المؤتمر الوطني أصبح مجرد فقاعة كبيرة

المؤتمر الوطني اصبح مجرد فقـاعة كبيرة
دانيال ابوشرى دانيال
[email protected]
قيـل في الماضي “كذب المنجمون ولو صدقوا”. في عصرنا هذا من العسـير ان يتكـهن المرء بما يجـري الان في السـاحة السياسية السـودانية هذا الأيـام من اختـلال في موازين الأوضـاع السياسية الراهنـة داخلية كانت ام خارجية. فالسـودان الشـمالي بتركـيبته الحالية اصبح مثل مشـلول ملقى على فراش الموت وهو يلفظ انفـاسه الاخيرة. وما زاد الطين بلة هو الركود من جانب الأحزاب التقليدية المعروفة ، باستثناء الحركة الشعبية لتحرير السـودان “قطـاع الشمال” ، التى انهكتها مواجهة النظام لسـنوات عددا ، اما الاخرين فقد تركوا الجمل بما حمل من بضاعة بائرة لا تشترى الا بثمن بخس . لقد فشـلت تلك الاحزاب فشـلآ زريعاً في بـلورة نظام سيـاسي واضح المعـالم، وهو ما يعتبر نذير شؤم للشعب السـوداني قاطـبة، مما ادى الى اسـتياء وغضب عام في الشـارع السوداني.
حكومة الكيزان القت بما تبقي من الوطن الى حافة الهاوية، وتجاوزت كل الخطـوط الحمـراء في غيـاب المعـارضة الفاعلة في البـلاد مما سـاعدت في تعميق هوة الخـلاف بين الحركة الشعبية والمؤتمر كشريكين في الحكم حسـبما اقتضته برتكولات اتفـاقية السـلام الشـامل في نيفـاشا الكينية.
إلا أن هذه البرتكولات قد نقضتها المؤتمر الوطني بعد تزويره للانتخـابات الولائية الأخيرة بين القائد عبدالعزيز الحـلو ، وأحمد هارون عضو حزب المؤتمر الوطني الحـاكم ، الهارب والمطـلوب من قبل الجنـاية الدولية لإرتكابه جرائم تتعلق بالتطهير العرقي وجرائم ضد الانسـانية في غرب السـودان.
لم يكـتفي النظـام بهذه الاخفـاقـات بل قام باعفـاء الوالي المنتخب لولاية النيـل الازرق ورئيس حزب الحركة الشعـبية لتحرير السـودان الشمـالي من منصـبه ، تلى ذلك هجوم عسكري غير متوقع على مواقع الجيش الشعبي لتحرير السودان بالدمازين بما فيها منزل والي الولاية المنتخب القائد مالك عقـار، ومواقع أخرى مما أدت الى انسـحابه عقار ومساعديه من تلك المناطق. كما شرد العديد من المواطنين الابرياء والعزل الى الحدود المتاخمة لجنوب السودان وإثيـوبـيا . فهذه الممـارسـات البربرية قد اجهضت برتكولات نيفاشا لتلك المناطق الشمـاليـة برمتها
وعلى كـل الفعاليات الوطنية وخاصة الأحزاب التقليدية نبذ اسلوب التبرج والنـفاق السـياسي والوقوف إلى جانب الحق، وليس إلى جانب نظام الإبادة الجماعية لان التاريخ لا يرحم.
ووجـود رؤسـاء وقيـادات تلك الأحـزاب داخل السـودان له مردود سـلبي في منـاهضة ومـقاومة النـظام الذي لا يرحم، ويقوم بتصفية جسـدية لمعـارضيه أو الزج بهم في معتقلاته دون محـاكمة، حتي الذين بلغوا أزل العمر. فما حدث للداعية الاسـلامي المسـن الشـيخ حسـن الـترابي ، وقيـادات الحركة الشعبيـة لتحرير السـودان رغم حصـانتهم السـياسـية مثـال حي للبطش وبلطـجة النظـام، ناهيك من اتهـامات زائفة باطـلة للأمين العـام للحركة الشعبـية المخضرم ياسـر سعـيد عرمـان بزيـارة دولة إسرائيل متناسين أن علم دولة إسـرائيل يرفرف في اجـواء بعض الدول عربيـة، بما فيهم الشقيقة جمهـورية مصـر العربية وغيـرها من الدول الصديقة للسـودان رغـم أنفهم .. “عينهم في الفيل ويطعنوا في ضله! ” ، هذه قمـة في الازدراء والنفـاق الســياسـي.
فاذا ارادت كل القـوى السياسية الوطنية بشقيها السـياسى والعسـكري التقلب على هذا النظـام المتسلط وقهره فلابد من لم الشـمل ، ضبط ايقـاعها ، وتوحـيد صفوفها لتكـون درعآ متيـنآ في مواجهة جبروت وغطرسة البشـير واعوانه امثـال نافع وغندور ومندور ، ويجب على المعارضة التنسيق مع المعارضة في الخارج و الاعتراف بجميع المكـونات السـياسـية وعدم اقصـاء المعـارضة الخـارجية لأن هذا الامر سيساعد على قلب النـظام الفاشي. وكما ذكرت سـلفاَ، بان توحـيد الصفوف يعـتبر الأسـلوب الأمثل والنـاجع قبـل فوات الآوان . كما ان المعـارضة خارج البلاد قد عدت عدتها في مواجهة ما يسمى بحكـومة الانقـاذ سيـاسيآ في أروقة ودهـاليز الأمم المتحـدة والدول الصديقة والمحبة للسـلام وفي انتظـار ضربة البـداية ، والتي لم تبـدأ الا من داخل الخرطـوم، فما حدث وما يحدث الآن في في الوطن العربي لها تداعياتها الخاصة ، فلابد لهذا القيـود أن تنكسـر في ثورة شـبابية كبرى حتى تنـال حقوقها المغتصبة ، وأن لا تترك مجـالآ لامتصاص حمـاستهم وطرحها على قـارعة الطريق . لأن حزب المؤتمر الوطني قد اصبح الآن مجرد فقـاعـات صـابونية كبيـرة . فلا تنـس ، اليوم جنـوب النـيل الأزرق وجنـوب كـردفان ، وغداً البجـا والمناصير وغيرهم . والى لـقاء…
——————
* كاتب صحافي، يكتب في عدة صحف سودانيه، ويقيم حاليا في ولايه اريزونا بالولايات المتحدة الامريكية