زنقة ترزي يوم الوقفة 2-2

زنقة ترزي يوم الوقفة 2-2

تيسير حسن إدريس
[email protected]

نعود و نواصل من حيث توقفنا فلقد قلنا في الجزء الأول من هذه (الزنقة) المقال أن أشواق جل أهل الإنقاذ كانت ولازالت انفصالية ودللنا علي ذلك و شرعنا في توضيح وتفصيل الأسباب والتي سوف نواصل رصد المتبقي منها باختصار أرجو أن لا يكون مخلاً. لقد اشرنا في نهاية الجزء الأول لمحاولة نائب الرئيس الأستاذ علي عثمان لرمي وزر عدم ترسيخ اتفاقية (نيفاشا) للسلام الشامل في الوجدان الوطني علي عاتق أحزاب المعارضة التي رفض سيادته إشراكها في مراحل تداولها و التوقيع عليها وقلنا ذلك كمثل الذي (ضربني و بكى و سبقني و أشتكى) وقلنا كذلك أن الأستاذ علي قد كسر الجرة بنفسه و دفق العسل فكيف بالله يريد أن يرمي خلق الله (بدائه وينسل)، فهو خير من يعلم أن نظامه الإنقاذي يعمل وفق موجهات خارجية ترتبط بمنظومة دولية وهو برنامج لا يمت و لا يراعي المصلحة الوطنية بل ظل أسير حلم الجماعة الإسلامية الذي ارق منامها ولا ترغب في الاستيقاظ منه ولو أدى ذلك إلى تفتيت و تمزيق الوطن.

إن الحلم بتقديم الأنموذج الناجح لدولة الخلافة الإسلامية الأول في المنطقة ظل هوى يعتصر ه قادة الحركة الإسلامية في جوانحهم متحينين الفرصة المناسبة لتنفيذه باعتباره الخطوة الأولى نحو تنفيذ مخططهم الانقلابي الرامي لتحويل مركز قرار التنظيم الدولي للإخوان المسلمين من مصر إلي السودان وهي رغبة وأشواق ليست بجديدة فلقد كانت منذ أمد طويل هي الشغل الشاغل للشيخ حسن الترابي منظر الحركة الإسلامية في السودان ولقد ورثها عنه تلاميذه وحوارييه بعد المفاصلة الشهيرة التي تمت داخل الجماعة عام 1999م وساروا علي نهج شيخهم الذي غدروا بيه ولم ترف لهم أجفان!!!. بدأ شيخ الترابي العمل علي تنفيذ هذا الحلم الدولي منذ الأيام الأولي للانقلاب و الاستيلاء علي الحكم في أواخر يونيو 1989م حينما أنشأ ما أطلق عليه آنذاك (المؤتمر الإسلامي العالمي) و دعا إليه عتا ولة التطرف في أنحاء المعمورة مما جرا علي السودان غضب و ويلات المجتمع الدولي والتي ما زال يعاني من تبعاتها وآثارها حتى اليوم.
و من أراد أن يتحقق من إن هذا الحلم الموروث ما زال يراود الجماعة عليه فقط أن يفتح عقله و يتأمل الزيارات المتكررة و المتقاربة للسيد خالد مشعل الأمين العام لمنظمة (حماس) تنظيم الإخوان المسلمين بفلسطين المحتلة فبالإضافة للدعم المادي الذي يتلقاه مشعل و جماعته بسخاء وكرم سوداني أصيل إلا إن هناك وجه آخر للأمر و هو رغبة (حماس) التي تتوافق و رغبة رجالات الإنقاذ الرامية إلي كسر احتكار إخوان مصر لزعامة التنظيم الدولي ولقد ظهر ذلك جليا في المعركة الأخيرة التي دارت حول اختيار المرشد العام للجماعة في مصر وأدت إلي مفاصلة تاريخية بين تيار الاحتكار للمقر ومنصب المرشد و التيار الدولي المنفتح مما أدى لخروج قيادات تاريخية من الوزن الثقيل عن الجماعة.
إن رغبة حماس لإحداث التغيير نابعة من مصالحها الخاصة التي ترى أن دور الإخوان المسلمين في مصر تقلص و صار دون مستوى الطموحات المرجوة منهم و التي كانت تعول عليهم في الإطاحة بالنظام القائم في مصر منذ أكثر من نصف قرن خصوصا بعد ما تمكن التنظيم الدولي للإخوان من التخلص من الرئيس السابق أنور السادات غيلة في حادثة (المنصة الشهيرة) أو علي أقل تقدير التأثير فيه و الحد من علاقة التعاون والتنسيق الأمني المتنامية مع العدو الإسرائيلي والتي وصلت حدا لا يمكن السكوت عليه تمثل في بناء مصر لجدار فصل فولاذي تحت الأرض لخنق شعب غزة المحاصر حماية لمصالح الدولة الصهيونية، هذا بالإضافة لعامل أخر هو بخل إخوان مصر و ضعف دعمهم المادي لحماس . مما سبق ذكره يتضح جليا مربط الفرس و جوهر العلاقة الحميمة القائمة بين نظام الإنقاذ ذو الطموحات العابرة لمصالح الوطن و حكومة حماس التي تعيش و تتكسب من اللعب علي المتناقضات الدولية والإقليمية بذكاء الثعالب لمصالحها التنظيمية الضيقة غير عابئة بمعانات الشعب الفلسطيني ولا مأساته الماثلة في قطاع غزة منذ الانقلاب الذي قادوه علي السلطة التنفيذية الفلسطينية بالضفة الغربية.

إن إرث مرحلة التمكين وهوس الشيخ الترابي وحلمه بزعامة التيارات الإسلامية في العالم ما زالت تسيطر علي بعض حوارييه رغم العباءة البروغماتية التي حاولوا ارتداءها بعد المفاصلة الشهيرة و مفارقة اغلبهم للشيخ طلبا لعرض زائل طالما أرهقوا آذاننا هتافا بأنهم (لا لدنيا قد عملنا نحن للدين فداء!!!) غير أن ذلك كله لم ينطلي علي المجتمع الدولي الذي ظل يتوجس منهم و يضعهم تحت المجهر رغم التنازلات المهينة التي قدموها له ليس علي حساب الشعار و التوجه فقط بل تعداه لمخالفة الخلق السوداني القويم (تسليم كارلوس و محاولة تسليم بن لادن لو لا رفض السعودية و عدم الاهتمام الأمريكي به في ذاك الوقت وكم المعلومات الخطير عن الجماعات الإسلامية التي مدوا بها المخابرات الأمريكية (التي دنا عذابها)!!!!!!!) عموما ظلت الدول الغربية وأمريكا علي حال توجسهم تراقب وتدفع في اتجاه تبني النظام لسياسات أكثر نضجا و عقلانية متبعة في ذلك سياسة (العصا و الجزرة) حتى تم توقيع اتفاقية (نيفاشا) للسلام الشامل والتي رعتها تلك الدول الأوربية و أسهمت في دفع الطرفين للتوقيع عليها ، ولكن خاب فالهم وأحبطوا بعد ذلك وهم يلاحظون المماحكة و عدم الالتزام الذي صاحب مراحل التنفيذ أضف إلي ذلك طبيعة علاقات نظام الإنقاذ الخارجية والتي ارتبطت بدول ومنظمات مغضوب عليها من المجتمع الدولي مثل علاقة التعاون و التنسيق المريبة مع النظام الإيراني وحكومة حماس بغزة و التي حامت حولها كثيرا من الشكوك قبل و بعد الكشف عن قافلة السلاح التي تم ضربها من قبل العدو الإسرائيلي في الحدود الشمالية الشرقية من البلاد وزاد من تصاعد وتيرة الشكوك التكتم غير المبرر من نظام الإنقاذ علي الضربة العسكرية التي مست سيادة الدولة السودانية و ترابها الوطني… كذلك انكشاف أمر الزيارة السرية التي كان ينوي أن يقوم بها قائد العمليات العسكرية لمنظمة حماس بقطاع غزة (محمود المبحوح) والذي اغتالته المخابرات الإسرائيلية (الموساد) بمدينة دبي و هو في طريقه للخرطوم .

كل ذلك وغيره مما لا نعرف و نعلم جعل الدول الغربية و أمريكا علي قناعة تامة من أن نظام الإنقاذ لم ولن يتغير و لا يؤمن له إذا ما استقر له الوضع في ظل سودان موحد وزاخر بثرواته النفطية و غيرها من أن يثير الكثير من المشاكل والفتن في دول العمق الإفريقي خصوصا مع وجود تيارات الإسلام المتشدد في أغلب دول الجوار و علي امتداد شريط لا يستهان به يمتد من كينيا و أوغندا و تنزانيا جنوبا و تشاد غربا و إثيوبيا وارتريا في الشرق واضعين أيضا في الاعتبار التيارات الأصولية المتشددة التي هيمنت علي أراضي الصومال فإذا ما وجدت هذه التيارات و الجماعات المتطرفة السند و الدعم من نظام الإنقاذ و تم استثمار أموال وعائدات النفط السوداني فيها (والتي يحيط نظام الإنقاذ المعلومات عن حجمها الحقيقي بستار سميك من السرية المريبة) سوف تتحول المنطقة برمتها لمعمل نشط لتجهيز القنابل البشرية شديدة الفاعلية و هو ما تخشاه أمريكا ودول الغرب الأوربي عموما و تعمل له ألف حساب.. و هذا يوضح و يزيل العجب وعلامة الاستفهام الكبيرة التي أرقت الشارع السوداني و هو يرى الانقلاب الدراماتيكي في موقف أمريكا و الدول الأوربية والتحول الحاد من دعم خيار الوحدة إلي تفضيل خيار الانفصال و قيام دولة مستقلة لشعب الجنوب.

لقد حسم الأمريكان و الأوربيون أمرهم واقتنعوا بأن من مصلحتهم قيام دولة مستقلة مسيحية قوية في جنوب السودان تعمل كجدار صد واقي يمنع أي مخطط لتمدد الفكر الإنقاذي جنوبا داخل العمق الإفريقي رغم إن هذا الخيار يناقض ميثاق (الاتحاد الإفريقي) الذي يرفض تعديل حدود الدول الإفريقية القائمة ، كما انه يثير الحساسية عند كثير من دول الجوار التي تعاني من نفس تعقيدات الوضع السوداني مثل أثيوبيا إلا أن الدول الأوربية و أمريكا تبدو عازمة علي الفصل مهما كانت المعوقات حفاظا علي مصالحها في المنطقة يساعدها علي ذلك قوة التيار الانفصالي داخل الشريكين (المؤتمر الوطني و الحركة الشعبية) .

أذا لا مفاجأة في الأمر إلا علي الذين لا يقرءون ما خلف المواقف المعلنة والسطور ، فالأمر قد بات أكبر و تجاوز حدود تحكم عصبة الإنقاذ علي السودان و أهله و أضحى له امتداداته الإقليمية و القارية و تأثيره علي أمن النظام العالمي الجديد. ليعود يتراقص أمام أعيننا نفس السؤال الذي طرحناه عليكم في خاصرة الجزء الأول من المقال و لم نجب عليه حتى الآن و هو ماذا نحن فاعلون لتلافي هذا الوضع الخطير و تجنب الآتي الأعظم شرا و سوء؟؟

نجد أن لا مفر من مجابهة الأمر بحزم وقوة وتوحيد جهود كافة شرائح الشعب السوداني المؤمنة بخيار الوحدة و الرافضة لتمزيق الوطن في جبهة ديمقراطية عريضة ومتماسكة تتجاوز بقوة مواقف نظام الإنقاذ ألإقصائي و صوت التيارات الانفصالية داخل المؤتمر الوطني (الحزب الحاكم) و الحركة الشعبية و ذلك بالوصول مباشرة لجماهير شعبنا في الجنوب لأنهم المعنيون بعملية الاستيفاء و لأنهم أيضا قد ظلوا تحت تأثير دعاة الانفصال من الجنوبيين والشماليين في غياب الصوت العاقل للتيارات المناصرة للوحدة التي توارت و انزوت خجلا أو وجلا تاركة الساحة خلاء صفصفا ينعق فيها طائر الشؤم الانفصالي.

إن تسيير حملات التوعية بهدف نشر ثقافة السلام و الوحدة وشرح أهميتهما مع إيضاح مخاطر الانفصال و عودة الحرب من جديد والتحدث لمواطني الجنوب البسطاء مباشرة وبذل الجهد من أجل إزالة الصورة المورثة المشوه عن إنسان الشمال التي رسختها سني الحرب اللعينة و التعاطي الاجتماعي الحميم سوف يسهم يلاشك في أزالت الحواجز النفسية و المشاعر الإنسانية السالبة المختزنة في الصدور بصورة فاعلة أكثر ألف مرة من الجلوس علي الرصيف و تدبيج المقالات المطولة لشرح و توضيح فوائد الاتحاد ولعن مخازي الفرقة عن بعد .

أن مخاطبة مجتمع بسيط جنت عليه الأمية بنفس القدر الذي جنت عليه الحرب بلغة المقالات المرسلة من أبراج عاجية هو في الحقيقة حرث في البحر .. لذا يجب علينا اليوم و ليس غدا الشروع في تجهيز و إرسال الوفود الشعبية لتلتقي و تتلاحم بأهلنا في الجنوب عبر برامج ميدانية مكثفة في شتى المجالات الصحية و التعليمية و التنموية والتثقيفية و الفنية و الرياضية ولتكن برامج مضغوطة ومقدور علي تنفيذها و ذات اثر سريع و ملحوظ حتى يستشعر فوائدها المواطن البسيط في المتبقي من وقت قبل إجراء الاستفتاء ويمكن أن نطرح كمثال لتلك البرامج ما يلي:
? عقد ورش عمل لتأهيل المواطن البسيط وتدريبه علي الطرق والقواعد المثلي للقيام بالأنشطة الزراعية و الرعوية و صيد الأسماك.
? إنشاء مزرعة جماعية أو عائلية نموذجية في كل ولاية أو مجموعة قرى كمثال يحتذي به لقيام مزارع أخرى بعد تمليك المواطن الأسس السليمة لإدارتها وضمان نجاحها. ?
? عقد دورات مكثفة لمحو الأمية.?
? عقد ورش نفير لإصحاح البيئة.?
? تجهيز قوافل صحية في المجالين البشري و البيطري.?
? تجهيز مستشفيات متنقلة لتقديم خدمات الطوارئ بالإضافة للتطعيم من الأمراض المستوطنة.?
? عقد ندوات التوعية الصحية خاصة التي تشرح خطر بعض الأمراض المتفشية في الجنوب مثل الملا ريا و عمى الأنهار و نقص المناعة المكتسبة (الايدز).?
? تبني مشاريع استثمارية صغيرة و سريعة مثال شركات صيد الأسماك بالقوارب البسيطة وإدخال نظام المزارع السمكية.?
? قيام صناعات بسيطة موازية مثل تمليح و تجفيف الأسماك واللحوم و التشجيع علي التسويق وذلك بتسهيل عمليات الترحيل لأسواق المدن المجاورة.
? هذا بالإضافة للندوات الثقافية والبرامج الترفيهية من مسرح وغناء و رقص شعبي وسينما متنقلة ومعارض للرسم و خلافه من الأنشطة التي تتناول ثقافة الوحدة والسلام بلغة بسيطة و جاذبة بعيدا عن الفذلكة المنفرة.مثل هذه المبادرات هي المطلوبة اليوم وليس الجعجعة الفارغة و إدمان التنظير والسكون في انتظار الآخر كي يقوم عنك بدفع ضريبة الوطن المهدد بالانشطار… لابد أيضا من سرعة تكوين جبهة شعبية عريضة مناهضة للصوت الانفصالي الذي يعلو الآن و يهدر في حمق و غباء و كان الانفصال هو جنة الله الموعودة علي الأرض ، يجب محاصرة نعيق طائر الشؤم الانفصالي و واد مشروعه المدمر.

إن الأحزاب السياسية السودانية قاطبة مسئولة أمام الله و الوطن و جماهيرها عن هذا المأزق و المنعطف التاريخي الذي نقف أمامه لذا وجب عليها تقديم التضحيات الجسام من أجل إصلاح الحال و العبور بالأمة السودانية لبر الأمان لذلك لا مناص من مواجهة النظام القائم بكافة السبل و الوسائل من أجل تعديل القوانين المقيدة للحريات و خلق أجواء أكثر موضوعية وجاذبية للإخوة الجنوبيين داخل العاصمة الخرطوم حتى يشعروا بالأمان و بان ثم بارقة أمل تلوح في الأفق من بعد التاريخ الأسود الطويل الذي مارسته الحكومات المتعاقبة بنقضها للمواثيق والعهود.

و من ثم الانتقال لطرح مشاريع خيارات أخرى علي الشريكين تحدث تحولاً واختراقاً في بنود اتفاقية (نيفاشا) (وهي ليست منزلة و يمكن تعديلها أذا ما خلصت النوايا و اتفق الطرفان) يسمح بقبول خياري الفيدرالية و كونفيدرالية وضمهما لخيارات الاستفتاء المتفق عليها ، ولن يتأتى هذا الأمر إلا بانعقاد مؤتمر جامع لكافة الفعاليات السياسية والوطنية للبت في هذه القضايا الهامة و المصيرية.

إن انعقاد مثل هذا المؤتمر هو مكسب للجميع فالمعارضة تستطيع أن تدلوا بدلوها و تسهم في الحل و بذلك تحفظ ماء وجهها أمام جماهيرها المتململة من عجزها و نظام الإنقاذ كسبه أكبر حيث يتيح له هذا الحل إعادة إنتاج نفسه و البقاء إذا ما أراد كقوة سياسية محترمة علي الساحة السودانية ويتطهر من الخطايا والجرائم التي ارتكبها خلال العقدين الماضيين فالشعب السوداني له المقدرة علي الصفح والتسامح و الصبر الجميل ولكن ليس إلي الأبد. لذلك علي نظام الإنقاذ التقاط هذه الفرصة التي سوف تجعل له مخرجا من حالة العزلة الداخلية و الخارجية التي تأخذ بخناقه والتي لن يستطيع معها مهما تخندق وراء أجهزة قمعيه و أمنيه من الاستمرار طويلا ، أن تاريخ الشعب السوداني مع الدكتاتوريات التي سبقته يقول ذلك فعليه أن يرعوي و يسارع بالتقاط طوق النجاة الذي و فرته له الظروف القاهرة التي يمر بها الوطن و لا داعي للمكابرة الصبيانية بإدعاء القوة الخارقة كذبا فزمان مثل هذا العقلية و تلك العنتريات قد ولى وأدبر.

أن علي عاتق الحركة الشعبية لتحرير السودان الطرف الجنوبي الأساسي في عملية الوصول للسلام يقع العبء الأكبر للعبور بها إلي بر الأمان و النجاح لتدخل بذلك التاريخ من أوسع أبوابه وتخلد ذكرى نضالها الماجد كحركة سودانية و وطنية أسهمت في إحقاق الحق و حفظ و حدة الوطن لذلك يجب عليها مراجعة مواقفها الأخيرة التي أوغلت بعيدا في الانحياز لخيار الانفصال وطلب التدخل و الحماية الخارجية الشيء الذي يقلل من قدر تضحياتها و يقدح في مصدقيه برنامج السودان الجديد الذي طالما بشرت به. إن تخليها الآن و تنكرها للاتفاقيات والتفاهمات التي وقعتها مع قوى المعارضة و أحزابها المختلفة بخصوص دعم خيار الوحدة تضعف بلا شك ثقة الشعب السوداني فيها و تجعلها ترتكب الخطيئة التاريخية الكبرى التي مافتئت تعاير وتذم بها قوى الشمال السياسية وهي نقض المواثيق و خيانة العهود.

إن مبادرات اللحظة الأخيرة (يوم الوقفة) التي تحاول أن تقوم بها بعض الأحزاب السياسية منفردة والشخصيات الوطنية والاعتبارية و منظمات المجتمع المدني كل علي حدة لن توتي ثمارها و لن تكون ذات اثر فاعل ما لم تتكاتف وتنسجم و تجتمع كل هذه القوى علي برنامج عمل موحد ينشد انجاز الهدف المنشود بعيدا عن روح السبق و المتاجرة السياسية الرخيصة فالأمر لا يحتمل والوقت لا يسمح بأي نوع من المزايدات مما يجعل من تركيز كافة الجهود لتصب في مجرى واحد يحولها لقوة ضغط عظمى تدفع في اتجاه إحداث اختراق حقيقي في الوضع الجامد و المتأزم يرغم النظام الحاكم علي التنازل عن برنامجه ألإقصائي و الإعلان الواضح عن تبني مشروع دولة المواطنة المدنية والتخلي عن المتاجرة بشعاره الديني.

إن فصل الدين عن الدولة في هذه اللحظة التاريخية بالذات يعني الانحياز الواضح لوحدة الوطن وأمنه وتحصينه ضد المهددات التي تتناوشه من كل صوب وحدب و يسحب البساط من تحت أقدام دعاة الانفصال من الشماليين و الجنوبيين ويضع الحركة الشعبية مباشرة أمام مسئولياتها التاريخية المتمثلة في التمسك و العمل الجاد علي جعل الوحدة خيارها التزاما بروح اتفاقية (نيفاشا) للسلام الشامل بعد أن يكون قد اسقط المبرر وانتفت الذرائع لطلب الانفصال و زالت تماما الأسباب التي تدفعها لهذا الخيار المر.
ومن بعد ليذهب دعاة الانفصال من (العروبيين) إلي الجحيم وليحملوا عصا الترحال إلي حيث مراقد جدودهم في جزيرة العرب كما يدعون وليلحق بهم الانفصاليون (المتأزنجون) و يرحلوا إلي مجاهل العمق الإفريقي وصلا لدمهم الأبتر وليتركونا نعيش أمنيين في سلام في سودان الوحدة و التنوع الذي ارتضيناه و لا نرى بديلا له.
فهل يا ترى يستطيع الترزي السوداني أن (ينستر) يوم (الوقفة) و يقضي حوائج الوطن قبيل مطلع العيد في التاسع من يناير 2011م؟؟؟؟ إن أملي وإيماني بالله عظيم.

تيسير حسن إدريس/ السعودية ? بريده/ 30/06/2010م

تعليق واحد

  1. عقد ورش عمل لتأهيل المواطن البسيط وتدريبه علي الطرق والقواعد المثلي للقيام بالأنشطة الزراعية و الرعوية و صيد الأسماك.
    ? إنشاء مزرعة جماعية أو عائلية نموذجية في كل ولاية أو مجموعة قرى كمثال يحتذي به لقيام مزارع أخرى بعد تمليك المواطن الأسس السليمة لإدارتها وضمان نجاحها. ?
    ? عقد دورات مكثفة لمحو الأمية.?
    ? عقد ورش نفير لإصحاح البيئة.?
    ? تجهيز قوافل صحية في المجالين البشري و البيطري.?
    ? تجهيز مستشفيات متنقلة لتقديم خدمات الطوارئ بالإضافة للتطعيم من الأمراض المستوطنة.?
    ? عقد ندوات التوعية الصحية خاصة التي تشرح خطر بعض الأمراض المتفشية في الجنوب مثل الملا ريا و عمى الأنهار و نقص المناعة المكتسبة (الايدز).?

    ( ايش ياخذ الريح من البلاط )
    هو الشمال هو عندو ايه

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..