دليل جديد على ضرورة نسيان المجتمع الدولى

كتبت مقالا من قبل على ضرورة نسيان المجتمع الدولى . كان ملخصه : ان المجتمع الدولى يسعى الى تحقيق مصالحه من خلال التلاعب بقضايا الآخرين الصغار . وقلت ايضا اذا كانت الحركات المسلحة واحزاب نداء السودان تقول بانه ليس للمجتمع الدولى مايضغط به عليها لتتخذ موقفا أو لاتتخذ موقف ، فما الذى يجعلنا نضع كل هذا الاعتبار له ؟!
الآن ، وبعد التصريح الواضح وضوح الشمس لوزير الخارجية الروسى ، بان امريكا اوباما قد طلبت منهم ابلاغ البشير بان يساعد فى انفصال الجنوب مقابل عدم ملاحقة الجنائية له . هذا التصريح العجيب من أحدى قوى المجتمع الدولى ، والذى يدل على مدى الانحطاط الذى وصلت اليه السياسىة الدولية . فروسيا نفسها التى لابد انها قامت بواجب ايصال الوصية الى رئيسنا ، الذى سمح بدوره للخال بتكوين حزب واصدار جريدة ، الهدف منهما الدعاية عيانا بيانا للانفصال ! هذه الروسيا هى التى ظلت تدعم السودان فى مجلس الامن وبشكل مباشر . لماذا ؟ السبب هو نفس السبب الذى يجعل الكل اقليميا ودوليا هذه الايام يسعى لتحسين علاقاته مع النظام الموجود ، الذى اتضح انه لايمانع فى بيع الارض وغير الارض فى سبيل البقاء فى السلطة للحفاظ على رئيسه ومنهوباته !
الصين ايضا وضح انها تستخدم استراتجيتها الجديدة ? كليا !- فى استخدام الديون والمزيد منها لتصل الى التخمة وبالتالى صعوبة الايفاء ، وذلك بهدف الحصول على ماهو افضل وابقى من المال . وهذه ليست تخريجة من عندى ولكنه بحث لاحد الاقتصاديين الهنود ، الذى برهن بعديد من الامثلة على هذه الاستراتيجية للدولة التى ظلت تشير يسارا وتتجه يمينا!
ربما يقول أحدهم : وماذا يفيد أخذ موقف من المجتمع الدولى . وردى اننا اذا اقتنعنا بانه لامصلجة لنا مع المجتمع الدولى بل ان هناك ضرر ، كما رأينا ، فساوضح ان هذا القرار من قبل فصائل المعارضة التى لازالت تتعامل معه ،سيكون له اثر بالغ فى ماسيلى . لقد ظلت بعض أطراف المعارضة الحقيقية ، بمافيها حاملى السلاح يتوقعون مواقف داعمة من حكومة اوباما بسبب انتهاكات حقوق الانسان ? بل وازهاق روح الانسان كما كان معلوم لديهم- فماذا حدث فى نهاية الامر ؟ قبل ايام قليلة من وجوده فى البيت الابيض ، وهو فى وضع مايسميه الامريكان Lame duck اصدر قراره الشهير ، ثم جاء ترامب الذى صرح تصريحاته النارية ضد الاسلام السياسى ..الخ ثم بدا الغبار ينجلى عن لاشئ … انها المصالح . لهذا ظل النظام المعروف لدى الكل بكل مثالبه يكسب النقاط يوما بعد يوم .
ماذا ننتظر اذن ؟ اذا حسمت المعارضة الحقيقية باطرافها المختلفة ، وخصوصا جماعة نداء السودان ، اذا حسمت امرها تماما ? اكرر تماما من محاولات المجتمع الدولى والاقليمى الذى يسعى بوضوح لاستمرار النظام بوجه جديد ? فان هذا الامر سيجعلها تتوجه باصرار وبدون رجعة ولولوة الى صراط الانتفاضة . وبهذا توجه جهدها كله نحو تنظيم الجماهير ومخاطبتها بشكل واضح ايضا ، وبدون لولوة , واستغلال كل الذى يحدث من مسائل يشيب لهولها الولدان فى اتجاه الثورة . الجماهير جاهزة وقد تقدمت المنظمين كتيرا ، فقد بتنا نسمع بالمظاهرات وتسليم العرائض ، بل والنجاحات فى ايقاف المشروعات الضارة بالبيئة، وماكل هذا الا اعلان بان هذه الجماهير قد وصلت بل تعدت الاستعداد للثورة . ولكن لانها لاتعلم ماذا يريد بها قادتها : هل يريدون تغييرا شاملا للنظام الذى اتضح بما لايدع مجالا للشك ، انه لايحل الا مشاكل منتسبيه ، وانه مستعد لبيع مايمكن بيعه فى سبيل البقاء ، ام انهم مازالوا يأملون فى امبيكى وخارطة طريقه ، أم انهم قد وصلوا الى القناعة التى يظل النظام يثبتها كل يوم ، بانه لاحل لاى مشكلة الابزوال النظام باكمله ؟
اذا حدث هذا ، فان المجتمع الدولى والاقليمى سيتضح لهما انه لم يعد هناك سبيل لامساك العصا من منتصفها ، فاماهو ? اى المجتمع الدولى ? مع المستقبل الذى تمثله المعارضة التى حسمت امرها وتوجهت مع جماهيرها نحو الثورة ، او مع النظام الذى سيتضح لهم ان مصيره قد اصبح قاب قوسين ؟!