا بغرض المجاملة الاَّ اذا كانوا قد ناصحوه سراًتحقيقاً لفقه السترة.
لماذا لم يقل العلماء للرئيس أن الناس فى السودان غير سعداء بحياتهم ، ويعبر صمتهم وصبرهم عن صرخة مكتومة مكبوتة تشير الى تفشى الفقر المدقع وغياب العدالة الأجتماعية وغياب الديموقراطية وسيادة القانون وانتشار القمع وغياب حرية التعبير وحرية الرأى وحرية التظاهر والتعرض للأعتقال والسجن بسبب الرأى ، وغياب خصوصية الفرد واستقلاليته …واضطهاد المواطن الذى لم ينتظم مع جماعة المؤتمر الوطنى الداعمة للنظام الحاكم ، مما يسبب له عداءاً شخصياً وظلماً مهنياً يتمثل فى طرده من وظيفته وتشريد أسرته . لماذا لم يحدثوه عن الخوف الذى يمنع المواطن العادى من التعبير عن الحقائق المرة التى تواجهه يومياً فى حياته بحيث يصبح الكشف عن هذه الحقائق لغماً أرضيأ ربما ينفجر فيه عزلاً وطرداً وإعفاءاً وتهميشاً . لماذا لم يخبروه أن الأنسان فى السودان يحيا ليعيش فقط كما الأنعام بسبب خيبات أمله المتكررة قى محترفى الأسلام السياسى الذين لم يوفروا له أدوات تحقيق أمانيه الدينية والدنيوية من حيث العيش الكريم وصون العزة والكرامة. لماذا لم يناقشوا معه ظاهرة الفساد والمحسوبية وغياب الضمير الدينى و الأخلاقى لدى المسئولين . لماذا لم يسألوه عن مصير مفوضية الفساد التى قرر انشاءها منذ ثلاثة شهور ولم تر النور حتى الآن ، بينما يستشرى الفساد كل يوم لعدم فعالية القوانين والآليات المستخدمة لمكافحتة مما أوصل البلاد الى حضيض الحياة السياسية والأجتماعية ، بل الى الدرك الأسفل من الأدران الأجتماعية ، وعدم حياء واستحياء واستكبار أكلة المال الحرام – مال الشعب – من الذين أمنوا العقوبة فأساءوا الأدب . لماذا لم يشرحوا له أن القمع الذى أتبع في مشكلة دارفور أدى الى قتل الأبرياء ودمر الثروة الوطنية وأفرز أحقاداً أثنية واجتماعية وجهوية من الصعب أن يتم تجاهل مآلاتها المستقبلية اذا لم تحل هذه المشكلة حلاً شاملاً يلبى أمانى كل أهل دارفور. لماذا لم يؤكدوا له أننا بحاجة الى تبنى استراتيجية جوار مرنة وتوأمة حقيقية مع دولة جنوب السودان المقبلة لمصلحة الشعبين الشقيقين .لماذا لم يوضحوا له أن وتيرة التدين الظاهرى أصبحت متسارعة فى البلاد وأصبح الناس متدينون جداً …نعم… ولكنهم أيضاً فاسدون جداً ومنافقون جداً . لماذا لم يخبروه عن تردى الخدمات العامة كندرة المياه وغلاء سلعة الكهرباء والأسعار بصفة عامة وتردى خدمات النظافة وانهيار الخدمات الصحية والتعليمية وهجرة الأطباء والمعلمين بسبب الأحتقار وسوء المعاملة مما أدى الى اصابة الناس بأمراض كانت منقرضة حتى وقت قريب ، مع تفشى الأمّية التعليمية إن جاز التعبير. لماذا لم يشرحوا له كارثة انتشار العطالة المزمنة وسط خريجى الجامعات ، والخيار والفقوس المتّبع فى تشغيل أولاد وبنات المؤتمر الوطنى وأولاد المحاسيب من المتنفذين وأصحاب الولاء ، مع إهمال أهل الخبرة والمعرفة ، وإبعاد أبناء الطبقة الفقيرة الذين هم في أشد الحاجة للعمل . لماذا لم يشيروا الى تردى الخدمة المدنية وانتشار ظاهرة الموظفين المتكبرين المرتشين ذوى الكفاءات المنخفضة كسارى الثلج وحارقى البخور الحريصين على صلاة الظهر فقط أمام مسؤوليهم . لماذا لم يخبروه بأن المواطن السودانى أصبح يحس بالذلة والمهانة والظلم في كل خطوة يخطوها قد تضعه فى مواجهة مع موظفى حكومة الأنقاذ سواء الديوانيون منهم أو الجباة والعسكر حملة العصى والسياط . لماذا لم يلفتوا نظره الى أن سياسة بلادنا الخارجية أصبحت غير معروفة وغير مدروسة وتستنبح علينا من آن لآخر دولة الصهاينة التى تضرب بلادنا بسبب هذه السياسات التى لا تعبر عن توجهات الشعب السودانى بأطيافه ولا تضع مصالحه ومصالح مواطنيه فوق كل اعتبار . أليس من المناصحة والقرآن والسنة أن يخبروه أن الجلوس الطويل على كرسى السلطة يعلّم الحاكم الميل الى الديكتاتورية و قمع المواطنين واقصاء الآخرين ورفض الشراكة والتداول السلمى للسلطة ، والتسربل بالقداسة وطلب الطاعة من الشعب دون أداء استحقاقاتها وأولها ( أطيعونى ما أطعت الله فيكم ) ، ألم يذكّروه بأن لنا لعبرة فى الحكام العرب الذين لفظتهم شعوبهم بعد عقود من القمع والفساد وما آل اليه حالهم المثير للشفقة. ألم يخبروه بأنه المسئول الأول عما يجرى فى هذه البلاد من تجاوزات ولم يفعل أى شىء بشأنها حتى وصل الشعب الى قناعة تامة بأن إصلاح الحال أصبح من المحال فى ظل تعنت الحزب الحاكم والأصرار على تمسكه بالسلطة منفرداً ولو على جماجم البشر…..الح الخ
ونختم كما بدأنا أن الزيارة بالشكل الذى تمت به والمذكرة المعممة بالشكل الذى كتبت به ، إنما تصب في كل الأغراض التى يعلمها الله سبحانه وتعالى ، إلا الجدية فى إسداء النصح وتوقع قبوله والعمل به.

تعليق واحد

  1. بسم الله قال الله تعالى ومن نعمره ننكسه في الخلق افلا ىعقلون سنة الله معظم المعمرين من الحكام حولنا كنسهم شعوبهم او في الطريق ولم تعظهم الاحوال الم يعلموا ان امر الله كلمح بالبصر …

  2. صدقت و الله يا أستاذ صالح : (لماذا لم يوضحوا له أن وتيرة التدين الظاهرى أصبحت متسارعة فى البلاد وأصبح الناس متدينون جداً …نعم… ولكنهم أيضاً فاسدون جداً ومنافقون جداً ……)

  3. قالوا للرئيس البلد دي صارت مليئة بالموسيقى في الشوارع في الاذاعات في التلفزيونات – طيب ياجماعة الخير الزول دا ممكن يدخل موسوعة غينس للارقام القياسية بأنه الرئيس الراقص أو اكثر رئيس رقاص والعالم دا كلوا شايفوا ونحن في الغربة الاجناس التانية بيسألونا الزول دا بعد كل خطاب يرقص ليه – ياجماعه في واحد يمشي لرقاص ويقول ليه امنع الموسيقى والغنا دا كلام عجيب تعيش كثير تشوف العجب

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..