كنية أصحاب المصلحة !ا

بلا انحناء
كنية أصحاب المصلحة !!

فاطمة غزالي
[email protected]

وما أن بدأت مأساة حرب دارفور في العام (2003) ظلّ المجتمع المدني الدارفوري قاسماً مشتركاً في دالة الأزمة الدارفورية التي تبلورت معالمها، حيث صارت بحجم أكبر كارثة إنسانية في العالم ، وصل مداها إلى تحريك كوامن القلق داخل أكبر منظومة دولية في العالم (الأمم المتحدة)، وتنادى أمينها العام كوفي عنان ووزراء خاريجية الدول العظمى إلى مشاهدة آثار الكارثة المتمثلة في عدد ليس بالقليل من القتلى ، مع توهان أكثر من مليوني نازح وآلاف اللاجئين في دوامة المعاناة الإنسانية التي لم تنتهِ سيناريوهاتها بعد ، مع أنّها عبرت أنباؤها المأساوية كل حدود العالم في وقت وجيز بحيث صارت دارفور أكثر شيوعاً من السودان القطر، وأصدرت بشأن أوضاعها ما يقارب الـ(20) قراراً دولياً.
من منطلق تفاعل المجتمع المدني الدارفوري مع الأزمة واستمراره كجزءٍ من الآليات المحركة لتدحرج القضية نحو اتجاهات الحل ، ومن زواية مشاركته الحقيقة في البحث عن مخرجٍ لأزمة الإقليم التي تزداد تعقيداً يوماً بعد يوم، طرق ممثلو المجتمع الدارفوري بوابات كثيرة للولوج إلى مؤتمرات محلية وإقليمية ودولية تبحث عن بداية الخيط لحل عقدة الأزمة ، وكان -أي المجتمع المدني- في كل مرحلة يأخذ كنية محددة تخرج من مطابخ مكر السّاسة بهدف استمالته أو إخراجه من مواعين التّضامن مع حملة السّلاح.
ففي العام (2005) إبّان ملتقيات طرابلس لأهل دارفور أُطلق على المجتمع المدني الدارفوري كنية “الأغلبية الصّامتة” في محاولة لتحييده بعد أن استشف المؤتمر الوطني تضامن الكثيرين من أهل دارفور مع أبنائهم في الحركات المسلحة، كما أدرك البعض أن كنية “الأغلبية الصامتة” أيضاً الهدف منها إرسال إشارات للحركات مفادها أنها لم تحمل السلاح برضا، أوبقرار أجمعت عليه الأغلبية من أهل دارفور، وبالتالي فإن للإغلبية الصّامتة الحق في أن تنضح بما في إنائها من رؤى حول حل قضية دارفور، إلا أنّ مكر النظام في محاولته لتحييد المجتمع المدني قابله المجتمع المدني الدارفوري بمكر أعظم منه، وكيد أكثر تأليماً حينما جعل أغلب رؤاه توابع تلِّفُ حول كوكب مطالب الحركات المسلحة مقتبسة من ضوء رؤاها، وهذا التمكار المتبادل دفع رئيس الوفد الحكومي المفاوض بالدوحة أمين حسن عمر يخاطب المجتمع المدني في اجتماعه الثاني في يوليو الماضي بلغة ساخنة حينما قال (إذا حضرتم هنا كحركات مسلحة تنطقون بلغتهم فلن يكون حديثي معكم على أساس إنكم مجتمع مدني)، فأثار حديثه غضب ممثلي المجتمع المدني الذين ردوا عليه بعبارات أكثر سخونة بقولهم (أعضاء الحركات المسلحة أبناؤنا وحملوا السلاح من أجلنا). بل ذهبوا بغضبهم إلى أكثر من الرد وطالبوه بالإعتذار.
إذاً القضية محسومة، فأغلب ممثلي المجتمع المدني تتوافق رؤاهم مع رؤى الحركات بشأن المطالب الدارفورية، وهذا ما جعل الحركات المسلحة تلتقط سريعاً الرسالة وتضع مطالب المجتمع المدني في ملتقى الدّوحة الثاني محاور أساسية في وثيقة التفاوض بجانب وثيقة “هايدلبيرج” التي خرجت من بنات أفكار المجتمع المدني السوداني.
مؤتمر المجتمع المدني الدارفوري هذه المرة في مؤتمره الثالث بالدوحة الذي سيختتم اليوم جاءت كنيته (مؤتمر أصحاب المصلحة)، نظر البعض إلى الكنية بأنها جاءت وتحمل في دواخلها معاني لا تخلو من الخبث الذي يتعامل به المؤتمر الوطني مع الحركات المسلحة، ومحاولة استفزازها بإشارات مفادها بأنها -أيّ الحركات المسلحة- ليست صاحبة ما تحصده من ثمار التفاوض بينها والوطني في محاولة لوضع نواة خلافات بين الحركات المسلحة والمجتمع المدني حول مكاسب الاتفاقية المقبلة، خاصة وأن المؤتمر الوطني قد اجتهد جداً لأن تكون الأغلبية الممثلة في اجتماع المجتمع المدني من منسوبي حزبه ، إلا أنّ مشاركة بعض القوى السياسية المعارضة بإستثناء حزب الأمة القومي الذي غُيّب من المؤتمر بفعل جهات لها أساليب قذرة ضللته من الطريق إلى الدّوحة ” لشيء في نفس يعقوب”.
عموماً مشاركة المعارضة في لجان المؤتمر أربكت حسابات الحزب الحاكم وأوقفت محاولات اختطافه المؤتمر الذي كان يأمل في أن تخرج مقرراته بمطالب تعضد موقفه في الوثيقة، خاصّة فيما يتعلق بمطلبي عودة دارفور للإقليم الواحد ولمن يؤول منصب نائب الرئيس الذي تتمسك الحركات بأحقيتها فيه؟. عموماً الكل في حالة ترقب وانتظار لما يخرج به مؤتمر أصحاب المصلحة بالرّغم من الشّوائب التي علقت ببعض (أطرافه).
الجريدة

تعليق واحد

  1. لاهل دارفور مطالب عادلة لا ينكرها الا مكابر….. متي ينجلي ليل دارفور الطويل فقد طالت المعاناة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..