دموع للوطن

دموع للوطن

المعروف أن الحزن هو النقيض المباشر للفرح بل هو الدافع الرئيسى للإنخراط فى موجة العويل والبكاء، وقد تذرف الدموع أحياناً فرحاً وإبتهاجاً بخبر سعيد وغير منتظر، وحول الفرح والحزن، يبقى السؤال هل سيأتى علينا يوماً ونبكى فيه فرحاً كما يفعل الجميع ؟ أليس نحن الذين ظللنا ولعقود من الزمان ملتزمون بكل إتزان ودقة فى الحفاظ على ثوب الحزن وتطبيق معايير البكاء كما يجب؟ لقد عرفنا من غيرنا بأن البكاء فرحاً هو نتيجة لتفاعل حسي وعضوى يجسد ردود الأفعال فى إطار تفاعل الفرد مع من حوله من أحداث فجائية ومفرحة،
نعم ان هذا صحيح ومن منا يقدر على نكران تلكم الدموع التى ذرفت فى مشهد وطنى ومؤثر من مشجعي ومشجعات المنتخبات المشاركة فى مونديال روسيا الذى يتابعه الملايين، أكاد أجزم بأنه وقتها لقد توقف قلب كل مشاهد سوداني بالتحديد وتسمرت عيناه كثيرا أمام صورة الدموع التى أنهمرت وسالت على الخدود، لتروى للعالم عن صدق مشاعر وطنية وقوة إنتماء حقيقية تنم عن أصالة الحب حينما يقترن بالوطن والتراب، هذة الدموع التى نطقت جميعها بلغة واحدة نفهمها جيدا نحن السودانين، لغة طالما تعلقنا بأحرفها منذ الخليل تعنى فى معانيها فى جل معانيها قدسية الإنتماء والمواطنة والوطن، ذاك الوطن البنحلم بيهو يوماتى، نعم لقد بكت الكثير من الشعوب وذرفت الدموع وهى تدعم منتخباتها سواء ان كان بالنصر او بالخسارة ليس طمعا منهم فى الحصول على كاس العالم وحسب، بل وإنما لتكتب بدموعها على شاشات القنوات الناقلة فى كل بيت وحارة، عنوان كبير يفوق كل العناوين مفاده ” تفداك الروح يا وطني”،نعم إنها دموع الحدث وردة الفعل، ولكنها يا سادة، لم ولن تكن فى يوم من الأيام أغلى من تلكم الدموع التى ظللنا نذرفها فى كل يوم وليله طوال الثلاث عقود الماضية، فى وطن لم يخسر أو يكسب فى منافسات رياضية أو فى منتديات شعرية، بل دموع ساخنة تكاد تحرق وجوه ذارفيها فى وطن يودع فيه الأمهات والأباء والأخوان والأخوات، فى كل ساعة وحين أغلى ما جاد به الله عليهم من فلذات أكبادهم من الأبناء والبنات فى مشهد متكرر تتفلت فيه الأيادى مودعة، وهم يغادرون مرقد نعيمهم ومهد طفولتهم نحو المجهول، ليس كرها منهم للسودان العزيز ولا لأهله الطيبين، وأنما هربا من جلاد ظل جاثم على رؤوسهم لثلاث عقود متتالية أغوته همزات الدنيا ومكرها، فتفنن فى تعذيب أهلة، متسلحاً فى ذلك بليل الظلم والطغيان، بل آمن بأن الملك له وحده وسوف لن يكون لغيره، فداس بقدميه كل زهر جميل زرعه السابقون الأفذاذ، وتدنست فى محراب سلطانه ألوان راية رباعية الألوان صاغتها دماء شهداء لا زالت أصواتهم ندية يردد صداها ذاك الوعد السماوى الخالد، حنبنيهو البنحلم بيهو يوماتى، وطن شامخ وطن عاتى وطن خيّر ديمقراطى، وطن مالك زمام أمرو ومتوهج لهب جمرو، . وطن حدّادى مدّادى .. ما بنبنيهو فرّادى ولا بالضجه فى الرادى .. ولا الخطب الحماسيّه .. وطن بالفيهو نتساوى نحلم .. نقرا .. نتداوى مساكن .. كهربا .. تخلي الدنيا مبهوره إراده وحده شعبيّه،
نعم لثلاث عقود جوفاء ظللنا نذرف الدموع طوعاً أو كرهاً، دموعاً وأحزان مترامية فى كل بيت وفى كل ركن، لا لضعف فينا وإنما إكراها وطواعية تحت ظلم وإستبداد وتسلط يد القدر فوق رؤوسنا، يد القدر التى كبلت بأفعالها يد الأمن وأطلقت دونه غول الخوف ليسكن فى دواخلنا ضيفاً ثقيلاً لأعوام تلتهاأعوام، يد القدر التى قطعت عنا يد العون و منعت عنا الماعون وأبدلت مكانه الجوع سيداً وألبسته جلباب الحاكم المتسلط، ليبقى الخبز والماء هو أكبر حلم يراود سكان كل بيت وحارة، يد القدر التى حملت فى جرابها كل مفاتيح الكذب والرياء، وتجلت فى غثاء الكلام الزائف، زاعمين لا لدنيا قد عملنا نحن للدين فداء، بل تعدوا ذلك وصارت فى عهدهم شعارات التكبير والتهليل أحرف جوفاء، شعارات التكبير والتهليل التى كم سطرت بطهارتها وقدسيتها أعلى المعانى فى بدر، وفى أحد، وفى حنين، أصبحت هذة الشعارات فى زمنهم هتافات رمزية لا علاقة لها بها بطهر الإيمان يرددونها متى وكيف ما أردوا بكل غوغائية، لتصبح بضاعة رخيصة يتاجرون بها فى سوق الربح الرخيص فأضلوا بها قلوباً برئية مشرئبة بروح التقى والإيمان، فشتان مابين دموع ذرفت من أجل وطن فى محفل دولى، وعويل بيوت تسبقه دموع أسى وحزن، ولكن دوماً سيبقى السؤال، مثلنا مثل بقية الشعوب المقهورة فى العالم، أليس من حقنا بأن نتسائل لماذا يجد غيرنا السبيل لضالته المفقودة فى قاموس “التغير والإصلاح ” دون أن نرزق نحن ولو بحرف واحد من هاتين الكلمتين ؟ وإلى متى سيظل الصمت والسكوت عن الممنوع لغة الحوار المعقودة بيننا ؟ هل ياترى نحن المخاطبين بالمغضوب عليهم أم نحن الضالين ؟، أليس نحن من قلنا بلادي انا بلاد ناسا في اول شي مواريثم كتاب الله، بلادي بلاد من التاريخ، بلادي امان بلادي حنان وناسا حُنان، يكفكفوا دمعة المفجوع، يخوضو النار في حال فد دمعة، كيف الحالة لو شافوها سايلة دموع، أكاد أجزم وفى ظل هذا الوضع الراهن، سوف لن نحلم أو نتوقع يوما بأن تتحقق أمانينا حضوراً لتشجيع المنتخب السوداني وكغيرنا من الشعوب الأخرى نذرف الدمع بروح الوطن والتراب ليرانا كل العالم كالآخرين، لا لن يكون ذلك قريباً لا فى مونديال روسيا أو فى قطر أو فى أمريكا وكند والمكسيك، ولكن كغيرى ممن لفظتهم ريح صرصر المستعرة فى السودان، لدى إيمان قاطع بأنه سيأتى ذاك اليوم الموعود قريباً، والذى فيه حتماً سأعود كغيرى مثل الآخرين وسنعود، سأعود لأفتش فيه كغيرى طفولتى وملامح صباى، لماذا ؟ لأنك صحى بتملا عينى..وتشّرف غناى، أقول له وإلى ذاك الوطن العزيز، دوما وأبداً فى حضرة جلالك.. يطيب لنا الجلوس لأنك..محنك و عميق الدروس، ولأنك ملاذ وناسك عزاز، وبنحبك حقيقة وبنحبك مجاز .،،،، ولكم الرأى

عبد الباقى الطيب محمد الحسن
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..