ظاهرة مرتدة ..!

منى أبو زيد

«الأخلاق رفاهية خاصة، ومكلفة» .. هنري آدامز!
خبراء الاقتصاد تحدثوا عن وجوب العمل على إعادة الثقة في الشيك من خلال توسيع رقعة التدابير الاحترازية التي تنتهجها البنوك مع العملاء في إجراءات فتح الحساب، باعتبار أن تساهل البنوك في فتح الحسابات وتمليك الشيكات من الأسباب المهمة في انتشار الاحتيال .. لكن الأهم ـ الذي استوقفني ـ هو حديث بعضهم عن دور الإشكالات الأخلاقية التي حاقت بمجتمعنا المحلي في تفاقم الظاهرة ..!
معلوم أن فساد الأخلاق هو كعب أخيل المعاملات المالية، وأن صرامة ضوابط فتح الحساب لن تفلح وحدها في تقنين ظاهرة الاحتيال، لأن أكثر الاتفاقات المالية إحكاماً وضماناً لا تلفح عادة في حماية الحقوق بنسبة مائة في المائة، في ظل تراجع هامش الثقة، وتقلص مساحات التعويل على الأخلاق ..!
وعليه فإن أي حديث عن تفاقم ظاهرة الغش والاحتيال وتصاعد وتيرة المغامرة في معاملاتنا المالية ينبغي أن لا يكون بمعزل عن تفكيك البعد الأخلاقي للظاهرة، ومن ثم التوصل إلى سن الدواء القانوني الناجع، بناء على التشخيص النفسي والاجتماعي للظاهرة ..!
خلال أكثر من عقدين ونيف من الزمان شهد المجتمع السوداني حراكاً أخلاقياً وسلوكياً سالباً، ويمكن للناظر إلى لوحة مجتمعنا المحلي بالحياد اللازم ـ ومن خارج الإطار ـ أن يتأمل في ملامح الجشع المادي التي باتت تسيطر على عقله الجمعي وتلقي بظلالها على ثوابته الأخلاقية ..!
النزاهة في تفكيك متغيرات المجتمع تقتضي أن نقول بارتباطها المباشر بسلوكيات الحكم ومعالم الاستبداد السياسي ..أما كيف ولماذا ؟ .. فلأن السياسة هي فن قيادة الجماعة وأسلوب تدبير شئونها بما يفترض فيه الخير والمنفعة .. ولأن الأخلاق هي مجموعة القيم والمثل الموجهة للسلوك البشري بما يعتقد فيه الخير أيضاً ..
وعليه فإن مثالب القيادة السياسية هي الباعث الرئيس على تبدل غايات وأخلاقيات المجتمعات وتفاقم أخطائها السلوكية ..!
في «طبائع الاستبداد» تحدث الكواكبي عن تأثير السياسة على معاملات الناس قائلاً (إن الاستبداد السياسي يغير الأخلاق الحسنة، ويقلب القيم الأخلاقية رأساً على عقب، ليغدو النفاق سياسة والتحايل كياسة والدناءة لطفاً والنذالة دماثة، ويجعل الأخيار يألفون سوء السلوك) ..!
وهذا يعني باختصار: أن المتغيرات الاجتماعية هي الوجه الآخر للمنعطفات السياسية، وأن حال أخلاقنا ومعاملاتنا المالية هو من «حال» سياستنا و»محتال» ساستنا ! ..
حكومتنا الرشيدة تتذمر من أن كل سجين محبوس على ذمة قضية شيك مرتد يكلف الدولة مبلغاً وقدره كل يوم ، بينما الأولى أن تتدبر في الأسباب، وأن تتحلى بالمنطق القائل إن أي ظاهرة سياسية سالبة تصدر عن أي حكومة ترجع إليها في صورة ظاهرة اجتماعية مرتدة ..!

الراي العام

تعليق واحد

  1. حديث الكواكبي الذي أوردته الأستاذة ينطبق تماماً على حال مجتمعنا اليوم. ليس في المعاملات المصرفية فحسب ، بل في جميع معاملاتناو تعاملاتنا..

    مقال في الصميم

  2. زول بصلى وبصوم الاتنين والخميس وعامل لحيه والجلابيه على طول نضيفة وحلوه
    وبكذب وبحلف كتير وكل يومين مقبوض فى شيك . وناس كتير تناديه يامولانا
    ومرات ياشيخنا .. بى صراحه غلبنى احلها دى احلوها كيف ؟ ساعدونى
    فى الفيزياء دى ياجماعه الاخوان المسلمين

  3. أعرف زول محترف يقوم بتحرير شيكات لشراء أصول (عقار) مثلا وعند ارتداد الشيك يدخل طائعا السجن ويبقي الي حين السداد كما يقول القانون ولكنه يفسر الأمر لحين ارتفاع قيمة العقار وهكذا يكون في السجن مظبط أموره وعندما يأتيه الخبر بارتفاع قيمة العقار ارتفاعا معتبرا يأمر ناسوا خارج السجن
    ببيع العقار وسداد قيمة الشيك للمشتكي الذى يكون قد خسر مرتين الأولي عندما يفشل في تحقيق غرضه من بيع العقار وثانيا عند استلامه قيمة الشيك بعد زمن يكون الجنيه قد فقد جزء كبير من قوته الشرائيه وفي الجانب الآخر ينعم المحترف بمكسبه من الفارق بين قيمة الشيك عند تحريره وقيمة العقار عند بيعه ويخرج من السجن ليكرر العمليه مره ثانيه والغريب انه من وجهة نظر الناس في السوق زول حقاني مابياكل حق زول بل ويتحدى أى زول يدعي انو أكلو.

  4. فعلا المجتمع أصيب في أخلاقه .المتعلم الجاهل المتدين الفاسق كلهم ليس لهم أخلاق.ووالله مرات تمر عليك مواقف تقف حائرا هل هذا هو السوداني الذي أوجع بعض الناس رؤوسنا بكلام فارق؟؟ام تغييرات في عقليته الرخوة والغير متزنة؟ ارجو ان يجبني من يعرف الاجابة

  5. منى ابو زيد بتكب احايين كثيرة بصورة موضوعية لكنها تقدم برنامجا تلفزيونيا فاشلا وننصحها بالتنحى ولتجود كتابتها وصاحب بالين “كضاب” ارحمينا بقا

  6. المهووسين عصابة انقاذ الكيزان نسوا الله فانساهم انفسهم خالفوا دروس الرسالةالمحمدية واولها مكارم الاخلاق فاصابهم الكبر اعوذ بالله منه نسأل الله لهم الهداية ويجنب اهل السودان الفتن ما ظهر وما بطن .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..