مقالات سياسية

وراء الطبيعة .. أو فوق القانون ..!

« الطبيعة سيدة المواهب، والعبقرية سيدة الطبيعة? .. جاي هولاند ..!
(1)
الإمام الهادي المهدي الذي تم اغتياله في منطقة الحدود بالقرب من مدينة الكرمك، مطلع سبعينيات القرن الماضي، لم يعترف النظام العسكري ? آنذاك ? بقتله، ولم يعرف مكان دفنه قبل النصف الثاني من الثمانينيات حيث أكدت تقارير طب الأسنان العدلي تطابق أسنان رفاته مع صور أسنانه المحفوظة في ملفات طبيبه المعالج، وبناء على ذلك تم نقل رفاته في موكب مهيب إلى قبة الإمام المهدي بأم درمان.. والزعيم النازي أدولف هتلر الذي كان البعض يشككون في رواية انتحاره، تم حسم أمر وفاته من خلال اختبارات الحمض النووي على أسنانه أيضاً.. وكذلك كانت الحال مع جثتي راجيف غاندي، رئيس وزراء الهند الأسبق، ومحمد ضياء الحق، رئيس باكستان الأسبق، الذين تناثرت أشلاء كل منهما إثر انفجار قنبلة.. أسنان الجثث لا تفنى، و»طب الأسنان العدلي» علم يستثمر ذلك البقاء ويستخرج من تلك البقايا أدلة حاسمة ضد الفناء ..فيكشف غموض الجرائم ويعرف بهوية الجثث في حال الكوارث والحروب، ويشد من أزر علم الآثار بتحديد عمر وهوية رفاة ومومياءات الحضارات البائدة.. وعن طريق تقارير طب الأسنان العدلي يتم إثبات أو نفي هوية المفقودين، ويتم الفصل في قضايا الميراث ومصائر الزيجات، ويتم حفظ الحقوق القانونية للأحياء، ويتم حفظ كرامة الميت الذي يتمكن ذووه من دفن جثته أو رفاته على النحو الذي يليق بعقيدته الدينية .. فضلاً عن الكشف عن هوية المعتدين في حوادث الإغتصاب التي يحل غموضها تقرير بشأن «عضة» نتجت عن مقاومة الضحية فكانت سبباً في اكتشاف القاتل .. لا حدود لإمكانات العقل البشري .. ولكن هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ..؟!
(2)
دراسة مختصة بعلم الوراثة نشرت مؤخراً، تومئ نتائجها إلى أن الحب من أول نظرة (شأنه شأن نظرة الرجل إلى المرأة) مسألة وراثية تجعل بعض الرجال أكثر عرضة للوقوع في فخ الانطباع الأول .. الدراسة تقول إن ثمة جينات تحدد اختيار الذكور والإناث للطرف الآخر وتتحكم بالأساليب التناسلية بينهم في المستقبل، وتستدل على ذلك بتجارب أجريت على ذباب الفاكهة الشبيه في صفاته الوراثية بالبشر .. إناث ذباب الفاكهة تنتج قبل التزاوج «دهانا وراثيا» يجعلها أكثر انجذابا لنوع معين من الذكور، ويتحكم بقرار التزاوج، وذلك الدهان الوراثي هو معادل كيمياء النظرة الأولى عند البشر ..!
(3)
بعض العلماء المسلمين الذين يتخذون مواقفاً نظريةً متحذلقة من بعض الظواهر التي يرد ذكرها في القرآن أو السنة، ربما يفعلون لأنهم يشترطون أن تدلف تلك الحقائق إلى عقولهم من باب الحسابات المادية المجافية للتفاسير الروحانية، وإن لم تنجح نظرياتهم العلمية في تفسير ظاهرة بعينها تفسيراً دقيقاً، فإنهم ينزلونها من مرتبة علياء إلى درك الخرافة! .. ذلك النزوع المتطرف نحو المادية – والذي يصر العالم المسلم على التشبث به! – نهج مستورد من حضارات وملل أخرى، قد يحدث أن يجتهد بعض المنتمين إليها في حشد النظريات العلمية لإثبات صحة بعض الحقائق التي تدخل في قبيل(الماورائيات) والتي ورد ذكرها في القرآن أو السنة! .. لا توجد نظرية علمية معتد بها ومعوَّل عليها تستطيع أن تفسر حقائق دينية كالعين والسحر والمس، أو تستطيع أن تُمنطق الكيفية التي تعمل بها الآيات القرآنية على تحقيق الشفاء التام من تلك الابتلاءات، أو الآلية التي تعمل بها نفس الآيات كدرع أو حصن يقي المسلم شرور بعض الإبتلاءات، ولكننا جميعاً نؤمن بالتداوي بالقرآن، وكذلك يفعل كثير من العلماء الملحدين ..!

اخر لحظة

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..