تصاريف الأقدار

زمان مثل هذا

تصاريف الأقدار

الصادق الشريف

? جاء في الأخبار أنّ حركتي تحرير السودان (جناح مناوي ? وجناح عبد الواحد) قد وقعتا اتفاقاً للاندماج والعمل السياسي/العسكري المشترك. ? والأصل أنّ الحركتين كانتا حركة واحدة بدليل أنّهما احتفظا بالاسم ولم يبارحاه… وأصبحت كلُّ حركة تتميز عن الأخرى فقط بإضافة اسم زعيمها وقائدها. ? وفي تناول مسيرة الحركتين عبرة وخبرة… فالحركة الأولى سارت في اتجاه العمل المعارض… بينما سارت الأخرى في المسار الحكومي… ولكن لنسرد القصة منذ البدء. ? في قصر الرئيس النيجيري أوباسانجو تمّت مراسم التوقيع على اتفاق أبوجا… ولمفارقات القدر كان عبد الواحد هو الأقرب للتوقيع… ومناوي رافضاً له. ? ثُمّ تغيرت الموازين بصورة درامية… فوقّع مناوي على الاتفاق، ورفضه عبد الواحد… وسار كلٌّ منهما في طريق مختلف… واختلفت تصاريف الأقدار عن توقعات المتوقعين. ? ورغم أنّ عبد الواحد أنكر طرد أوباسانجو له من قصره عندما رفض التوقيع… إلا أنّ تهديدات زوليك له بتوقيع عقوبات صارمة على حركته لم يستطع أحدٌ إنكارها. ? والنتيجة التي توقعها الجميع أن يرث مناوي كل إقليم دارفور… سلطةً… وثروةً… ولو من باب النكاية الحكومية لعبد الواحد. ? لكنّ المسار الحكومي الذي سار فيه مناوي أورثه الندم… وجلب عليه غضب أهله في دارفور… ولم يحصد منه سوى الهشيم. ? بينما صمود عبد الواحد واستعصامه بالخارج كان رصيداً له وسط أهله… حتى وهو ينادي بالعلمانية… ويزور تل أبيب… ويَعِدُها بفتح سفارة لها في الخرطوم. ? وجاءت حصاد كلاً منهما مخالفاً لتوقعات المتوقعين. ? التجربة التي خاضها الرجلان مثلت لهما رصيداً سياسياً كبيراً، ولن نستطيع الجزم بأنّهما ما زالا بالقوة التي كانا عليها يوم التوقيع… يوم أن كانا يمثلان الحركة الدارفورية الأوحد في الإقليم… والآن تفرق الرجال على أكثر من أربعين حركة مسلحة. ? المؤتمر الوطني هو الخاسر من تلك الرحلة الطويلة التي خاضها الرجلان… وبالطبع فالسودان هو الخاسر الأكبر… فلو أنّ (صقور المؤتمر الوطني) تركوا تنفيذ اتفاق أبوجا يمضي كما تمّ التوقيع عليه، لكسبت دارفور سلاماً (ولو جزئياً)، ولأصبحت اتفاقية أبوجا (مثالاً) لجدية الحكومة في تنفيذ عهودها. ? بيد أن العكس هو الصحيح… فقد صارت أبوجا نموذجاً ل(لا جدوى التفاوض مع الحكومة ولعبثية التوقيع معها على إيِّ اتفاق). ? واتفاقية القاهرة نموذجٌ آخر… والتراضي الوطني نموذجٌ ثالث… و… ? كُنا بنقول في شنو؟؟؟. ? نعم… تفرَّق الرجلان لخمسِ سنوات… كان كلٌّ منهما في الجانب الآخر من المعادلة السياسية السودانية التي لم تتزن قط… ثمّ عادا من جديد، يوحدان حركتيهما لتصبح حركة تحرير السودان فقط دون حاجة لإضافة أيِّ من الاسمين الدارفوريين الأشهرين. ? لكنّ مياهاً كثيرةً مرت من تحت الجسر… وواقع الأرض في العام 2006م تاريخ توقيع الاتفاقية، ليس هو واقع اليوم2011م . ? ومع ذلك فالمطلوب منهما أن ينظرا في اتجاه قرى ومعسكرات دارفور وهما يتخذان القرارات المصيرية… فالناس هناك لم يعد فيها جسدٌ يحتمل المزيد من الجراح

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..