في تذكر الطيب صالح ووضع آخر كلماته سياقها الصحيح

د. الفاتح إبراهيم / واشنطن
شهدت الخرطوم وقائع احتفال فعاليات جائزة الطيب صالح العالمية للإبداع الكتابي حيث تم اعلان الفائزين بالجائزة .. غير اني هنا ساتعرض في هذه المناسبة فقط الى مادة مصورة لمقابلة قام بأجرائها الصحفي المعروف خالد الاعيسر مع المرحوم الطيب صالح قبل رحيله بوقت قصير ..
وتحدث فيها المرحوم الطيب صالح باقتضاب عن لقائه بالبشير .. كالعادة كثرت التعليقات والتأويلات والتكهنات عن ما قاله .. غير اني هنا أدلو بدلوي لا مهاجما ولا مدافعا وانما أحاول أن أوضح لأضع الأمور في نصابها وسياقها الصحيح ..
وأنا أتناول هذا الموضوع يسعفني مخزون وافر من المعلومات وما جمعني بالمرحوم من أواصر متنوعة تؤهلني ان انظر الى أشياء ومواقف كثيرة من زاويا قد لا تتاح للكثيرين فرصة النظر من خلالها ..
بعيدا عن ابداعه الادبي وملكاته الإبداعية التي عبرت القارات الخمس او كما وصف شاعره الاثير المتنبي عن قوة انتشار الشعر الذي يقوله: “قَوافٍ إِذا سِرنَ عَن مِقوَلي وَثَبنَ الجِبالَ وَخُضنَ البِحارا ..
أول ما يخطر بالبال من صفات الطيب صالح أنه طيب وصالح وكما قالت العرب “لكل امرئ من اسمه نصيب” .. فهو لا يبادر بالعداوة وسوء الظن ويرى في الناس الجوانب الايجابية الطيبة – لا سذاجة – وانما تسامحا وتفهما لجوانب الضعف في النفس الإنسانية اذا ما بدر منها غير ذلك .. وعُرف أيضا بارتباطه بالأهل و”دفء العشيرة” كما عُرف بالتواضع وحب الوطن وحتى رحيله لم يحمل وينتمي إلا إلى الجواز السوداني ..
اما ما قاله في المقابلة إياها فإن هذا ما أبداه له البشير وبسماحته وصدقيته المتأصلة متوقع منه أن يأخذ هذا الجانب الإيجابي الذي ظهر له ولا ترى طبيعته ان يتجاوز ذلك فيلجأ الى تفسيرات أخرى وتفتيش في الضمائر .. وهو يفعل ذلك لعل هذا الظن الإيجابي يسري الى الطرف الآخر فيحدث شيئا من الإصلاح والعمل الصالح .. ويحضرني هنا ما يروى عن الامام علي ان مسافرا قدم من بلد بعيد لزيارة احد الأشخاص وسأل الامام على عن كيف يصل اليه واصفا الشخص الذي يبحث عنه بفضائل كثيرة ونعوت حسنة ..
ووصف له الامام الطريق المؤدي الى دار الشخص المزار .. وعندما ذهب المسافر قال سيدنا الحسن وكان شاهدا للموقف موجها كلامه الى والده لماذا يا أبي لم تذكر شيئا عن ذلك الشخص وانت تعرف انه ليس بتلك الصفات وأنه بعيد كل البعد عن تلك الفضائل؟ فقال الامام علي بحكمته ونظرته العميقة المعروفة قال: أنا أعرف ذلك يا بني ولكن تأملت أن حسن ظن الزائر قد يسري الى الشخص المُزار ليفعِّل طاقة الخير حوله فيحدث شيء من العمل الصالح ..
والمرحوم الطيب يتصرف كذلك خاصة مع الذين وضعتهم الاقدار في وضع المسؤولية عن مصالح العباد ..
ويحضرني هنا تعبير يقوله عن لماذا يتصرف هكذا وقد تكرر فعله ذلك وتصرفه مع المسؤولين العرب وامراء الخليج حين كان ممثلا لليونسكو في مشروع محاربة الامية في الوطن العربي مع أنه يفعل ذلك دائما ولا يرتجي منفعة شخصية له كان يقول: إن القصد هو”توريطهم في عمل الخير” مادامت الاقدار وضعت في يدهم المال وصنع القرار ..
هذا دفاع ساذج عن الطيب صالح ، رحمه الله .
لم يدافع به الطيب صالح عن نفسه أساساً .
صدقت هذا دفاع ساذج و غبي و بليد و لا تسعف فيه علاقة مهما طالت مع الطيب صالح كاتب المقال و الله غالب.
اوافقك تماما واللقاء الصحفي اصلا كان مدفوع الاجر لنفي مقالة الطيب التي سرت بها الركبان “من اين أتى هؤلاء”
تحياتي أخ الفاتح :
ماقدمه الطيب صالح للسودان و للعالم هو رواياته و مقالاته التي تضعه في مقدمة الكتاب العالميين .
نحن السودانيون علينا أن نحكم علي الطيب صالح بموجب إنتاجه الإبداعي الفذ الذي عَرَف العالم بالسودان, لابموجب كلام تم إنتزاعه منه إنتزاعا في لحظة مرض و ضعف و تقدم في السن . ففي تلك اللحظات يري المرهفون من البشر روح الله (و نفخت فيه من روحي) في كل إنسان مهما كان سيئا !
اخ حسين أصبت عين الحقيقة .. لك التحايا ..
شكرا على التعليق الذي يعكس عمقا في الرؤية مما يدفعني الى كتابة المقال الثاني الذى سيتناول اسبابا اخرى كان في النية أن يكون ذلك في المقال الأول .. غير أني رايت أن يكون هذا المقال بمثابة تقدمة لمقال ثان إن شاء الله تعالى ..
حسين اسعفك بما يروق لك. تبريره اذكى من تبريرك لاستعانته بالميتافيزيقيا.