الاختلال

قبل فترة كان معتمد الخرطوم السابق يُحدثنا عن شخص واحد حصل على أكثر من (1000) دكان بميدان جاكسون? وقد قلتُ من قبل إن مثل هذه الأمور تحدث منذ وقت بعيد حتى كادت تصبح عادية لا تثير دهشة أحد ولا يتوقف عندها أحد، على المستوى السكني والتجاري لأن الفلسفة التي يقوم عليها الوضع الآن هي (القدرة المادية)، فطالما هناك شخص قادر و (إيدو لاحقة) يستطيع أن يشتري بماله وعلاقاته ونفوذه كل شيء حتى (البشر) مثلما يشتري الولاء فلا داعي لمراعاة حقوق الضعفاء، ولأن المعايير قائمة على (المقدرة المالية) وليس العدالة الاجتماعية، فالإمكانات المادية الآن هي التي تُسيطر على عقول المؤسسات وأجهزة الدولة وتفعل كل شيء.
انظروا من حولكم إلى مجالات التعليم والصحة وكل الخدمات حتى الحج إلى بيت الله، أصبح هناك حج للأغنياء يسهر القائمون على أمره على راحة الحاج ذي الإمكانات المادية المستعد للدفع، فتوفّر كل الخدمات وسبل الراحة، وهناك حج للعامة من سوء خدماته يرغم فيه الحاج على اختيار الحج خمس نجوم وهو مُكره لسوء الخدمات، مثل التعليم الحكومي تماماً الذي زهد فيه الناس قبل المدارس النموذجية، فالمدارس الحكومية غير النموذجية لا يرتادها الآن إلا أبناء الفقراء والمعدمين والمسحوقين، مثل المستشفيات الحكومية التي لا ينقل إليها إلا المغلوبون على أمرهم، يحدث كل ذلك لأن ثقافة الناس أصبحت قائمة على التعليم الخاص والعلاج في المستشفيات الخاصة، والحج (الخاص) الأمر الذي أصبح نوعاً من المباهاة والسفه الاجتماعي، وهي أمور شجعتها سياسات الحكومة القائمة على قاعدة من يدفع أكثر هو الذي يستحق الخدمة الأفضل والراقية، ومن يدفع أكثر هو الذي يحصل على حقوقه وحقوق الآخرين.
ويحدث ذلك لأن هناك اختلالاً كبيراً حدث الآن في مفاهيم الحقوق والواجبات وتلقي خدمات الدولة، وفي معايير العدالة الاجتماعية وموازين العدل والمساواة بين المواطنين.
أعرف عشرات الناس الذين حصلوا على قطع الأراضي السكنية والتجارية بصورة فيها كثير من الالتواء والتزوير والتدليس، فلماذا لا تكون هناك معايير ترسخ لمبادئ العدالة الاجتماعية وتحقق هذه المقاصد والغايات، ولماذا لا تتم مراجعة مثل هذه الأوضاع المختلة التي ذكرها المعتمد، وينتزع ما أخذه ذوو الإمكانات المادية بغير حق، وعلى حساب حقوق الآخرين، ولتكن المرجعية في ذلك ما فعله الخليفة عمر بن الخطاب مع إبل ابنه عبد الله لشبهة (الاستغلال)، ورغم أن الشبهة في قضية نجل ابن الخطاب كانت ضعيفة للغاية، لكن الخليفة عمر أخذ بها مُجتهداً في تطبيق العدالة الاجتماعية على أكمل وجه? اللهم هذا قسمي فيما أملك.
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين.

الانتباهة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..