أخبار السودان

البرهان يقدم نفسه كحليف للغرب وخصم لروسيا بالتقرّب إلى أوكرانيا

يعتقد قائد الجيش السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان أن اللقاء الذي عقده مع رئيس أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي السبت، في ظل أنباء عن دعم عسكري أوكراني للجيش السوداني، يكفي لتعزيز فكرة أن فاغنر تدعم خصمه قائد الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وأنه مع الغرب وأوكرانيا في خندق واحد، وفي الحرب ضد روسيا التي لم تقدم إلى الجيش السوداني الدعم المنتظر منها.

ويقول مراقبون إن اللقاء بين البرهان وزيلينسكي يهدف إلى تثبيت رواية الربط بين الدعم السريع وفاغنر، وتبرير وجود ضباط أوكرانيين في الخرطوم، وتصوير الأمر على أنه انتقام مشترك من روسيا وأي جهة تدعمها في الخارج، وأن قائد الجيش تخلى فعلا عن تصوراته السابقة حيال الميل إلى التعاون مع موسكو، وبالتالي لن يمنحها قواعد عسكرية في بورتسودان على البحر الأحمر، والتي يستقر فيها حاليا.

ويضيف هؤلاء المراقبون أن التفكير في اللجوء إلى كييف في جوهره رسالة سياسية مهمة، فالهدف هو الإيحاء بأن البرهان على استعداد لأن يصبح رجل الغرب، والولايات المتحدة تحديدا، في المنطقة إذا تمكن من الصمود عسكريا، مقابل أن يتلقى دعما في معركته الراهنة يساعده في تحقيق الانتصار على قوات الدعم السريع.

ويبحث البرهان عن دعم عسكري وسياسي من أي جهة قريبة أو بعيدة، فقد أدى تعثره في الحرب أمام قوات الدعم السريع إلى إحراجه أمام السودانيين إذ قيل لهم إن المعارك ستحسم في غضون أيام، وأخفقت زياراته إلى ست دول في توفير دعم مادي أو معنوي يساعده على الصمود.

ويبدو أن مستشاري البرهان لا يعلمون كيف يفكر العالم، ولا يدركون التشابكات في التفاعلات الدولية، وأن التقرّب إلى الغرب بحاجة إلى ترتيبات كبيرة، فالميراث القاتم الذي خلّفه بانقلابه العسكري على الحكومة المدنية في أكتوبر 2021 لن تمحى تبعاته السياسية التي فجرت الحرب بمجرد دعمه الغرب في حرب أوكرانيا.

وقادت انتهازية الجنرال البرهان ورفاقه إلى طلب المساعدة من أوكرانيا التي تخوض حربا شرسة ومعها قوى كبرى منذ حوالي سنتين، وتعاني من تداعياتها هي وعدة دول أوروبية، ولذلك قد لا يتعدى اللقاء مع زيلينسكي البعد الرمزي، فإذا حصل قائد الجيش على دعم من كييف، فماذا سيقدم لها في المقابل؟

وقال زيلينسكي في حسابه عبر منصة إكس إنه التقى البرهان في مطار شانون بأيرلندا “وناقشا التحديات الأمنية المشتركة، وتحديدًا أنشطة الجماعات المسلحة غير الشرعية التي تمولها روسيا”.

الطريقة التي خرج بها لقاء البرهان – زيلينسكي تشير إلى سذاجة مشتركة تفسر التعثر في المعارك التي يخوضانها

وحاول مستشارو البرهان الاستثمار السياسي في التقرير الذي أذاعته شبكة “سي أن أن” الأميركية قبل أيام، وقالت فيه إن القوات الخاصة الأوكرانية كانت على الأرجح وراء سلسلة من ضربات الطائرات دون طيار وعملية برية موجهة ضد قوات تابعة للدعم السريع في الخرطوم، والتي تحصل على دعم من قوات فاغنر الروسية.

ونفت قوات الدعم السريع في بيان لها وجود علاقة بينها وبين مجموعة فاغنر، ورأت أن ما أذيع يندرج في إطار التشويه والاستهداف الممنهج الذي تقف وراءه جهات معيّنة.

وقال المحلل السياسي السوداني محمد تورشين إن الاستعانة بالطائرات المسيرة الأوكرانية تشير إلى أن قائد الجيش يقدم نفسه حليفا للغرب، وإن تفاصيل خطاباته وأحاديثه الأخيرة شملت مفردات يحتاج الغرب إلى سماعها، مثل التحول الديمقراطي وحقوق الإنسان، في محاولة لإعادة التموضع وإعادة تشكيل تحالفاته الدولية.

وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن “لقاء البرهان – زيلينسكي ليس صدفة، بل كان مرتبًا على الرغم من محاولات تأكيد أنه جرى دون تخطيط وبصورة عابرة، وجاء في إطار مساعي البرهان لتقديم نفسه كحليف لأوكرانيا وليس روسيا”.

وتوقع تورشين أن يكون البرهان قد طلب المساعدة من أوروبا وظهر ذلك من خلال السماح للمدربين والطائرات المسيرة الأوكرانية بالمشاركة في الحرب مؤخرا، وهو أحد أشكال الدعم الغربي للسودان، ويتوقف استمراره من عدمه على قدرة قائد الجيش على إدارة الأزمة بما يساعد على تحفيز الغرب للتعاطي معه.

وذكر لـ”العرب” أن “دول الاتحاد الأوروبي ترى أن هناك خطورة داهمة جراء استمرار الصراع في السودان، وأن الدولة التي تقع على ساحل البحر الأحمر تواجه تهديدات مفصلية، في منطقة تشكل إحدى أبرز نقاط الصراع الجيوستراتيجي بين القوى الكبرى، كما أن الحرب ستترك آثارها السلبية على ملف الهجرة غير النظامية والجريمة المنظمة وانتشار العناصر الإرهابية”.

ويعلم قائد الجيش أن المجتمع الدولي غير مستعد لظهور سباق تسلح علني في السودان، وأن الإسراف في طلب الدعم من أوكرانيا يمكن أن يورط قيادتها السياسية التي تعاطف معها عدد كبير من الدول الغربية، حيث ستنظر الشعوب إليها على أنها لا تستحق التعاطف والدعم العسكري، لأنها مشغولة بحروب أخرى خارج أراضيها.

وتشير الطريقة التي خرج بها لقاء البرهان – زيلينسكي إلى سذاجة مشتركة تفسر التعثر في المعارك التي يخوضانها، وقد يكون من روافد هذا اللقاء المزيد من التعاطف مع قوات الدعم السريع التي تواجه الجيش السوداني المدعوم من أوكرانيا علانية، حتى لو كان هذا الدعم محصورا في نطاق المسيّرات حتى الآن.

ولا تعترف الدول، أو حتى توحي، في غالبية حروبها بمصادرها العسكرية كي لا تحرجها وتخلق أجواء مواتية للطرف المقابل للحصول على دعم خارجي، وقد يصبح ما كان يتردد همسا أو على استحياء أو على سبيل التخمينات حقيقة، فلن يعترض أحد إذا أعلنت فاغنر -أو غيرها- دعمها للدعم السريع، لأن الدوافع بعد دعم أوكرانيا للبرهان ستصبح منطقية، وهذا خطأ إستراتيجي وقع فيه البرهان قد يقلب عليه الطاولة قريبا.

العرب

تعليق واحد

  1. تقرير ضعيف جدا.. الرئيس الاوكراني لا يمكن أن يفكر بلقاء البرهان الا اذا كان واثق ان تلك رغبة داعميه من الأمريكان والاوروبيين ولا استبعد ان تكون الاستخبارات الغربية هي التي جمعت الرجلين.. هو زيلينسكي ناقص مشاكل حتى يفكر في السودان.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..