مقالات سياسية

إعداد مجرمين

لاشك أن انتشار الإجرام في أية دولة له علاقة مباشرة بسياساتها الاقتصادية والاجتماعية فكلما اهتمت بمعالجة المشاكل التي تشقي المواطن مثل فقدان الحياة الكريمة والاستقرار و الأمن و التقدير، انعكس الأمر عليه إيجابا ويصبح في مقدورها أن تبني مواطنا صالحا ودولة أمنة ومستقرة ، فالمواطن يتعرض للانجراف في الجرائم إذا حاصره الفقر والعوز و الإهمال ، وأينما وجد الفقر وجدت الجريمة ولذلك سيدنا محمد (ص) بعدما نزلت عليه الرسالة اهتم أولا ببناء المجتمع واستقراره ، هذا النهج اتبعته كل الحكومات التي أرادت لدولها وشعوبها ان تعيش في استقرار ، تلك الدول نجحت لأنها حظيت بحكومات رشيدة .

هذه الأيام اصبحنا نطالع في الصحف كل يوم أخبارا كثيفة عن الإجرام الذي انتشر في السودان بصورة مفزعة ، يتكاثر بسرعة وكأن النيل يرويه ، مع أنه قبل ربع قرن من الزمان كان مختلفا تماما ،وليس هناك سبب يمكن أن نعزي إليه هذه المصيبة ، غير سياسات الحكومة وفسادها، فأغلب المجرمين هم ضحية للظروف التى يعيشها السودان اليوم، وأغلبهم أن لم يكن جميعهم شبابا ولدوا في عهد الإنقاذ أو وجدتهم أطفالا ونشأوا في ظلها، وكلهم دافعهم الوحيد الحصول على المال فقط ، ويلاحظ أنهم يبذلون جهودا جبارة ويقدمون كل ما يملكون من مواهب ومقدرات وأفكار وإتقان منقطع النظير فى جرائمهم خاصة التزوير أو تقليد إنتاج السلع عشوائيا من أجل تجويد المنتج حتى يبدو كالأصلي ، مما يعني انهم أصحاب إمكانات ومقدرات ومواهب ولكنهم وجدوا الطرق الرسمية إلى العمل والإنتاج مغلقة أمامهم فانحرفوا إلى الأخر..باختصار سياسة الحكومة هي تعمل إعداد وتخريج المجرمين للمجتمع .

السؤال الذي يطرح نفسه كيف كان سيكون الوضع وحال هؤلاء الشباب ان كانت الدولة قد فتحت كل المجالات الاقتصادية وطورتها ليجد كل شاب أمامه فرصة العمل التي يتمناها في المجال الذي يناسبه وتمكنه من الحصول على وضع اقتصادي مريح يضمن له تحقيق رغباته وتطلعاته حتى ولو في أدنى مستوى، لا أعتقد أنه كان سيفكر في ارتكاب جريمة تزوير أو إنشاء مصنع غير مطابق للمواصفات ولكانوا الآن رواد أعمال يعتز بهم السودان.

لا أعتقد أن هناك شابا من كل هؤلاء تمنى في حياته أن يكون مجرما ، ولا شك أنه حلم وهو في المدرسة انه عندما يكبر سيصبح طبيبا أو مهندسا أو ضابطا أو طيارا أو رجل أعمال ناجح أوغيرها من أمنيات تمناها كل شخص في طفولته ،ولكن غياب الدور الحقيقي للحكومة وانشغالها بسفاسف الأمور ، فالشباب (هملوا ) فأصبحوا يزوّرون و يتاجرون في الممنوعات ويكتشفون طرقا غير أمنة لتصنيع المنتجات وغيرها الكثير ، مع أنهم كانوا قبل سنوات مشاريع علماء ورجال أعمال وأطباء ومهندسين وطيارين ولكن ضيعتهم الحكومة.

خلاصة القول أن الحكومة هي المجرم الحقيقي والجرائم الحقيقية ليست تلك التي ارتكبها هؤلاء الشباب في الدولة وإنما التى ارتكبتها الدولة في حقهم وتأتي أخيرا لتحاكمهم بدم بارد ليقضوا بقية شبابهم بين جدران السجون وقد تركوا خلفهم ما تركوا من مآسٍ ومشاكل وشباب آخرون ماضون في نفس الطريق.

التيار

تعليق واحد

  1. دا كلو كوم – وحكاية الاجانب العملو مصانع أدوية مغشوشة – وتصنيع الاف الاطنان من حبوب الخرشة والهلوسة والمخدرات بشتى انواعهاكوم – اكتر بلد فوضى في العالم.

  2. اين الصناعة التى كانت تستوعب اكثر من 20 فى المية و اين الزراعة الت كانت تستوعب 30 فى المية و اين و اين الان بقينا نفكر فى رفاهية النخبة على تعاسة الشعب الفضل

  3. دا كلو كوم – وحكاية الاجانب العملو مصانع أدوية مغشوشة – وتصنيع الاف الاطنان من حبوب الخرشة والهلوسة والمخدرات بشتى انواعهاكوم – اكتر بلد فوضى في العالم.

  4. اين الصناعة التى كانت تستوعب اكثر من 20 فى المية و اين الزراعة الت كانت تستوعب 30 فى المية و اين و اين الان بقينا نفكر فى رفاهية النخبة على تعاسة الشعب الفضل

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..