مع الدولار والانفصال

مع الدولار والانفصال

خالد بابكر ابوعاقلة
[email][email protected][/email]

1. اكثر من نصف قيمة الجنيه لا اهمية لها الان , وهذا يعني ان نصف ما هو متداول من نقود لا يشكل الا اوراقا بيضاء او عملة تتساوى في قيمتها مع المزورة سواء بسواء , لانك حينما تشتري بها تشتري بالنصف الصحيح منها الذي يقره الاقتصاد وتعترف به موازنات الشراء , اما النصف الاخر فهو لا يشتري شيئا ولا يحتفظ بدخله بقيمة ايا كانت اللهم الا قيمة المعدن المصكوك منه النقود او الورق المطبوعة فيه الصور والارقام , فنصف العملة لا يقابله بضاعة , ولا يدفع اجرا لثبات الاجور وعدم تحركها مع فقدان العملة لقيمتها بزيادته الشكلية والعددية , فتتقلص البضاعة وتقل كميتها وعددها لانها المعبر الحقيقي للنقود ولاننا لا ندرك شعبيا فقدان النقود لقيمتها الا عن طريق ما نشتريه من بضائع وسلع .
2. لم يكن فصل جنوب السودان بالنسبة للعالم الخارجي عملية قدرية محتومة بل كانت مخططة ومعدة بدقة متناهية ووفق مراحل ظاهرة , بدأت بتدفق وتصدير النفط , وانتهت بتداعي الشركات الكبرى للعمل في السودان , وكانت مشاريع التنمية الكبري كبناء خزان مروي ومطاره والكباري والطرق القومية جزءا من تلك الخطة المحتومة لان تلك المشاريع بنيت بقروض سمح بها المجتمع الدولي وسرع اتمامها وساعدت تلك الفورة المفتعلة من المشاريع التي تباهت بها لانقاذ وتغطرست على تاريخ السودان وعلى القوى السياسية في فصل جنوب السودان واخضاع المجتمع الحاكم لضرورات وشروط ذلك التقسيم حتى تتواصل التنمية وتدفق الايرادات الكبيرة .
3. انخفض دخل الفرد في خلال العشرين سنة الماضية , وتصاعدت الاسعار , والاسباب كثيرة ولكن اهمها اعتبار البعض الحكومة شركة قابضة تتدخل في عمل الاسواق والبنوك وتمارس التجارة بعقلية المنافس , فحطمت بذلك الكثير من الاتجاهات الاقتصادية والعمل , ولا تعمل بعقلية الراعي والمنظم الذي يدير العملية بنظرة كلية شاملة ومحايدة , فانخفض الدخل في سنوات تصدير النفط من 700 جنيه الى 250 جنيها في العام .
4. اساس تفكير الدولة هو التمكين وعن طرقه خلقت منظوماتها الامنية التي تطيل بها عمرها , ولذلك وبعد تحرير الجنيه وتدفق اموال لا يعرف مصدرها يأتي السؤال : لمن ستبيع الصرافات الدولار بسعره الجديد الذي حدده السوق الموازي ؟ وتأتي الاجابة سريعا في عصر دولة تعتبر ان مهمتها الاساسية هي البقاء وتكون الاجابة ان المشترين لدولار حكومة الانقاذ هم اهل الانقاذ انفسهم ومعهم طوائف الحركة ا لاسلامية الذين تعودوا على اقتناص القروض وانقاصها من اطرافها , فحين تختلط الاوراق يكون التمكين هو الاوضح بالنسبة لهم لأنهم وطنوا انفسهم ان الاوضاع بكل اشكالها كلما تأزمت كلما زادت فرصتهم في البقاء , فهم دائما ما يجرونها الى حلبة الصراع الامني , ويصطادون في المياه الملوثة التي تجري تحت جسور الاقتصاد كسوق الدولار الاسود الذي امسكوا بمدخراته واتجاهاته قبل ان تزاحمهم فيه بعض القوى المنافسة لهم سياسيا .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..