اهمال الجيش اكبر المهددات للامن الوطني السوداني

تعتبر فترة حكم الانقاذ اطول فترة في تاريخ السودان السياسي بعد الاستقلال . عندما جاء هذا النظام كنا نسمع شعارات الله غايتنا والرسول قدوتنا والجهاد سبيلنا ولم تمضي ايام قلائل حتي اتضح الامر فكل الهدف كان التستر علي ظلم الناس والتجارة باسم الدين والنفاق .
انعم الله عز وجل بنعم لا تحصي ولا تعد علي اهل السودان ومن اعظمها ان يظل هذا الوطن رغم المحن والنكبات والكوارث المستمرة في هذا العهد ان يظل في حالة افضل بكثير ممالحق ببعض الدول العربية , في ليبيا والعراق وسوريا ومصر وتونس وان كانتا افضل حالة .
الحالة السودانية بمعطيات الواقع كان يظن ان تكون الاسوأ لما لحق بالمجتمع السوداني من امراض مستعصية سياسية وقبلية ومحاباة وتهميش وظلم وفوضي .
ان سياسة التمكين في بواكير عمر انقلاب الجبهة الاسلامية خربت كل مؤسسات الدولة فقد كانت كوادر الجبهة الاسلامية وضعت خطة معدة سلفا ظنت ان بالجيش اعداد غفيرة من الشيوعيين والبعثيين والكفرة اعداء الدين كانت كشوفات الاحالة جاهزة كان ضباط الجبهة يدخلون القيادة فجرا ويخرجون منها في اوقات متأخرة من الليل ؛ لقد قسموا الجيش الي دار حرب ودار اسلام والي مسلمين وخارجين عن الملة وهكذا مضت الايام الي ان افرغت سياسة التمكين الرعناء القوات المسلحة من الشرفاء والاكارم والمهنيين الذين لبسوا البزة العسكرية لاجل حماية الوطن والولاء لشرف المهنة والارض والدستور لا لاي حزب سياسي .
القت تلك السياسة بالاف الضباط في قارعة الطريق حتي يخلوا للاسلاميين امر الجيش ليعبثوا بمقدراته وفكره وتاريخه وحل مكان الشرفاء الالاف من كوادر الجبهة الاسلامية والغريب انهم لم يكتفوا بهذا الخراب الممنهج القائم علي تسييس الجيش ولكنهم قاموا ايضا بتكوين مليشيات الدفاع الشعبي والدبابين والسائحين خصما علي القوات المسلحة ودورها الطليعي ولما فشلت الملشيات العقدية لجاوا الي تكوين الملشيات القبلية فكانت قوات الجنجويد الذين عاثوا في الارض فسادا ظلما ونهبا .
وبعد اكثر من خمسة وعشرين عاما يتحدث هؤلاء عن قومية القوات المسلحة وما ندري اي قومية يعنون ! القوات المسلحة اليوم تعيش حالة تململ وغضب واحتقان وقابلة للانفجار في اي وقت واسباب هذا الغضب موضوعية جدا فهاهو الرئيس البشير يستمر في كذبه المستمر عن زيادة راتب الجندي السوداني دونما اي وفاء او عهد علما بأن الجندي السوداني يعيش فقرا طاحنا . وهاهي كوادر الجبهة العسكرية تحتكر الهيئة الاقتصادية لجيوب عناصرها حوافزا ومخصصات فبنوا العمارات الشواهق من عرق ودم فرد القوات المسلحة,
هناك خلل كبير في نظام الترقيات والهيكل الهرمي والنظام الدقيق الذي جعل النظام والدقة والمهنية صفات ملازمة للعسكرية السودانية حتي دخل التسييس وجاءت عنصرية الدفع وتولي اصحاب الولاء القيادة علي حساب الكفاءة .
ان المنظمات الكاذبة تأكل اموال الجيش في بطونها وتزعم دعمه وتتاجر باسمه ان مشاريع ما يسمي بالزواج الجماعي والدعم السلعي وغيرها من الشعارات انما هي كلمات حق اريد بها باطلا ان الجنجويد اليوم يتمتعون باضعاف اضعاف ما يصرف علي الجيش والخطر القادم ليس استيلاء الجنجويد علي السلطة ولكنه تمرد الجيش بسبب الظلم والتهميش .
ان الحركة الاسلامية يهمها البقاء في السلطة باي ثمن ولا تريد جيشا نظاميا مهنيا يحمي الوطن والدستور والشعب .
علي القيادة ان تدرك ان المعركة القادمة سيكون مسرحها دول الجوار وليس جنوب كردفان ولا النيل الازرق ولا دارفور ان اهمال القوات المسلحة وفردها يعتبر اكبر مهدد للامن الوطني السوداني فهل تعي القيادة الدرس وتعود الي رشدها وتجعل المهنة جاذبة بعيدا عن السياسة ,
ان التحدي الاكبر هو وقف حالات الهروب المخيفة من الجيش والعزوف عن التجنيد الذي وصل مرحلة غير مسبوقة في تاريخ السودان انه من العار ان نترك القوات المسلحة لعبث الساسة وشذاذ الافاق .
كمال ابوعنجة كاتب صحفي مقيم خارج السودان

[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..