بيليه: قصة اللاعب “الملك” الذي وَحّد البرازيليين

بيليه: قصة اللاعب “الملك” الذي وَحّد البرازيليين
صدر الصورة، AFP via Getty Images
أحد مشجعي سانتوس ينظر إلى لوحة جدارية لبيليه
خارج مستشفى ألبرت أينشتاين في ساو باولو، بدأ محبو بيليه في التجمع عندما سمعوا نبأ وفاته. ارتدى البعض القميص رقم 10 الذي كان يرتديه بيليه عندما كان يلعب لسانتوس. في الخارج كانت هناك لافتة كتب عليها “الملك الأبدي بيليه”.
هذه لحظة كان يتوقعها البرازيليون لبعض الوقت، ولكنها كانت مخيفة أيضا. في الأسابيع الأخيرة، تحولت ابنة بيليه كيلي ناسيمنتو إلى انستغرام لإطلاع معجبيه على كل ما هو جديد بشأن حالته، وكل منشور أو قصة يتم متابعتها بشدة للحصول على أي أخبار عن “O Rei” (الملك بالبرتغالية).
عندما ذاع خبر وفاته في النهاية، كانت لا تزال لحظة كبيرة. وأصدر المستشفى بيانا أكد فيه وفاته نتيجة فشل عدة أعضاء بسبب سرطان القولون، لكنه كان أكثر من مجرد نشرة طبية حيث قال البيان إن المستشفى تدرك وتعيش المعاناة التي يشعر بها أفراد الأسرة والجميع بسبب فقدان “محبوبنا ملك كرة القدم”.
هذه علامة على مدى أهميته بالنسبة للبرازيليين، بينما كان بيليه بالطبع أسطورة كرة قدم في جميع أنحاء العالم، وبالنسبة للناس هنا، كان أكثر من ذلك بكثير.
قال الرئيس المنتخب، لويز إيناسيو لولا دا سيلفا، الذي من المقرر أن يؤدي اليمين الأحد، إنه محظوظ لانه شاهد بيليه يلعب، إلا أنه لم يكن مجرد “لعب بل كان عرضا”.
وقال في تغريدة على في حسابه بموقع التواصل الاجتماعي تويتر: “إن قلة من البرازيليين رفعوا اسم بلدنا بقدر ما فعل”، مضيفا أنه لم يكن هناك رقم 10 آخر مثله.
صدر الصورة، Getty Images
أظهر مشجعو البرازيل دعمهم لبيليه خلال كأس العالم لكرة القدم في قطر
لكل برازيلي، كان بيليه يعني شيئا ما. تذكرته الأجيال الأكبر سنا كلاعب، وتم اطلاع الشباب البرازيلي على مهاراته الهائلة، وقد وحد الناس في هذه الدولة الكروية.
هذا بلد يُعرف نفسه بكرة القدم. خلال كأس العالم، يُمنح البرازيليون إجازة لمشاهدة منتخبهم الوطني. كان بيليه يهتف لهم من سريره في المستشفى، ويتمنى لهم التوفيق. وبالتالي فإن وفاته بعد البطولة التي فاز بها 3 مرات كانت أكثر إثارة للمشاعر.
خلال الأسابيع القليلة الماضية، كان لدى البرازيليين وقت للتفكير في حياته، مع العلم أن حالته كانت تزداد سوءا. حتى الأشخاص الذين لا يهتمون بكرة القدم يشيرون إليه على أنه الملك.
لقد ظل لاعب كرة قدم برازيلي حصراً، فقد لعب لسانتوس لسنوات عديدة بدلا من اللعب لأندية في الخارج. في الواقع، كان الرئيس البرازيلي السابق جانيو كوادروس قد أعلن في عام 1961 أن بليه ثروة قومية، مما يعني أنه لا يمكن “تصديره” لسنوات للعب مع أندية في الخارج، لقد كانت هذه مكانته كبطل ومنبع فخر وطني.
في بلد لا تزال فيه العنصرية والطبقية مهيمنة، كان بيليه، لاعب كرة قدم أسود من خلفية فقيرة، قصة نجاح لا تصدق. نادرا ما تحدث عن العنصرية، وهو موقف تعرض لانتقادات في بعض الأحيان بسببه. لكنه دافع دائما عن قدرة كرة القدم في توحيد الأمة، وإعطاء الفرص حتى لأفقر البرازيليين.
كان من المعروف أيضا أن بيليه يظل بعيداً عن الأنظار عندما يتعلق الأمر بالسياسة. ومرة أخرى، شعر الكثيرون أن هذا الموقف كان ضعيفا نظرا لتأثيره الهائل، في ظل السياسات المضطربة التي عاشها بما في ذلك الديكتاتورية. لكن في بلد أصبح منقسما من جديد بشكل متزايد عندما يتعلق الأمر بالسياسة، سمح له هذا الصمت أيضا بتجاوز السياسة، ليكون محبوبا ويحظى باحترام عالمي، كملك لجميع البرازيليين، داخل وخارج الملعب.
لقد رحل أعظم لاعب كرة قدم على الإطلاق، لكن ذكراه هنا في البرازيل ستبقى إلى الأبد.
بيليه من الفقر لقمة المجد…نظرة على مشوار أسطورة كرة القدم الراحل